سنتان بعد عودة الدفء لعلاقات المغرب وإسبانيا .. روابط مميزة وملفات مشتركة
مرت سنتان على الاتفاق المغربي الإسباني الذي أعاد العلاقات بين الجارين إلى نصابها، إذ يشهد البلدان منذ اتفاق السابع من أبريل 2022 مسارا عمليا عرف محطات متميزة.
وفي هذا الإطار، قال عبد الفتاح الفاتيحي، الخبير في العلاقات الدولية، إنه “شتان ما بين العلاقات غداة الأزمة الدبلوماسية وبين الاتفاق على خارطة طريق تضبط رؤية البلدين في علاقات تعاون ثنائية وإقليمية في المنطقة، سواء على المستوى الأوروبي بحكم الشراكة والوضع المتقدم للمملكة المغربية أو على المستوى الإفريقي حيث تريد إسبانيا تعزيز مساحات مهمة داخلها”.
وأضاف الفاتيحي، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “بتقييم واقع العلاقات الإسبانية المغربية هناك تطور تجاري واقتصادي مهم تعكسه الأرقام والمؤشرات الصادرة عن العديد من التقارير. أما من الناحية الدبلوماسية فإن تنشيط القنوات الدبلوماسية بين البلدين هو الذي يكبح مساعي إعادة وقوع توتر في العلاقات بين البلدين مرة أخرى”.
ونبه الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “صمود الموقف الإسباني ضد المناورات والضغوط الجزائرية بالتعاون مع الأحزاب الدينية الإسبانية كشفت أن خطوة التوقيع على خارطة الطريق بين البلدين كانت متينة وقوية بالقدر الذي يمكنها من مقاومة العديد من حالات رفض التقارب المغربي الاسباني”.
وأكد المتحدث ذاته أن “الرؤية اليوم تحقق نتائج إيجابية، وهو ما سيزيد من أهميتها وسيسهم في التخفيف من الرؤى السلبية؛ وهو ما يفسر تنامي تطوير العلاقات في مناح استثمارية مهمة يعكسها تنسيق مشترك على مستوى المشاريع المستقبلية المتعلقة بتنظيم كأس العالم وكذا تحسن علاقات التعاون في المجال الأمني ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود وفي الهجرة السرية وغيرها من الملفات الشائكة”.
وأبرز الفاتيحي أن هناك “إجماعا على تنامي العلاقات البينية على كافة المستويات، وكافة التقييمات تبقى إيجابية بالمقارنة مع واقع ما قبل الأزمة؛ وهو ما سيدعم استمرار تجويد العلاقات في المستقبل”، لافتا إلى أن هذا الوضع “دعا الجزائر إلى إعادة سفيرها إلى إسبانيا، بعدما سحبته على خلفية تأييد إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها من أكثر الحلول واقعية ومصداقية لحل نزاع الصحراء”.
من جانبه، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إنه “تم الاتفاق على محددات جوهرية في معالجة الملفات السياسية والاقتصادية المطروحة فوق طاولة الحوار الاستراتيجي المغربي الإسباني تمثلت في الثقة والشفافية والاحترام المتبادل والوفاء بالالتزامات”.
وأوضح الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، ضمن تصريح لهسبريس، أن “المملكة المغربية، كقوة إقليمية في غرب المتوسط بامتدادات دبلوماسية عريقة وشبكة علاقات دولية واسعة، تشتغل وفق مقاربة دبلوماسية تشاركية مبنية على الالتزام بالقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية واحترام سيادة الدول وشؤونها الداخلية”، مشيرا إلى “موقف الدولة الإسبانية الواقعي من قضية الوحدة الترابية للمملكة، ودعمها الصريح والعلني لمبادرة الحكم الذاتي المعبر عنه في البيان المشترك المعتمد في 7 أبريل 2022، والإعلان المشترك الصادر في ختام الدورة الـ12 للاجتماع رفيع المستوى المغرب إسبانيا المنعقد في 2 فبراير 2023 باعتباره الحل السياسي الأكثر جدية وواقعية ومصداقية حيث يمكن اعتباره بداية عصر جديد من التوافق الحضاري بين أمتين عريقتين تربطهما أواصر صداقة قديمة تمتد لآلاف السنين”.
وأكد المتحدث ذاته أن الاتفاق الذي تم توقيعه قبل سنتين “كانت له انعكاسات إيجابية على تعاطي الرباط ومدريد في سياق إقليمي معقد للجهود المبذولة لمعالجة العديد من الملفات المشتركة من أجل الاستجابة للتحديات الحالية؛ مثل الهجرة والإرهاب والتنمية المستدامة والبيئة، وكذلك تحديات المستقبل، مثل الأمن الغذائي والانتقال الإيكولوجي والذكاء الاصطناعي. ثم العمل على إرساء شراكة شاملة ومتجددة فاعلة تهم الجوانب الاقتصادية والثقافية والتعليمية والطاقات المتجددة والصناعة”.
وتحدث البراق شادي عبد السلام عن ما أسماه “انخراط كل القوى الحية في المغرب وإسبانيا في إنجاح هذه العلاقات والعبور بها إلى مناطق آمنة جيوسياسيا”، تجلى ذلك بحسبه في التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 والذي يتطلب تنسيقا مشتركا على أعلى مستوى في جميع المجالات والاتفاق على استئناف الورش العملاق مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا.
وقال الخبير إن “ملف الترشيح المشترك المغربي الأيبيري هو رسالة إلى العالم بأن صانع القرار السياسي المغربي قد حسم قراره التاريخي في وضع تسوية إقليمية تناسب تطلعاته في بناء جسور السلام والتعاون والبناء الاقتصادي المشترك، ومحور الرباط مدريد التاريخي أصبح اليوم واقعا جيوسياسيا في غرب المتوسط وفق توجه أطلسي ثابت الخطى”.
وذكر البراق شادي عبد السلام أن “نقطة مهمة تم تضمينها في البيان المشترك لـ7 أبريل تمثلت في الدعوة إلى تحيين معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون لسنة 1991، على أساس المبادئ والمحددات والأولويات التي ستوجه العلاقات الثنائية في السنوات المقبلة”، معلقا: “وبالتالي، فهذه المعاهدة ستشكل قاعدة قانونية وإطارا مرجعيا لمحور الرباط مدريد الذي تحول بفضل الإرادة القوية لقيادة البلدين إلى عامل مهم من أجل ترسيخ أسس هذه العلاقات ووضع تصور مستقبلي برؤية اندماجية لها بناء على الروابط الحضارية والتاريخية والجغرافية المشتركة بين البلدين”.
المصدر: هسبريس