يترأس الممثل والمخرج المغربي حميد زيان لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة الثالثة عشرة من المهرجان الدولي العربي الإفريقي للفيلم الوثائقي، الذي ستحتضنه مدينة زاكورة من 10 إلى 14 نونبر المقبل. ويأتي اختيار زيان، المعروف بإسهاماته المتميزة في السينما الوثائقية والدراما التلفزيونية، ليعكس الثقة المتزايدة في الكفاءات الوطنية القادرة على صون الرؤية الجمالية للمهرجان وتكريس أبعاده الثقافية، لا سيما في دورة تُراهن على تعزيز العمق الإفريقي والبعد الكوني للسينما المغربية.
وتحمل دورة هذه السنة من المهرجان الدولي العربي الإفريقي للفيلم الوثائقي بزاكورة شعارا عميقا “السينما الوثائقية دعامة لتجسيد عمق المغرب الإفريقي وقيمه الكونية”، في تعبير رمزي عن توجه ثقافي يعيد الاعتبار للعلاقات التاريخية بين المغرب وعمقه الإفريقي ويرسّخ انخراطه في دينامية الحوار جنوبجنوب، انطلاقا من بوابة الفن السابع.
وتعكس هذه الرؤية انفتاح المهرجان على القضايا المشتركة التي تجمع شعوب العالم العربي وإفريقيا، من خلال نافذة السينما الوثائقية باعتبارها وسيلة للتوثيق والتأريخ والمساءلة الاجتماعية. ومن أبرز ملامح هذا التوجّه اختيار سلطنة عمان كضيف شرف هذه الدورة، في خطوة تعزز الحوار الثقافي العربيالإفريقي، وتكرّس البُعد الكوني للمهرجان كمحفل يحتفي بالتنوع، وينشد المشترك الإنساني من خلال الصورة والسرد البصري.
ومن بين أبرز ما يميز هذه الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي العربي الإفريقي للفيلم الوثائقي بزاكورة هو تنوع برنامجه الثقافي والتكويني، إذ من المرتقب تنظيم عدد من الورشات لفائدة الشباب والمهتمين بمجال السينما الوثائقية، إلى جانب موائد مستديرة ولقاءات مفتوحة مع مخرجين ونقاد من العالمين العربي والإفريقي.
كما ستعرف الدورة تكريم عدد من الأسماء البارزة التي أسهمت في النهوض بالفيلم الوثائقي، سواء على مستوى الإبداع أو التأطير؛ وذلك في التفاتة تروم الاعتراف بمجهودات فاعلي الحقل الثقافي.
وتحظى التظاهرة بدعم من المركز السينمائي المغربي وجهة درعة تافيلالت والمجلس الإقليمي لزاكورة، فضلا عن مساهمة فاعلين مؤسساتيين آخرين؛ ما يعكس إيمانا متزايدا بأهمية الثقافة في التنمية المجالية وبمكانة السينما كأداة حوار بين الشعوب.
ويأتي تعيين حميد زيان على رأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في هذه الدورة من مهرجان زاكورة للفيلم الوثائقي ليعزز البُعد المهني للمحطة الفنية؛ بالنظر إلى ما راكمه من تجربة ميدانية غنية تمتد بين التمثيل والإخراج والعمل الإذاعي.
هذا الاختيار، الذي يندرج ضمن توجه المهرجان نحو الاستعانة بكفاءات لها دراية دقيقة بمقتضيات التعبير الوثائقي، يعكس وعيا بأهمية أن تُسند مهام التقييم لأسماء متمكنة من أدوات التحليل الفني وقادرة على استيعاب تعدد المقاربات الجمالية والموضوعاتية.
فالمسار المتنوع لزيان، والذي شمل اشتغاله على إنتاجات درامية وتلفزيونية وإخراجية، يمنحه زاوية نظر مركّبة تُمكنه من قراءة الأعمال المتبارية ليس فقط من منظور تقني؛ بل أيضا انطلاقا من رسائلها المجتمعية والسياقات التي تعبّر عنها. كما يُحسب له حضوره في المجال الإذاعي، حيث اشتغل على تحويل الصوت إلى خطاب بصري متخيل؛ ما يُعد تدريبا إضافيا على الإنصات لما هو أبعد من الصورة.
في ضوء كل ذلك، فإن حضور حميد زيان على رأس اللجنة لا يُقرأ فقط في بعده الرمزي؛ بل في بعده العملي كخيار ينسجم مع أهداف مهرجان يسعى لمنح الفيلم الوثائقي مكانة نوعية ضمن المشهد الثقافي المغربي والعربي.
وقال حميد زيان، في دردشة مقتضبة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إن مهرجان زاكورة للفيلم الوثائقي أصبح يشكّل محطة أساسية في خارطة المهرجانات المتخصصة، بفضل ما راكمه من تجربة تنظيمية ومهنية خلال الدورات السابقة، معتبرا أنه “اليوم يتوفر على تجهيزات تقنية حديثة تضاهي المعايير المعمول بها في كبريات التظاهرات السينمائية؛ وهو ما يعزّز قدرته على احتضان أعمال وثائقية عالية الجودة، سواء من حيث العرض أو التقييم”.
وأضاف زيان أن “خصوصية المهرجان تكمن في كونه يحتفي بالفيلم الوثائقي من زاوية العمق الإفريقي والبعد العربي، ويُتيح فضاء للتبادل الفني والفكري بين صناع الأفلام من ضفتي الجنوب، في وقتٍ تزداد فيه الحاجة إلى رواية الذات الإفريقية بلغتها، لا عبر أعين الآخر فقط”.
إلى جانب حميد زيان، تضم لجنة التحكيم نخبة من أبرز الشخصيات الفنية والإعلامية في العالمين العربي والإفريقي، حيث يشارك في عضويتها الممثلة المغربية منال الصديقي التي أبهرت الجماهير بأدائها المتميز وتجسيدها للشخصيات بعمق إنساني متميز.
ومن السودان، يضيف المخرج والإعلامي طارق خندقاوي بعدا جديدا للجنة التحكيم بتجربته الواسعة في مجال الإخراج والإنتاج، حيث استطاع أن يترك بصمة مميزة في الساحة الفنية العربية والإفريقية. ويشارك أيضا المخرج والمنتج المغربي الحسين حنين، الذي يجمع بين الحس الفني الرفيع والرؤية المهنية المتعمقة، في تعزيز ركائز هذه اللجنة.
ومن سلطنة عمان، يأتي المخرج والمنتج سليمان الخليلي ليضيف لمسة إبداعية خليجية متميزة، حيث يتمتع بقدرة فائقة على المزج بين الرؤية الجمالية والبعد الإنساني في أعماله السينمائية. بهذه الكوكبة من الأسماء اللامعة، تكون لجنة التحكيم قد اكتسبت قيمة فنية ومعنوية عالية؛ مما يعزز من أهمية الحدث السينمائي، ويعكس تنوع وتعدد المشهد الثقافي العربي والإفريقي.
المصدر: هسبريس
