اخبار المغرب

شكوى السودان لدى العدل الدولية.. أي محاولة للانسلاخ من عبء جرائم الحرب؟

بدأت محكمة العدل الدولية، صباح الخميس، في لاهاي أولى جلسات النظر بالدعوى المرفوعة من الجيش السوداني ضد دولة الإمارات، التي تتهمها فيها دون بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية فيما يتعلق بادعاءات بدعم قوات الدعم السريع في الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين.

لكنها قررت في وقت لاحق من ذات اليوم، تأجيل الشكوى إلى موعد لاحق دون تحديد توقيت.

الاتهامات المقدمة من جانب القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات زائفة، حسب ريم كتيت نائبة مساعد الوزير للشؤون السياسية بوزارة الخارجية بالإمارات، خلال حديثها أمام محكمة العدل الدولية.

وقالت ممثلة الإمارات: “فكرة أن الإمارات هي التي تؤجج الصراع في السودان بعيدة عن الواقع وهذه الدعوة هي مثال لإساءة استخدام هذا الطرف للمؤسسات الدولية من أجل مهاجمة الإمارات في كل المناسبات من خلال التضليل وتقديم معلومات غير صحيحة”.

وأكدت أنه لا يوجد أي أساس قانوني لاختصاص محكمة العدل الدولية حول هذه القضية، مؤكدة: “نتمسك بموقفنا بعدم اختصاص المحكمة مع احترامنا للقانون الدولي”.

وقالت إنه منذ بداية الحرب، لم تقدم الإمارات أسلحة لأي طرف في النزاع، بل حرصت على تقديم الدعم الإنساني للسودانيين، حيث عملت الإمارات على تخفيف معاناة المتضررين، وتقديم المساعدات للمحتاجين في ظل الوضع الصعب الذي يعاني منه الشعب السوداني، مشيرة إلى أن ما يشهده السودان اليوم يفطر القلب، مع تصاعد العنف الذي يستهدف المدنيين، هذا إلى جانب الأعمال المروعة التي تشمل العنف الجنسي، وهو ما يستدعي ضرورة وقفه فورا، وأن يتحمل مقترفوا هذه الجرائم المسؤولية.

من جهتها قالت سفيرة الإمارات لدى هولندا، أميرة الحفتي، إنه على الجيش السوداني تحمل مسؤولياته مما يجرى في البلاد، مضيفة: “أمام الجيش السوداني خياران، إما أن يقر بمسؤوليته وأن يتعاون بشكل إيجابي وجدي مع الدعوات الإقليمية والدولية لإنهاء الكارثة، أو يستمر في سيناريو التباكي.”

وأوضحت أنه يلقي اللوم “على أطراف أخرى حول الأزمة التي ضربت بلاده، بدلا من تحمل مسؤولياته والرضوخ لدعوات ومحاولات إنهاء الحرب.”

 

تغطية على الجرائم

 

وفي أبرز الردود المحلية على شكوى السودان، قال وزير العدل السوداني السابق نصر الدين عبد الباري.إن الشكوى، خطوة “منافقة من مؤسسة يُفترض أن تحسب تاريخها الطويل في ارتكاب الإبادة الجماعية، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن القضية تحمل بعض الجوانب القانونية الجديدة، إلا أنها في نهاية الأمر ذات دافع سياسي بحت، وتفتقر إلى المصداقية الأخلاقية، نظرًا لسجل القوات المسلحة السودانية الطويل في ارتكاب فظائع الحرب.

 

انتهاكات موثقة

 

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف إبريل 2023، توثق الانتهاكات المروعة بحق المدنيين العزل، ارتكبها الجيش والقوات المتحالفة معه.

أكدت تقارير، ارتكاب الجيش،إعدامات ميدانية، واستمراره في القصف العشوائي لأماكن مزدحمة مثل الأسواق، وبأسلحة كيميائية محرّمة.

ومن ضمن ذلك، ما وثقته الأمم المتحدة في الثالث من الشهر الجاري، لعمليات قتل خارج إطار القانون، على نطاق واسع، ضد المدنيين في الخرطوم، عقب استعادة القوات المسلحة السودانية السيطرة على المدينة في 26 آذار/مارس المنصرم.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إنه يشعر “بفزع كبير إزاء التقارير الموثوقة التي تشير إلى وقوع العديد من حالات الإعدام بإجراءات موجزة لمدنيين في عدة مناطق من الخرطوم، للاشتباه، على ما يبدو، في تعاونهم مع قوات الدعم السريع”، داعيا إلى القوات المسلحة السودانية، إلى اتخاذ تدابير فورية لوضع حد “للحرمان التعسفي من الحق في الحياة”.

