سيدي ابراهيم.. واحة تسيل لعاب مافيا العقار بمراكش يستفحل فيها البناء العشوائي أمام السلطات
استفحلت في الآونة الأخيرة أشغال البناء العشوائي بواحة سيدي ابراهيم بمراكش، وأعادت للذاكرة اعتقال الرئيس السابق للجماعة، بعد تورطه في طلب رشوة قدرها 11 مليون سنتيم من مهاجر مغربي لمنحه رخصة للبناء في دائرة نفوذ اختصاصه.
وتُعرف واحة سيدي ابراهيم بكونها منطقة تضم العديد من المنتجعات السياحية المصنفة، مما يفتح شهية المستثمرين في تشييد وحدات سياحية وفيلات فاخرة معدة للكراء اليومي، رغم غياب تصميم التهيئة الحضرية، وأمام أعين السلطات المحلية والإقليمية.
وما يغيض في هذا الوضع، هو السماح للمستثمرين وأصحاب النفوذ في تشييد بناياتهم، مقابل حرمان الساكنة من الخدمات الأساسية، منها رخص البناء والإصلاح والربط بقنوات الصرف الصحي.
واحة استراتيجية
في تعليق على الواقعة، قال الناشط الحقوقي بمدينة مراكش، محمد الهروالي، إن واحة سيدي ابراهيم منطقة جغرافية تسيل لعاب مافيا العقار والبناء العشوائي الراقي نظرا لموقعها الاستراتيجي القريب من مدينة مراكش، والمتخامة للطريق السيار المؤدي لمدينة الدار البيضاء.
وأضاف المتحدث أن واحة سيدي ابراهيم تقع بجانب أهم المنتجعات السياحية والفنادق والملاهي وملاعب الغولف بالمدينة الحمراء، مما يجعل أنظار المستثمرين متجهين نحوها، ليبقى الإشكال المطروح هو كيف يتم السماح بتشييد هذه البنايات بالرغم من عدم وجود تصميم التهيئة الحضرية بجماعة سيدي ابراهيم؟.
وقال الهروالي في تصريح لجريدة “العمق”، إن عملية بناء الفيلات الفاخرة المعدة لتقديم خدمات سياحية راقية، تتم في ظروف “عشوائية وخارج القانون دون تصميم التهيئة، وعلى مرأى من السلطات، في عمليات تدخل في إطار التجزيء السري العلني خارج ضوابط الوكالة الحضرية”.
حرمان ووهْب
المفارقة الغريبة في الموضوع، وفق تصريح الهروالي، هو السماح للمستثمرين ببناء مشاريع سياحية والسماح لهم بالاستفادة من خدمات الإنارة العمومية وقنوات الصرف الصحي التي تغيب عن تراب الجماعة، مقابل حرمان المواطنين وساكنة جماعة سيدي ابراهيم، من أبسط ظروف العيش الكريم.
وأضاف المتحدث أن “استفحال البناء العشوائي الراقي” يقع وسط انعدام شروط العيش الكريم لساكنة جماعة واحة سيدي ابراهيم، مسجلا “غياب الماء الصالح للشرب والربط بقنوات الصرف الصحي، وضعف البنيات التحتية”.
وأوضح الهروالي أن اعتماد ساكنة مثلا على حفر تقليدية بدل قنوات الصرف الصحي سيسبب في كارثة مستقبلية، بسبب الأضرار التي ستتسرب إلى الفرشة المائية.
“ما تبدل صاحبك غير بما اكفس”
الهروالي، في التصريح ذاته، قال إن ساكنة جماعة واحة سيدي ابراهيم استبشر قبل سنتين بعد وضع الرئيس السابق للجماعة السجن بتهم الارتشاء وابتزاز مستثمرين، إلا أن عودة هذه الممارسات تؤكد مقولة “ما تبدل صاحبك غير بما اكفس منوا”، وذلك في إشارة إلى استمرار عمليات البناء العشوائي وحرمان المواطنين من رخص الإصلاح والبناء.
كما استنكر الناشط الحقوقي استمرار هذه الأوضاع أمام أعين السلطات المحلية والإقليمية، مبديا شكوكه أن يكون “سياسيون نافذون وراء التمييز الحاصل في جماعة واحة سيدي ابراهيم”.
اعتقال رئيس الجماعة
في سنة 2021، أيدت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمراكش، الحكم الابتدائي الصادر في حق رئيس جماعة واحة سيدي إبراهيم المعزول والبرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة عبد الرحيم الكامل، في قضية تتعلق بـ”تلقي رشوة مقابل تسليم وثيقة إدارية”.
وسبق لغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف ذاتها، أن أدانت الكامل يوم 15 يوليوز الماضي، على خلفية القضية المذكورة بالسجن النافذ 6 سنوات وغرامة مالية 600 ألف درهم، إضافة إلى أداء درهم رمزي لفائدة الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة ترانسبارنسي، باعتبارها مطالبا بالحق المدني في القضية.
وكان رئيس جماعة واحة سيدي ابراهيم المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، قد اعتقل يوم الثلاثاء 21 يناير 2020، من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بناء على شكاية مهاجر مغربي بإحدى الدول الأوروبية، ليحال يوم الجمعة 24 يناير 2020 أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش بتهمة تسلمه 11 مليون سنتيم على سبيل الرشوة مقابل منح الطرف المشتكي رخصة للبناء في دائرة نفوذ اختصاصه المكاني.
المصدر: العمق المغربي