اخبار المغرب

“شخصنة الخطاب” تطغى على الأحزاب .. وعنف لفظي يُنذر بتنفير الشباب

طغى التراشق السياسي بين قيادات حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار عبر ملتقيي شبيبتي الحزبين، اللذين انعقدا خلال يومي الجمعة والسبت، فبعد اعتبارِ رئيس حزب “الحمامة” لدى افتتاح “جامعة الشباب الأحرار” الأمين العام لـ”البيجيدي “مؤشرا على الفشل السياسي”، ووصفِ راشيد الطالبي العالمي بدوره بنكيران، دون أن يشير إلى اسمه، بـ”الإنسان البدائي”، اغتنم الأمين العام لـ”المصباح” افتتاح ملتقى شبيبة العدالة والتنمية لتوجيه “انتقادات لاذعة” إلى عزيز أخنوش، معتبرا إيّاه “رجلا مسكينا جدا في السياسة، ومكيعرفش حتى يهضر”.

وفي تعليقهم على “ارتفاع حدة التراشق” بين “المصباح” و”الحمامة”، قال باحثون في العلوم السياسية، تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “رهان هذين الحزبين كغيرهما من الأحزاب المغربية على تشبيب النخب وتحفيز الشباب على الانخراط في العمل الحزبي يفرض أن يبقى محور التراشق السياسي حول البرامج والسياسيات العمومية دون أن يدخل في خانة الشخصنة لأنه يهدد بمفاقمة نسب العزوف عن المشاركة السياسية في أوساط الشباب”، فيما حذر آخرون “من تأثير الخطاب المعتمد من لدن النخب على تمثّل الشباب للتنافس السياسي”.

“ضبط التراشق”

معلّقا على الموضوع سجّل عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن “من الطبيعي، عبر الاحتكام إلى منطق العلوم السياسية، أن يعكس الخطاب الموظف من قبل الأحزاب موقعها داخل العمليّة السياسية، أي انتماءها إلى الأغلبية أو المعارضة، غير أن المفروض أن يظّل هذا الخطاب في منأى عن الابتذال والسبّ والشتم والقذف”.

وأوضح اليونسي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التراشق السياسي بين الفاعلين الحزبيين في المغرب يمكن أن يكون مفيدا في التحشيد السياسي الذي يدفع بفاعلين شباب إلى دخول المضمار السياسي، ومن ثمة المشاركة في المحطات الانتخابية، إذا ما تأطر الخطاب المعتمد خلاله بنقاش البرامج والسياسات العمومية على مستوى التشغيل أو الاستثمار أو الدعم الاجتماعي أو إذا كان محوره اختيارات إيديولوجية معيّنة”.

وتابع قائلا: “دون ذلك فإن ابتذال هذا التراشق، واتخاذه بعدا شخصيا من خلال التركيز على أشخاص الفاعلين الحزبيين، والنأي به عن القضايا التي تهمّ معيش وهموم المغاربة يهدد بلا شك بتعميق فقدان الثقة لدى الشباب المغربي في فاعلية الممارسة الحزبية، وهو ما يعني بالتالي زيادة العزوف عن المشاركة السياسية في أوساط هذه الفئة”، مبرزا في هذا الإطار أن “التراشق السياسي المتصاعد في بلادنا مؤخرا هو ترجمة لأزمة العمل الحزبي ببلادنا والتأطير الحزبي بالمغرب”.

“هوس الفرجة”

عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أبرز أن “التراشق بين قادة الأحزاب السياسية قد ينفّر العديد من الشباب من العمل السياسي، إلا أن عدد هؤلاء يظل قليلا مقارنة بمن سيثيرهم هذا التراشق وينجذبون إليه”، مشيرا إلى أنه “بحكم افتقار الشباب إلى الخبرة السياسية فإنه يميل إلى ما هو مثير ويضمن الفرجة في العمل السياسي، وهو ما يتحققّ في هذه الحالة، حيث لا يكاد يصدر ردّ زعيم حزب سياسي حتى يعقبه ردّ مضاد من زعيم آخر”.

وسجّل بنخطاب، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “الخطاب المعتمد مؤخرا من لدن قادة الأحزاب في الملتقيات الشبابية يثير المخاوف من تملكّ الشباب مفهوما خاطئا عن التنافس السياسي، الذي يقتضي التأطر بمبادئ وأدبيات الخطاب الموّجة نحو المنافسين، بما في ذلك عدم التوجه إلى شخصهم بالإساءة والشتائم المغلّفة”، محذرا من أن “حديث نخب الأحزاب المغربية عن خصومها في الآونة الأخيرة يستبطن عنفا لفظيا قد يحفّز الشباب على أنماط أخرى من العنف”.

وقال المتحدّث ذاته، وهو رئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية، إن “نخب الأحزاب السياسية مطالبة بالقطع مع الخطاب المعتمد على الشعبوية السياسية الذي يصاحبه عادة عنف لفظي، والانتقال إلى نقاش الأفكار والبرامج السياسية حتى تضمن بناء قواعد شبابية متشبعة بأدبيات وأخلاقيات الخطاب السياسي وترى في العمل السياسي ميدانا للتنافس في وضع برامج سياسية تستجيب لتطلعات المواطنين وليس لتقديم العروض المثيرة”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *