شركة إماراتية تستعد للاستثمار في مشاريع تحلية مياه البحر وإنتاج الهيدروجين الأخضر بالمغرب
قال رئيس مجلس إدارة “إيميا باور” الإماراتية إن الشركة تستعد للدخول لأول مرة في مشاريع تحلية مياه البحر وإنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب، لتضاف إلى مجموعة مشاريعها الحالية والقيد التطوير لإنتاج الطاقة المتجددة.
تُشغل “إيميا باور”، وهي إحدى شركات “النويس للاستثمار” الإماراتية، حالياً أربع مشاريع للطاقة النظيفة في المغرب بقدرة إنتاجية إجمالية تتجاوز 200 ميغاواط. كما تمتلك مشاريع مماثلة في حوالي 20 دولة في أفريقيا وآسيا الوسطى، بقدرة إنتاجية للكهرباء تبلغ نحو 6000 ميغاواط.
وأفادت صحيفة “الشرق” التي أوردت الخبر أن المشروع الجديد المنتظر للشركة في المغرب سيركز على تحلية مياه البحر، باستثمار لا يقل عن 100 مليون دولار، بالتعاون مع الشركة الإسبانية المتخصصة في حلول الطاقة والمياه “Cox”، التي استحوذت “إيميا باور” على حصة في رأسمالها الشهر الماضي خلال طرح عام أولي في البورصة الإسبانية. كما تتطلع الشركة الإماراتية للاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال مشروع قد تصل قدرته إلى 1 غيغاواط، في جنوب المملكة.
وفي خطوة لتعزيز اهتمامها بالمغرب، أسست “إيميا باور” مكتباً في العاصمة الرباط العام الماضي، بهدف بحث الفرص الاستثمارية في المملكة. وأوضح النويس في تصريح لصحيفة الشرق أن المكتب يضم أطرا مغربية ويتعامل مع شركات القطاع الخاص الراغبة في التزود بالطاقة النظيفة، كما تم تحديد مواقع لمشاريع إضافية في مدن مثل الحاجب وتارودانت. وأكد النويس أن الحكومة المغربية تشجع الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر والهيدروجين الأخضر، مما يعزز الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق.
من خلال استحواذها على حصة في “Cox” الإسبانية، تتطلع “إيميا باور” لدخول مجال تحلية مياه البحر وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتستعد لتنفيذ مشاريع في الشرق الأوسط وأفريقيا. وقال النويس في هذا السياق: “نعتزم عبر شركة Cox الإسبانية تنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يعاني العديد من البلدان من شح المياه، وهو ما يستدعي تكاملاً في الخبرات والتجارب بيننا”.
وفي ظل استمرار موجات الجفاف التي تضرب المغرب منذ ست سنوات متتالية، تجد المملكة نفسها مضطرة لتبني تقنيات جديدة لتأمين المياه الصالحة للشرب لسكانها. في هذا السياق، أصبحت تقنية تحلية مياه البحر ليست فقط ضرورة بل حلاً حتميًا لا يمكن الاستغناء عنه، وفقًا لتقرير سابق نشره موقع “Vert.eco” في غشت الماضي.
وأوضح التقرير أنه رغم أن تحلية مياه البحر تبدو حلاً عاجلاً لأزمة المياه في المغرب، إلا أن هناك تساؤلات كبيرة حول مدى استدامة هذه التقنية على المدى الطويل. فالتأثيرات البيئية والمخاطر المرتبطة بالاعتماد المتزايد عليها قد تدفع البلاد إلى إعادة النظر في استراتيجياتها المائية، والبحث عن حلول أكثر استدامة للحفاظ على موارد المياه الطبيعية.
ولفت التقرير إلى أن عملية تحلية المياه تثير قلقًا كبيرًا بشأن تأثيراتها البيئية، خاصة فيما يتعلق بزيادة نسبة الملوحة في المحيطات نتيجة التخلص من المحلول الملحي المتبقي بعد التحلية. بالإضافة إلى ذلك، تعاني بعض الأنواع البحرية من تأثيرات سلبية نتيجة انخفاض نسبة الأكسجين في المياه، مما يؤثر على تكاثرها ونظمها البيئية بشكل عام.
وأشار المصدر ذاته إلى أن محطة تحلية مياه البحر بمدينة الحسيمة، في شمال شرق المغرب، تحتل مكانة بارزة ضمن الجهود الرامية لمواجهة أزمة المياه. فهذه المحطة، التي دخلت الخدمة في يونيو 2020، تعد الوحيدة على الساحل المتوسطي للمغرب، وقادرة على إنتاج 17,280 متر مكعب من المياه يوميًا، ما يكفي لسد احتياجات حوالي 200,000 نسمة، أي نحو 0.5% من سكان المغرب.
ومع استمرار الجفاف، بات واضحا، وفق التقرير، أن تحلية مياه البحر أصبحت الحل الوحيد لتلبية احتياجات السكان. مشيرا أن “التحلية لم تعد خيارًا، بل أصبحت ضرورة ملحة”. وفي الحسيمة، حيث يبلغ عدد السكان حوالي 450,000 نسمة، يعكس هذا الحل التحولات الجذرية التي يشهدها قطاع المياه بالمغرب.
وحذر من أن التحلية هي عملية مكلفة ومرهقة للطاقة، حيث تستهلك محطة الحسيمة نحو 20 مليون كيلوواط ساعي من الكهرباء سنويًا. هذا الاستهلاك يعادل ما تستخدمه حوالي 20,800 أسرة مغربية في السنة. وتشير الدراسات إلى أن الاعتماد على الطاقة التقليدية في عمليات التحلية يؤدي إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مما يفاقم من مشكلة التغير المناخي.
وامام توجه المغرب نحو بناء المزيد من محطات التحلية، يسعى إلى التخفيف من تأثيرات هذه العملية عبر اللجوء إلى مصادر الطاقة المتجددة. على سبيل المثال، ستعتمد محطة الدار البيضاء الكبرى، المتوقع تشغيلها في 2027، على الطاقة المتجددة بنسبة 100%، وستكون الأكبر في أفريقيا بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 مليون متر مكعب من المياه سنويًا.
المصدر: العمق المغربي