ساكنة المحيط تحذر من “الكاري حنكو”

حذرت الساكنة المتضررة من قرارات وعمليات هدم بعض المباني في حي المحيط بالرباط، والمناطق المحيطة، من “جهات تحاول الاصطياد في الماء العكر”، ومن جهات أخرى تُعتبر بمثابة “الكاري حنكو”، تخطّط للتوسّط بين المواطنين والسلطة، مؤكدة على “ضرورة الاستمرار في تجاهل دعوة هذه الأطراف إلى التفاوض”، والاستجابة فقط للدعوات القادمة “من مؤسسات مسؤولة لها رصيد في التواصل مع المواطن والاهتمام بقضاياه”.
جاء هذا على لسان الفاعل الجمعوي أديب الصالحي، الذي كان يتحدث في لقاء تواصلي نظمته، الإثنين، لجنة المسألة الحضرية والمجالات الترابية لحزب التقدم والاشتراكية حول قرارات الهدم، موضحاً أن “الترافع الرائج لا يُخفي وراءه أي حِراك مزعوم”، وأضاف: “نحن مواطنون مسؤولون نعمل في دواليب الدولة ولدينا همّ التفاعل مع قضايا وطننا؛ نتدخل بشكل إيجابي دائماً، حتى وإن كانت القضايا سلبية”.
كما أورد المتحدث نفسه: “الجميع يحرص على حماية استقلال وطننا وما يهم منفعته العامة”، مستدركاً بالقول: “هذا الملف أفرز جملة من المشاكل، خاصة في العلاقة بين المكري والمكتري؛ لمسنا انبِناءَها على أسس الأنانية والنظرة الاستعلائية. مجرد تعويض مادي جعل الناس ينسون بعضهم”، وزاد: “هناك مشكلة أخرى متعلقة بالثقة، إذ كانت المقاربة أحادية وإدارية وتقنية لم تأخذ الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والنفسية بعين الاعتبار”.
وتابع الصالحي شارحاً: “كان حريّا بصناع القرار فتح حوار مع الساكنة، فلا يكفي فتحه مع المنتخبين. وقد بدا واضحاً، عندما ناقشنا مع السلطة كيف تغيرت نظرتنا، خصوصاً أننا قمنا برد فعل مسؤول تمثل في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، فكانت النتائج سريعة”، مردفا: “بعض الأسر نالت تعويضا ماديا. استبشرنا خيرًا بهذا المعطى واعتبرناه إيجابيا، لكن ويجب تعميمه ليكون ذا مصداقية وجدية ويصل إلى أبعاد أخرى”.
من جهته قال مصطفى الباكوري، أحد المكترين، إن القضية المطروحة يمكن وصفها بـ”المأساة الإنسانية”، لكونها “تمس كرامة الإنسان وتقبرُ أقدم حي بمدينة الرباط”، مسجلًا أن “المرحلة الأولى بدأت مباشرة بعد عيد الأضحى، حيث أقدمت السلطات المحلية على هدم بعض المنازل؛ وبعدها قامت الأسر بترميم وتأهيل البيوت على نفقتها، قبل أن تأتي المرحلة الثانية”، واسترسل: “استبشرنا خيراً بإقدام السلطات على وضع واجهة خارجية موحدة للمساكن”.
وواصل الباكوري شارحاً: “بادرت الشركة صاحبة المشروع إلى الترميم واستمرت في ذلك لمدة شهرين قبل أن تتوقف الأشغال فجأة”، وزاد: “بين عشية وضحاها فوجئنا بواقع جديد لم نكن نتوقعه، ولاسيما بعد الوعود السابقة بأن حي الغربية سيحظى بإعادة التأهيل على غرار المدينة القديمة، نظرًا لقربه منها، وكذلك نتيجة الطابع المعماري الأصيل للعديد من البيوت”.
ومضى المتحدث ذاته قائلاً: “المرحلة الأخيرة، أو ما يمكن تسميتها المرحلة المأساوية، اتسمت بخروقات كبيرة قامت بها السلطات”، موضحاً أنه “تم الإعلان عن بداية هدم المنازل بسرعة وفي زمن قياسي، كما تم اختيار توقيت غير مناسب اجتماعيا وأخلاقيا وسياسيا للقيام بعملية الهدم”، وتابع: “العملية تفتقر أيضاً إل السند القانوني، لأننا أمام قرارات أفقية تطالب بالخضوع والإذعان، وتمس بالكرامة وحقوق الإنسان”.
أما حسن عباقي، ممثل الملاك، فأشار إلى أن “السياق مقلق”، بالنظر إلى أن “مجموعة من المواطنين عاشوا لعقود في هذه المنطقة التاريخية المعنية بالهدم، كما أن هوية عاطفية وفكرية وتاريخية تشكلت قبل مجيء قرار شفوي يشعر الساكنة بمرارة الهدم”، وأردف: “الإشكال هو أن السلطات العمومية أخلفت الموعد مع التاريخ، إذ كان ينبغي عليها أن تمنح قدوة في تطبيق القانون، لاسيما أن دستور 2011 ينص على أن القانون هو أسمى تعبير عن سيادة الأمة، والجميع متساوون أمامه”.
كما أورد عباقي: “في الواقع وجدنا أن التعاطي مع الملف لم يكن مؤطرًا بالقانون ولا بنصوص تنظيمية ولا بأحكام قضائية”، مضيفًا: “السلطات العمومية بادرت بالتواصل مع المواطنين بشكل شفوي، داعية إياهم إلى إفراغ منازلهم في وقت قصير؛ كما شرعت في هدم بعضها الآخر، وبدأنا نتساءل: على أي أساس تستند السلطات العمومية للقيام بهذه الإجراءات؟”، وزاد: “لاحظنا لاحقًا تغيرًا في تعاطي السلطة مع الموضوع. ونحن نتفهم سياق المشاريع التي ينتظرها بلدنا، لكن لا يمكن إنجاحها على حساب أحياء دون غيرها”.
المصدر: هسبريس