خلال الموسم السياحي المرتبط بفصل الصيف، لم تعد ظاهرة الكراء العشوائي مقتصرة على أشخاص يشهرون مفاتيح المنازل في أوجه الزوار عند مدخل المدينة ومختلف شوارعها وأحيائها، بل تطورت طرق تسويقها إلى تطبيقات تفرض وجودها على الشبكة العنكبوتية، فضلًا عن مواقع التواصل الاجتماعي التي تروج لعروض الكراء الصيفي اليومي، بعيدًا عن أعين الرقابة أو التأطير القانوني.
ووسط غياب عرض سياحي منظم ومتنوع يستجيب لحاجيات الأسر المتوسطة، يتواصل الاعتماد الواسع على الكراء غير المهيكل، ليظل بذلك المواطن البسيط رهينة لواقع عشوائي يفرض عليه خيارات محدودة بأسعار غير منطقية، فالطلب الداخلي على الإيواء السياحي يتجاوز بأشواط الطاقة الاستيعابية للعرض المهيكل، خاصة بالنسبة للفنادق والوحدات المصنفة، ما يفتح الباب أمام الوسطاء والمضاربين للاستفادة من الهوة بين العرض والطلب.
تصاعد الاحتيال الإلكتروني
وفي هذا الصدد، عبّر المرصد المغربي لحماية المستهلك بلسان رئيسه حسن أيت علي عن قلقه العميق من تصاعد وتيرة الاحتيال الإلكتروني من خلال عروض وهمية تُروّج على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل الارتفاع الكبير في الطلب على كراء الشقق السكنية خلال العطلة الصيفية، والتي تستهدف المواطنين الراغبين في استئجار إقامات سياحية عبر صور جذابة ومزيفة.
وحذر من الوقوع ضحية لما يسمى بـ”سماسرة الشارع الرقمي”، الذين يطالبون بتسبيقات مالية مقابل شقق لا وجود لها على أرض الواقع، أو تختلف تمامًا عن الصور المنشورة، مما يشكل انتهاكًا واضحًا لحقوق المستهلك ويخل بمبادئ المعاملة العادلة والشفافة.
وشدد المرصد على ضرورة التعجيل بوضع إطار قانوني ملزم يؤطر عمليات كراء الشقق المفروشة، إضافة إلى خلق سجل وطني خاص بالمكترين الخواص، وتعزيز التعاون بين السلطات الأمنية والرقمية لضبط هذه الممارسات الاحتيالية، مهيبًا بكافة المستهلكين إلى تجنب أداء أي مبلغ مسبق دون ضمانات موثوقة، واستخدام منصات كراء مرخصة ومعروفة، وكذا التبليغ الفوري عن أي عملية نصب للجهات المختصة.
إشكالات قانونية
وفي الشق القانوني، أكد المحامي محمد ألمو في تصريح لجريدة “العمق” أن تأطير ظاهرة الكراء العشوائي للمنازل والشقق السكنية خلال فترة الصيف يقتضي الرجوع إلى القانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى، والذي ينص على ضرورة الحصول على رخصة استغلال الإيواء عند الساكن أو الإيواء البديل، بناء على طلب المعني بالأمر، يودعه، مقابل وصل، لدى السلطة المحلية المختصة.
وأوضح ألمو أن عملية الكراء العشوائي التي نعاينها بالمدن السياحية كل صيف تعتبر في أغلبها ممارسات خارج القانون، بعدم توفر أصحابها على الرخص والمعايير التي يستلزمها القانون لمنح الترخيص، فأغلب المنازل والشقق التي تدخل في إطار هذه المضاربة الصيفية العشوائية لا تستجيب للمعايير المحددة في القانون، على حد قوله.
وتابع المحامي أن “أمام هذه الفوضى يجد المواطن البسيط نفسه وجهًا لوجه مع مافيا تشتغل خارج القانون، تستغل نقص القدرة الإيوائية للفنادق نظرًا لقلتها، علاوة على تهرب المواطنين من الخدمات الفندقية لغلائها الفاحش، مما يخلق نوعًا من التضارب في الأسعار بشكل جشع لا يراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأسر”.
وفي ذات السياق، أكد ألمو أن حل هذه الظاهرة يقتضي السهر على تطبيق القانون وتنظيم عملية الكراء السياحي بشكل لا يسمح لمن لا يتوفر على ترخيص بممارسة هذا النشاط، ليكون المواطن بذلك أمام قطاع مهيكل ومنظم قانونًا، سواء من حيث المعايير الخدماتية أو الأمنية والصحية، أو من حيث الأسعار ومراعاة التناسب مع الجودة والظروف الاقتصادية، وذلك عبر ضبط هوامش الربح.
وأبرز المتحدث ذاته أن الخلل يتجلى في تأجير شقة لا تتجاوز قيمتها 40 مليون سنتيم أو أقل بسومة تتجاوز 1000 درهم لليوم الواحد، في حين أن حجز غرفة في فندق بإسبانيا أو أوروبا بشكل عام متاح بمبالغ تبدأ من 200 درهم لليوم، مما يكوّن موقفًا عامًا مغربيًا بالهروب نحو السياحة الخارجية، كما جاء على لسانه، خاصة في ظل التسهيلات القنصلية التي وفرتها العديد من الدول، والتي رفعت مجموعة من الشروط أمام التأشيرات السياحية.
المصدر: العمق المغربي