وأوضح أن مفوضية حقوق الإنسان، “راجعت العديد من مقاطع الفيديو المروعة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي منذ 26 آذار/مارس، يبدو أن جميعها قد صُوّرت في جنوب وشرق الخرطوم”، مضيفا: “تُظهر هذه المقاطع،، رجالا مسلحين بعضهم يرتدي الزي العسكري وآخرون بملابس مدنية ينفذون إعدامات بدم بارد ضد مدنيين، غالبا في أماكن عامة. “في بعض المقاطع، صرّح الجناة بأنهم يعاقبون مؤيدي قوات الدعم السريع”.

 

وخلال يناير من العام الجاري، قتل في هجوم شنه الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه على قرية كمبو طيبة بولاية الجزيرة في وسط السودان 26 شخصاً على الأقل، كما نهبت الجماعة الممتلكات المدنية بشكل منهجي، بما يشمل المؤن الغذائية، وأحرقت المنازل.

وأكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ارتكاب الجماعات المسلحة المقاتلة إلى جانب الجيش السوداني انتهاكات عنيفة ضد المدنيين في هجومها الأخير في ولاية الجزيرة، معتبرة أنه كان جزءاً من تصاعد دموي في هجمات الجماعات والميليشيات المتحالفة مع الجيش السوداني ضد المجتمعات في الجزيرة وغيرها من المناطق.

 

كما أجرى باحثو هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 8 ناجين من الهجوم على كمبو طيبة، كما شهدوا أيضا أحداثا رئيسية محيطة بهذا الهجوم. وحلل الباحثون صور الأقمار الصناعية، والصور الفوتوغرافية والفيديوهات التي شاركها الناجون وأظهرت جثث بعض القتلى، والأضرار الناجمة عن الحرائق التي تسبب فيها المهاجمون، ومقابر الضحايا، وقائمة تضم 13 قتيلا. كما أكدت لجنة من سكان كمبو طيبة شُكلت لإحصاء القتلى مقتل 26 شخصاً.

 

هذا الهجوم، أعقبته مجزرة مروعة، بسوق طرة إثر غارة جوية شنها طيران الجيش، قُتل فيها أكثر من 400 مدني وأصيب المئات، من بينهم نساء وأطفال وكبار في السن، وأحال القصف سوق المنطقة بأكملها إلى رماد.

وذكر تقرير لنيويورك تايمز، أن الجيش السوداني هجوماً دموياً آخر في مارس/ آذار، عبر غارة استهدفت سوقاً مزدحماً في منطقة دارفور غربي البلاد، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات، وفقاً لمجموعات رصد محلية وصفت الهجوم بأنه جريمة حرب، إذ قدّرت منظمات حقوقية عدد ضحايا القصف بـ200 مدني.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور من أعقاب الغارة في طورة، وهي بلدة صغيرة في شمال دارفور، عشرات الجثث المتفحمة وبقايا بشرية متناثرة على مساحة شاسعة مشتعلة في سوق البلدة.

وسبق أن نقلت الصحيفة الأمريكية مطلع الجاري عن أربعة مصادر أميركية أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية، مرتين على الأقل، ضد قوات «الدعم السريع».

وأكدت أن الجيش السوداني استخدم الأسلحة الكيميائية، في مناطق نائية من السودان، ضد عناصر من «قوات الدعم السريع»، كما يخشى الأميركيون من استخدامها في مناطق تكتظ بالسكان في العاصمة الخرطوم.

وأوضحت أن المعرفة ببرنامج الأسلحة الكيميائية السوداني مقتصرة على مجموعة صغيرة داخل الجيش، وأن البرهان هو الذي سمح باستخدام تلك الأسلحة ضد «قوات الدعم السريع».

هذه الانتهاكات التي اعتبرتها منظمات حقوقية جرائم حرب، أعقبها فرض عقوبات من الولايات المتحدة الأمريكية على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان.

وقالت الخارجية الأمريكية: “عرقل البرهان تقدم السلام، بما في ذلك رفض المشاركة في محادثات وقف إطلاق النار الدولية في سويسرا في أغسطس 2024، كما عرقل البرهان مرارا وتكرارا الانتقال السياسي إلى حكومة مدنية.”

وأكدت أن القوات المسلحة السودانية انتهكت القانون الإنساني الدولي وتجاهلت الالتزامات التي تعهدت بها في “إعلان جدة لعام 2023 للالتزام بحماية المدنيين في السودان”، مشيرة إلى أن “استخدام القوات المسلحة السودانية لحرمان الغذاء كتكتيك حرب وعرقلتها المتعمدة للتدفق الحر للمساعدات الإنسانية الطارئة لملايين السودانيين المحتاجين بشدة، ساهم في أكبر أزمة إنسانية في العالم، مما ترك أكثر من 25 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد وأكثر من 600 ألف يعانون من المجاعة”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *