شبكة مدنية تنادي بسياسة وقائية للتقليص من تفشي السرطان في المغرب
دقت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة ناقوس الخطر بخصوص تفشي مرض السرطان بشكل مهول في المغرب، الذي يُعتبر من الدول التي يتفشى فيها هذا الداء بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، داعية إلى التركيز على الوقاية، باعتبارها المدخل الأساس لمحاصرة الداء الذي يفتك بآلاف المغاربة كل عام.
التقرير الصادر بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة السرطان، الذي يصادف 4 فبراير من كل سنة، حذر من المؤشرات الوبائية المقلقة لمرض السرطان في المملكة، إذ تظل نسبة الإماتة بهذا المرض مرتفعة جدا، “رغم كل المجهودات المهمة التي بذلها المغرب خلال السنوات الأخيرة”.
وتُعد السرطانات ثاني أكثر الأمراض المسببة للوفاة في المغرب، بعد أمراض القلب والشرايين بنسبة 13.4 في المائة، بينما تسجّل المملكة حوالي 50 ألف حالة جديدة من السرطان كل سنة، ويبلغ معدل الإصابة 137.3 حالة جديدة لكل 100 ألف من السكان.
ويأتي سرطان الثدي عند النساء في الرتبة الأولى بنسبة 38 في المائة من مجموع سرطانات الإناث، يليه سرطان عنق الرحم. ولدى الذكور يشكل سرطان الرئة السرطان الرئيسي بنسبة 22 في المائة، يليه سرطان البروستات بنسبة 12.6 في المائة.
علي لطفي، الكاتب العام للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، اعتبر أن الدولة، وجمعيات المجتمع المدني، خاصة مؤسسة للا سلمى لمحاربة السرطان، قامت بمجهودات كبيرة لمحاصرة هذا المرض.
وقال لطفي في تصريح لهسبريس: “تم القيام بمجهود كبيرة وغير مسبوق في القارة الإفريقية والعالم العربي، إذ تم تطوير إمكانيات التكفل بالعلاج والأدوية، لكن هذا المجهود لن يحدّ من الارتفاع المهول لعدد الإصابات بالسرطان، لأننا تخلّينا عن الوقاية”.
ورغم أن وزارة الصحة عملت على بلورة عدة برامج وقائية لمحاربة الأمراض المتنقلة والمزمنة والسارية، بما فيها برنامج الوقاية من السرطان، فإن “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة” اعتبرت أن هذه البرامج لم تتمكن من تحقيق الأهداف المسطرة لها بسبب ضعف التمويل والبنية التحتية، والموارد البشرية المتخصصة، “وبالتالي عدم القدرة على ضمان ولوج عادل ومتكافئ للعلاجات في مجال الأنكولوجيا على امتداد ربوع المملكة”.
ووضعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية مخططا وطنيا للوقاية ومراقبة السرطان 20202029، يهدف إلى “تقليص نسبة المراضة والإماتة التي تحدث بسبب الإصابة بالسرطان، والعمل على تحسين جودة حياة المرضى ومحيطهم”.
واعتبر علي لطفي أن علاج السرطان يظل مكلفا جدا لميزانية أي دولة، إذ تخصص وزارة الصحة والحماية الاجتماعية 300 مليون درهم سنويا كميزانية للعلاج فقط.
“علاوة على الكلفة المالية لعلاج مرضى السرطان فإن الوصول إلى مرحلة العلاج له أيضا كلفة بشرية، فرغم إمكانية الشفاء من بعض أنواع السرطان فإن غالبيتها قاتل”، يردف لطفي.
وتابع المتحدث ذاته: “العمل الجبار الذي تقوم به مؤسسة للا سلمى، من دعم لوجستيكي ودوائي، لن يكفي لوقف زحف السرطان، ولا بد من وضع سياسة وقائية قائمة على منهجية تشاركية ومتعددة الأطراف، لاسيما أن التعاطي للتدخين والكحول، وهما من بين الأسباب الرئيسية لهذا المرض، منتشر على نطاق واسع”.
وترى الشبكة المغربية من أجل الحق في الصحة والحق في الحياة أنه من الصعب تحقيق أهداف المخطط الوطني لمحاربة السرطان وأهداف التنمية المستدامة لسنة 2030، في ظل انتشار غير مسبوق للعوامل المسببة للسرطان، مشددة على أن “الحل الحقيقي يكمن في الوقاية بأبعادها الثقافية والسلوكية والقانونية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والصحية”.
ووصفت الشبكة المؤشرات المتعلقة بالتدخين وتعاطي الكحول في المغرب بـ”المقلقة”، لافتة إلى أن المغرب يُعتبر من أكبر البلدان استهلاكا للسجائر بـ 15 مليار سيجارة في السنة، وهو ما يرفع من نسب سرطان الرئة؛ كما انتقدت “السماح باستعمال السيجارة الإلكترونية والترويج لها وتسويقها في أوساط الشباب رغم كونها مضرة ومسبب للسرطان، واستهلاك السجائر المهربة”.
وإضافة إلى التبغ والكحول، أشارت الشبكة إلى أن هناك مسببات أخرى كثيرة لمرض السرطان، كالمواد الغذائية، من خضر وفواكه ولحوم وأسماك، “التي تباع في الأسواق وخارج أي مراقبة صحية”.
وكانت تقرير للمركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، التابع لوزارة الصحة، أفاد بأن أكثر من 90 في المائة من التسممات الغذائية المسجلة في المغرب، بعد الأدوية، ناتجة عن تلوث الأطعمة بالميكروبات، وما يقرب من 10 في المائة ناتجة عن مواد كيميائية.
وشدد علي لطفي على أن الوقاية “هي المدخل الأساس للحد من انتشار مرض السرطان، أما إذا انتظرنا حتى الوصول إلى مرحلة المرض فإن حياة المواطنين تصير مهددة، إضافة إلى ما تتكبده الدولة من تكلفة مالية باهظة لتوفير العلاجات والأدوية”.
المصدر: هسبريس