وجه الممثل والمخرج سعيد الناصري انتقادات لاذعة إلى فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، محملا إياه مسؤولية غيابه عن شاشة التلفزيون منذ سنوات.
الناصري اعتبر أن ما يمر به ليس صدفة، بل نتيجة ما وصفه بـ”حقد وكراهية شخصية” يكنها له العرايشي، مشيرا إلى أن الأخير أعطى تعليمات حسب قوله لمنع عرض أعماله على القنوات الوطنية، سواء في البث الأول أو عند إعادة البرمجة، وهو ما يحرمه من حقوق إعادة الاستغلال التي يضمنها القانون للمؤلفين.
وأضاف الناصري، أن هذه السياسة لا تطاله فقط، بل تشمل عددا من الفنانين الذين تم تغييب إنتاجاتهم عن الشاشة، معتبرا أن ما يجري يعكس فشلا واضحا للعرايشي في إدارة المشهد التلفزي، وفق تعبيره.
وفي حديثه عن الترويج للأعمال الفنية، أوضح الناصري أن اتفاقا سابقا بين المركز السينمائي ووزارة الاتصال والتلفزيون كان يضمن 160 مليون سنتيم كميزانية إشهار لأي فيلم مغربي، مع منح المخرجين والمنتجين حق اختيار توقيت بث الإعلانات، غير أن هذا النظام لم يعد معمولا به اليوم، وأصبح التلفزيون حسب روايته هو من يحدد التوقيت، وقد يكون في ساعات لا يشاهد فيها أحد، ما يُفرغ عملية الترويج من قيمتها.
وكشف الناصري، أن إعلان فيلمه الأخير “الشلاهبية” رفض بثه على شاشة التلفزيون، واصفا ذلك بأنه محاولة لـ”طرد اسمه من الذاكرة الفنية للمغاربة من خلال الإقصاء والتهميش”.
ورغم هذا “الحصار”، يقول الناصري فإن محاولات منعه من التواصل مع الجمهور لن تنجح، لافتا إلى أن الصحافة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي أصبحت البديل الذي يمكنه من الوصول إلى المشاهدين خارج أسوار التلفزيون العمومي.
وأكد ذات المتحدث، أن الجمهور هو السند الحقيقي له: “لولا الجمهور لما بقي اسمي، لأن ما أتعرض له هو حرب هدفها إلغائي، ومع ذلك لن أصمت رغم الإغراءات التي تعرض علي مقابل السكوت”.
وشدد الناصري، على أنه يرفض أن يدخل في أي مساومات مالية مقابل التخلي عن مواقفه، قائلا: “لا يمكنني أن أعيش مرتاحا وأنا أعلم أن هناك أشخاصا يعانون من البطالة والظروف الاجتماعية القاسية، أفلامي تحمل رسائل ووعيا، ولا أقبل أن أبيع ذمتي. إذا كان المثقف يبيع صوته، فماذا نترك للآخرين؟”.
وشرع سعيد الناصري، في الترويج لفيلمه السينمائي الجديد “الشلاهبية” الذي ينتمي إلى نوع الكوميديا السوداء، ويطرح قضايا اجتماعية وسياسية بجرأة، في قالب ساخر يحمل رسائل مباشرة للمشاهد المغربي.
وفي تصريح لجريدة “العمق”، أوضح سعيد الناصري، أن فيلمه الجديد “يتناول قصة مجموعة من الأشخاص الانتهازيين الذين يستغلون مناصبهم لخدمة مصالحهم الشخصية والتلاعب بالصفقات العمومية ونهب المال العام”، مضيفا: “هذا واقع نعيشه يوميا، وما نقدمه على الشاشة يظل بسيطا أمام ما يقع في الواقع الحقيقي”.
واعتبر الناصري، أن الهدف من العمل ليس مجرد الإضحاك، بل نقد الواقع بطريقة فنية تثير التفكير، قائلا: “الفيلم يسلط الضوء على من يتولون تدبير الشأن المحلي دون كفاءة، وكيف يمكن أن تتحول مدينة بأكملها لو تولى أمرها أشخاص نزهاء”.
وأشار إلى أن “الشلاهبية” يربط بين السخرية والرسالة، مستلهما فكرته من الواقع السياسي المغربي، خاصة في ما يتعلق بالانتخابات والوعود الكاذبة التي يطلقها بعض المرشحين لاستمالة الناخبين.
وتابع الناصري أن: “الفيلم جاء بعد الخطاب الملكي الذي دعا إلى التغيير والإصلاح، وهو رسالة للمواطنين بأن يكونوا أكثر وعيا في اختيار ممثليهم، وألا يبيعوا أصواتهم”.
ويرى الناصري أن المرحلة المقبلة بعد 31 أكتوبر يجب أن تكون “عهدا جديدا من الإصلاح والمحاسبة”، مشددا على ضرورة “تجند الحكومة والشعب معا خلف توجيهات الملك لبناء مغرب أفضل”.
كما سلط الفيلم الضوء على الجانب الاجتماعي من خلال تصوير واقع سكان الأحياء الشعبية الذين يعيشون التهميش وخيبة الأمل بعد كل دورة انتخابية، حين يكتشفون أن وعود المرشحين لم تكن سوى شعارات عابرة، وذلك بأسلوب ساخر يجمع بين النقد اللاذع والطرافة.
وجرى تصوير الفيلم في عدد من مواقع مدينة الدار البيضاء، خاصة في منطقة درب السلطان التي تمثل فضاء حيويا للأحداث وشاهدا على تناقضات المجتمع المغربي.
ويشارك في بطولة “الشلاهبية” مجموعة من الأسماء الفنية المعروفة، من بينهم إلهام واعزيز، فاطمة وشاي، الصديق مكوار، محسن ناشط، ومصطفى أبو قاسم، إلى جانب وجوه أخرى من جيل الشباب.
وتأتي فكرة الشريط السينمائي الجديد للناصري تماشيا مع الرؤية التي اختارها في السنوات الأخيرة، والمتمثلة في تناول مجموعة من المواضيع الاجتماعية السياسية في قالب مليء بالتهكم والسخرية.
المصدر: العمق المغربي
