شبكة مغربية تربط “إعادة إنتاج أمصال العقارب” بدعم وتأهيل “معهد باستور”
نبهت “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة” إلى “ارتفاع معدل الوفيات الناجمة عن لسعات العقارب”، معتبرة الأمر مؤشرا دالا على “مشكلة صحية عامة بالمغرب” تتطلب أساسا “إعادة إنتاج الأمصال بمعهد باستور المغرب، وتعزيز مكانته كمؤسسة عمومية غير ربحية في إنتاج اللقاحات والأمصال وتطوير البحث العلمي”.
ودعت الشبكة الحقوقية ذاتها، في بلاغ لها توصلت به هسبريس، إلى “دعم وتأهيل معهد باستور كمؤسسة عمومية، ليلعب دوره كاملا في المنظومة الصحية الوطنية والسياسة الوبائية والبحث العلمي في ظل الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية”، منادية بـ”إعادة فتح مصلحة لإنتاج الأمصال المتخصصة عالية الكفاءة والفاعلية في معادلة سموم الثعابين والعقارب ووحدات إنتاج اللقاحات ودعم البحث العلمي وتحسين الحياة المهنية والمعيشية للأطر والكفاءات العاملة بالمعهد وفق قانون أساسي خاص”.
وأكد البلاغ ضرورة “التنسيق بين معهد باستور المغرب والمركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية في إطار الاستراتيجية الوطنية لمحاربة التسممات الناتجة عن لسعة العقارب والأفاعي والحشرات المضرة والتسممات الغذائية والدوائية والبيئية بإعداد فريق من الخبراء للبحث العلمي والتقييم والاستشارة، وتيسير عملية استعمال التكنولوجيا الحديثة في المختبرات”.
كما دعا المصدر ذاته إلى “إنشاء ملحقات جهوية للمعهد المختص” وكذا “توفير الموارد المالية الكافية لعمليات إنتاج الأمصال المحلية”، مع “وضع خطة وطنية للتحديد المسبق لصلاحية الأمصال العلاجية”.
“وفيات بسبب غياب الأمصال”
حسب “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة”، فإن “حالات التعرض للسعات العقارب ولدغات الأفاعي تزداد مع ارتفاع غير مسبوق لدرجات الحرارة في عدد من مناطق المغرب يتجاوز 45 درجة، ليزداد معها كابوس الخوف والقلق وسط الأسر المغربية من خطر تعرض أطفالها لسموم هذه الزواحف القاتلة”.
ونبهت الشبكة إلى ما وقع، مؤخرا، بجماعات بإقليم تنغير وحاحا بالصويرة وقلعة السراغنة والرحامنة وتزنيت وسيدي إفني وأقاليم الراشيدية ورزازات وزاكورة مع وفيات المصابين لتأخر علاجهم، خاصة بالمناطق التي يكون فيها الوصول إلى الرعاية الطبية محدودا وبطء التدخل للإنعاش الطبي للمصاب بلسعة عقرب ووضعه تحت الرعاية الفائقة وبرتوكول علاج خاص”.
وحذرت الهيئة سالفة الذكر من أن “الحالة الوبائية للتسممات والوفيات الناتجة عن لسعات العقارب بالمغرب ما زالت تثير القلق وتنذر بالخطر أمام تزايد الإصابات القاتلة”، مستحضرة معطيات مركز محاربة التسمم واليقظة الدوائية بالمغرب تؤكد أن لسعات العقارب بالمرتبة الأولى (بنحو 25 ألف حالة سنويا) من مجموع التسممات، مع ما يقارب 80 وفاة، 95 في المائة منها لأطفال دون سن الـ15.
