سوء استغلال النفوذ وتقويض لقيم الشفافية والنزاهة
في تطور مثير لأحداث اختبارات التأهيل الخاصة بالخطابة والإمامة والأذان التي أُجريت في المجلس العلمي المحلي بخنيفرة، أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة، بيانًا شديد اللهجة، عبَّرت فيه عن بالغ القلق والاستنكار لما بات يُعرف على الصعيد الوطني بفضيحة تزوير محاضر اختبارات التأهيل. حيث اعتبرت الجمعية أن هذه الأفعال تمثل إساءة استغلال للنفوذ والوظيفة، وتعد انتهاكًا لقيم الشفافية والنزاهة وسيادة القانون، وهو ما يعمق أزمة الفساد في البلاد.
تعود بداية هذه القضية إلى ما كشفه إدريس إدريسي، عضو المجلس العلمي المحلي بخنيفرة، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي في “فيسبوك”. حيث أفاد إدريسي بوجود خروقات جسيمة شابت اختبارات التأهيل الخاصة بالخطابة والإمامة والأذان في الدورة الأخيرة. وقال إدريسي إن محاضر بعض اللجان قد تم تغييرها وتزوير نتائجها من قبل رئيس المجلس وأعضاء آخرين، وذلك تحت تأثير ضغوطات من جهات نافذة داخل المؤسسة العلمية. وأوضح إدريسي أنه حاول جاهداً إقناع المعنيين بالتراجع عن هذه الممارسات غير القانونية، إلا أن إصرارهم على موقفهم دفعه إلى نشر هذه الواقعة عبر وسائل الإعلام.
وفي بيانه، استشهد إدريسي بآيات قرآنية تدعو إلى قول الحق وعدم كتمانه، مشيرًا إلى أن هذه الأمانة العلمية التي أوكلت إليه من قبل أمير المؤمنين الملك محمد السادس، تقتضي منه إبلاغ الحقيقة بكل وضوح رغم الضغوطات التي تعرض لها. وأكد أنه يملك الأدلة القطعية التي تدعم صحة ما يقوله، وأنه لن يتراجع عن الكشف عن هذه الفضيحة مهما كانت الضغوطات.
وفي هذا السياق، أعلنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة عن استنكارها الشديد لما جرى. وأكدت الجمعية أن ما وقع يشكل “إساءة استغلال للوظيفة والنفوذ” ويقوض القيم الأخلاقية للشفافية والنزاهة، مما يعزز الفساد ويفاقم من أوجه عدم المساواة في البلاد. وأعربت الجمعية عن تضامنها الكامل مع إدريسي في مبادرته الشجاعة، مؤكدة أن تصرفه يساهم في فضح الفساد الذي يهدد مصداقية المؤسسات العلمية.
وأشارت الجمعية إلى أن الفساد بمختلف أشكاله يعيد إنتاج اللاتكافؤ والتمييز، ويقوض مبادئ العدالة والمساواة، ما يهدد استقرار المجتمع. وأضافت الجمعية في بيانها أنها لن تدخر جهداً في متابعة هذا الملف وتقديم الدعم اللازم للمطالبة بتحقيق نزيه وشفاف.
كما دعت الجمعية إلى فتح تحقيق موسع من قبل المجلس العلمي الأعلى في القضية، ومحاسبة كل المتورطين فيها، مُحذرة من الدخول في سجالات عقيمة مع السيد إدريسي، خصوصاً أن هناك شكوكًا عديدة تحوم حول القضية. ودعت الجمعية أيضًا النيابة العامة بخنيفرة إلى تفعيل صلاحياتها القانونية لمكافحة الفساد، وإجراء التحقيقات اللازمة لضمان محاسبة المسؤولين.
أكد كبير قاشا، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة، في تصريحات سابقة لجريدة “العمق” تضامنه الكامل مع الأستاذ إدريسي، مشيرا إلى أن ما حدث داخل المجلس العلمي المحلي يشكل خرقا خطيرا لمبادئ العدالة والمساواة. وأضاف قاشا أن الجمعية تؤيد دعوة إدريسي لتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في هذه الخروقات. كما دعا إلى محاسبة المسؤولين عن تقويض مبادئ الشفافية في مؤسسة علمية كان من المفترض أن تكون نموذجًا في نشر القيم الإسلامية وتعليم المجتمع.
وأعرب قاشا عن استنكار الجمعية لكل ما يساهم في ترسيخ الفساد، داعيًا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في هذه القضية وضمان تقديم المسؤولين عن هذه التجاوزات إلى العدالة.
في أعقاب هذه الاتهامات، أصدرت الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى توضيحًا رسميًا نفت فيه جملةً وتفصيلًا ما ورد في تدوينة إدريسي. وأكد المجلس العلمي الأعلى أن “التبليغ عن تغيير المحاضر مجرد ادعاء كاذب” لا يستند إلى أي وثائق أو أدلة.
كما أضاف البيان أن الاختبارات أُجريت وفق المساطر القانونية المنصوص عليها، مشيرًا إلى أن عمل المجلس العلمي بخنيفرة “متميز” في محيطه المحلي. كما أوضح أن الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الشفافية والحفاظ على نزاهة عمل المجالس العلمية المحلية.
المصدر: العمق المغربي