”سد تاديغوست” يثير مخاوف سكان مناطق بإقليم الرشيدية من “العطش”
مازالت ساكنة بعض المناطق المتاخمة لوادي غريس، خصوصا ألنيف وفزنا وأرفود ودائرة الريصاني، ترفض مشروع “سد تاديغوست”، المطروح ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب والسقي 20222027، الذي من المقرر أن تبلغ سعته التخزينية 60 مليون متر مكعب، ويهدف، وفق وزارة التجهيز، إلى “توفير الماء الشروب وسقي المدارات الفلاحية، وكذا الحماية من الفيضانات، إضافة إلى تطعيم الفرشات المائية”.
الساكنة التي تواصلت عبر فعالياتها الجمعوية مع هسبريس تعتبر أن “هذا السد سيجهز على المناطق المتاخمة للحدود، بحيث سيقوم بتخزين المياه ويسمح فقط بمرور الفائض عبر مجاري وادي غريس”، مشددة على أن “سدا من هذا النوع ليس في صالح المنطقة، وسيكلف أموالاً طائلة دون أن يقرّ الحقوق المائية للساكنة، بحيث يمثل ضرراً بالغاً على الآبار ومزارع النخيل الواقعة أسفل الواحة بتافيلالت”.
ساكنة أخرى بمناطق كلميمة تتفهم هذه المخاوف المطروحة في مناطق عديدة على مستوى درعة تافيلالت، غير أنها تعدّ السد “ضروريا”، من وجهة نظرها، متمسكة بتشييده في إطار التوجه الإستراتيجي للدولة، “لكن شرط أن يحفظ مصالح المناطق السفلية المحاذية لوادي غريس”، ولافتة إلى “حتمية خروج وزارة التجهيز والماء بتصور رسمي يطمئن الساكنة ويراعي أمنها المائي ومصالحها السقوية”.
“خطر إستراتيجي”
مصطفى تغلاوي، فاعل جمعوي بإقليم الرشيدية، قال إن “بناء سد كبير في تاديغوست لن يكون حلاّ لمشكلة الندرة التي تعيشها المنطقة، بقدر ما سيضاعفها، لذلك هو خطر إستراتيجي يحتاج تعويضه بإنشاء سدود تلية وتحويلية على طول وادي اغريس”، مضيفاً أن “الدراسة الهيدرولوجية والجيولوجية للمنطقة بينت أن احتواء الأرض على الفوالق لن يسمح بتجميع الماء، وبالتالي تجب إعادة النظر في المشروع”، بتعبيره.
تغلاوي أشار إلى أن “حماية حقوق الساكنة في الماء تستدعي مراعاة مصالح ساكنة جماعات الريصاني، الطاوس، مولاي علي الشريف، سيدي علي، السفالات بني محمد، سجلماسة، بإقليم الرشيدية، وحصيا، ومصيصي بإقليم تنغير، من خلال تشييد سد ‘تقات نواد غريس’، تفادياً لإهدار الموارد المائية في بعض المجاري دون الاستفادة العقلانية منها، وضمان أن تكون مجاري هذا الوادي عابرة لجميع المناطق”.
وتابع المتحدث ذاته بأن “المخاوف ترتبط باتجاه مياه سد تاديغوست إلى الضيعات الفلاحية الكبرى، ولذلك لابد من إيجاد حل قبل الشروع فيه”، معتبراً أن “ضمان استقرار الساكنة وسلمها الاجتماعي كذلك ضروري لوقف الهجرة القروية، على اعتبار أن حركية الهجرة كانت ترتبط أساساً بندرة الموارد المائية، وبوار الفلاحات المعيشية التي كانت منعشاً للاستقرار وأيضا فضاء لاستمرار نمط الترحال”.
ونبه المستشار البرلماني عدي ويحيى، في سؤال لوزير التجهيز والماء نزار بركة، تتوفر هسبريس على نسخة منه، من أن “إنشاء سد كبير على وادي اغريس سيمنع مياه الفيض من الوصول إلى مساحات شاسعة من سهل تافيلالت، تضم آلاف الهكتارات وآلاف أشجار النخيل، المورد الأساسي للساكنة، وعشرات الخطارات، وكثافة سكنية مهمة استقرارها رهين بمياه فيض وادي اغريس الذي يساهم في سقي الأراضي الزراعية وتطعيم الفرشة المائية وضمان استمرار الخطارات في أداء أدوارها الاقتصادية والاجتماعية”.
مخاوف مشروعة ولكن..
الحسن نعدي، فاعل جمعوي بمناطق كلميمة، شدد على “أهمية سد تاديغوست، لكن في إطار مراعاة مصالح هذه المناطق التي تبدي تخوفات مشروعة”، مشيرا إلى أن “الأمر يحتاج توضيحات كافية من طرف وزارة التجهيز والنقل لكي تتضح المعطيات الكاملة المرتبطة بهذا المشروع، ونعرف كيف يمكن أن يضرّ بباقي المناطق القريبة من وادي اغريس، فسعة 60 مليون متر مكعب لا يمكن أن تمنع الحمولة عن بقية المناطق”.
نعدي، منسق “حركة الشباب الأخضر”، أورد في تصريح لهسبريس أن “المعطيات المتوفرة حول السد لا تتيح الخروج بتصور يقيني، لكن منطقيا لا يستطيع السد أن يوقف جميع الحمولات”، مشيرا إلى “وجود أفراد من أبناء كلميمة يعاكسون بدورهم التوجه نحو تشييد السد، لكونهم يعتبرونه خطراً على أمنهم المائي، ولهذا مازال الوضع ضبابيا بالنسبة للجميع”.
واستغرب الفاعل المدني بكلميمة “تهرب الوزير نزار بركة من الجواب بوضوح عن هذه الإشكالات التي تجول على مستوى بعض مناطق الجنوب الشرقي”، مبرزا أن “بعض المخاوف من جهة أخرى لا يتعين أن تتعارض مع المصالح العليا للبلاد، وهذه الإستراتيجية الوطنية التي تسير في اتجاه تشييد سدود أخرى للتغلب على الجفاف وتحقيق الأمن المائي على المستوى الوطني، لاسيما في المناطق التي تعرف ندرة شديدة”.
المصدر: هسبريس