ورغم إشادته بـ”المجهودات المحمودة للمركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، للوقاية وتخفيض نسبة الوفيات بتوفير الأدوية الأساسية والضرورية لإنعاش المصاب وتقديم العلاجات الأولية”؛ فإن عليا لطفي، رئيس “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة”، أكد أنها “تبقى غير كافية”، معددا “عوامل ناتجة عن غياب الأمصال المضادة لسموم العقارب، وضعف التمويل وقلة الموارد البشرية المؤهلة، وبُعد المراكز الاستشفائية، فضلا عن غياب وسائل النقل التي من المفروض أن توفرها الجماعات القروية والترابية مجانا، لتقديم المساعدة لأشخاص مصابين في حالة خطر”.
انتقاد خوصصة “معهد باستور المغرب”
أكدت “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة” أن معهد باستور بالمغرب “مؤسسة عمومية قادرة على إنتاج الأمصال واللقاحات؛ خلافا لبعض الأطروحات والمبررات غير العلمية بخصوص جدوى إنتاج الأمصال ضد سموم العقارب بالمغرب”.
بهذا الخصوص، قال لطفي، في إفادات لهسبريس، إن “معهد باستور المغرب كان ينتج الأمصال ضد سموم العقارب بمعايير ترقى للجودة اللازمة فيما يخص النجاعة والمأمونية، ومراقبة استيفاء شروط الجودة والسلامة في إنتاج الأمصال العلاجية المحلية”، منتقدا ما يتم من “محاولات في أفق خوصصته؛ لأنه يتوفر على خبراء وأطر وكفاءات عالية ومركز الأمصال واللقاحات، ومختبر السموم والسمية لدراسة سموم العقارب والأفاعي كيميائيا ومناعيا وتطوير مضادات السموم وتحليل وتقييم مكوناتها”.
وزاد الفاعل المدني ذاته شارحا: “كان يتولى مسؤولية إعداد وإنتاج نوعية عالية الجودة من الأمصال تغطي احتياجات المملكة ودول إفريقية عند الطلب؛ لكن كل هذه الخدمات الصحية المتعلقة بالإنتاج توقفت لأسباب غير علمية تمهد للقضاء النهائي على معهد باستور المغرب لفتح المجال أمام القطاع الخاص وخوصصة هذه المؤسسة العلمية العمومية التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية والتي لها مكانة علمية على المستوى الدولي بانخراطها في “باستور الدولية”.
“القدرة على إنتاج أمصال عالية الجودة”
من جهته، أكد ياسين زهير، دكتور باحث في “معهد باستور المغرب” (تخصص البيولوجيا الدقيقة والمجهرية)، “غياب التنسيق بين مركز محاربة التسمم والمعهد”، مشيرا إلى أن “معهد باستور، بخبرته التي تعود إلى بدايات الاستقلال، بإمكانه وقادر على العودة إلى إنتاج أمصال سموم العقارب، بعد توقف هذه المهمة منذ نهاية التسعينيات”.
وقال زهير، في تصريح لـ هسبريس، إن “المغرب يستورد حاليا أمصالا من الخارج تظل نجاعتها وفعاليتها محل تساؤل كبير، خاصة أن نوعيتها لا تناسب نوعية سُمية العقارب الموجودة بالمغرب”، مشيرا إلى أن “التكلفة المالية العالية لإنتاج أمصال ضد سموم العقارب هي التي كانت السبب المعلَن لتوقف إنتاجها بالمغرب”.
وشرح الدكتور المختص قائلا: “لا يمكن مقارنة أرباح شركات إنتاج الأمصال واللقاحات بتكلفة ربح حفظ الأرواح؛ فالأخيرة أولى، وتوفير نجاعة يقتضي تطوير أمصال مضادة، انطلاقا من نوعية السموم والتي هناك مختبرات خاصة لدراستها”.
وخلص المتحدث عينه إلى أن “محاولات جارية، منذ عام، لخوصصة معهد باستور لن تسهم بالتأكيد في عودته لنشاطه المعهود بخصوص تطوير أمصال مضادة للدغات العقارب”.
المصدر: هسبريس