في مشهد مؤلم يكشف حجم الهشاشة والتقصير في بعض مناطق المغرب العميق، كاد شاب عشريني أن يفقد حياته بعدما لدغته أفعى سامة أثناء رعيه للغنم بضواحي دوار “تركانت”، التابع لجماعة أقا إيغان بإقليم طاطا.

الشاب محمد سبابو، ذو الـ25 ربيعا كان يرعى قطيع غنم في ملكية أسرته بمنطقة خلاء على أطراف الدوار، قبل أن تلدغه “أفعى قرناء” معروفة بسمّها القاتل في المنطقة، شلّت حركته، فهوى على التراب منهكا، يصارع الألم، منتظرا أن يصادفه أحد المارّة وسط تضاريس وعرة وبعيدة عن أقرب مركز صحي.

وبعد مرور بعض الوقت، مر شخص بدراجة نارية، فقام بحمله على متنها وقطع به حوالي 11 كيلومترا إلى أن وصلا إلى مركز الجماعة الترابية أقا إيغان.

وحسب ما نقلته مصادر محلية لجريدة “العمق”، فقد فوجئ المواطنون هناك بإخبارهم أن سيارة الإسعاف الوحيدة التابعة للجماعة المذكورة معطلة منذ أكثر من شهرين، دون أي تدخل لإصلاحها.

وعندما طلب مرافقو الشاب محمد إستخدام سيارة المصلحة لنقله على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي، قوبل الطلب بالرفض من طرف المسؤولين المحليين، وخصوصا رئيس الجماعة، بدعوى أن الأمر “خارج الاختصاص”، وفق المصادر ذاتها.

أمام هذا الإهمال، ووسط حالة من الذعر والخوف من تدهور حالته الصحية، تدخلت إحدى الجمعيات المحلية التي وفرت سيارة إسعاف ونقلت الشاب نحو المستشفى الإقليمي بطاطا. هناك، اصطدم الطاقم الطبي بغياب مصل مضاد لسم الأفعى، مما اضطرهم لتحويل الشاب بسرعة نحو المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير.

وخلال الرحلة التي استغرقت ساعات، بدأت حالة الشاب العشريني تتدهور بشكل مقلق إلى أن فقد الوعي في الطريق، مما استدعى إدخاله مباشرة إلى مصلحة العناية المركزة فور وصوله إلى أكادير، في ظروف حرجة، قبل أن تتحسّن تدريجيا، بحسب معطيات توصلت بها جريدة “العمق” من مصادر طبية غير رسمية.

وأثار هذا الحادث موجة استنكار واسعة بين ساكنة المنطقة، الذين اعتبروا أن ما وقع هو نتيجة مباشرة لتقاعس الجماعة في صيانة سيارة الإسعاف، و“رفض رئيسها تحمل مسؤوليته الإنسانية والأخلاقية”، وفق تعبير عدد من المواطنين الذين تحدثوا لجريدة “”.

من جهتها، دعت فعاليات مدنية إلى فتح تحقيق عاجل في الموضوع، وترتيب المسؤوليات الإدارية والقانونية، لا سيما أن الحديث يدور عن حياة طفل كان بالإمكان إنقاذها بشكل أسرع لولا تعثر خدمات الإسعاف وغياب التنسيق مع المصالح الصحية.

ولم تفوّت المصادر عينها الفرصة لتنبيه الجهات المختصة بكل درجاتها ومستوياتها، إلى ضرورة تزويد المراكز الصحية بالأمصال المضادة للسموم، وتفعيل آليات التدخل السريع دون الارتباط بحسابات سياسية أو انتخابية، خاصة في المناطق النائية المعروفة بخطر الأفاعي والعقارب، بإعتبار أن الولوج إلى العلاج يعد حقا وليس إمتيازا.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.