اخبار المغرب

زيارة الأمين العام المغاربي إلى ليبيا .. خطوة تواجه المخططات الجزائرية

أجرى طارق بن سالم، الأمين العام لاتحاد المغرب الكبير، نهاية الأسبوع الماضي، زيارة إلى ليبيا التقى خلالها عددا من المسؤولين، أبرزهم عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، ومحمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، وناقشت سبل تفعيل عمل الاتحاد المغاربي وتعزيز العمل الإقليمي المشترك في مختلف المجالات، وتفعيل اللجان القطاعية التابعة لهذا الاتحاد.

وتكتسي هذه الزيارة أهمية بالغة، كونها تشكل خطوة مطلوبة نحو إعادة تفعيل هذا التكتل الإقليمي وتعزيز العمل المغاربي المشترك، وكونها تأتي أيضا في وقت حساس يعاني فيه هذا التكتل من تعثرات بسبب الخلافات بين بعض دوله، وأيضا بسبب ظهور محاولات لتشكيل تكتل بديل يضم الجزائر وتونس وليبيا، ممثلة في المجلس الرئاسي، ويقصي المغرب وموريتانيا، إذ عقدت هذه الأطراف الثلاثة اجتماعات تشاورية في هذا الصدد، وهي الخطوة التي قوبلت بالرفض من طرف الأوساط السياسية المغاربية.

حبر على ورق

قال إدريس أحميد، محلل سياسي ليبي، إن “زيارة الأمين العام للاتحاد المغاربي إلى ليبيا هي خطوة جد مهمة من شأنها إعادة تنشيط هذا الاتحاد وتذكير الدول الأعضاء بأهمية تفعيله في مواجهة التحديات المشتركة التي تواجهها المنطقة”، معتبراً أن “هذه الزيارة تؤكد كذلك أن التكتل الثلاثي الذي أعلنت عنه الجزائر بمعية تونس والمجلس الرئاسي هو مجرد حبر على ورق أو سحابة عابرة”.

وأضاف أحميد متحدثاً لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “اتحاد المغرب الكبير هو كيان لا بديل عنه، وأي إجراء أو موقف تتخذه حكومة الوحدة الوطنية أو المجلس الرئاسي ضدّا على الصيغة الخماسية لهذا الاتحاد هو أمر مرفوض وغير قابل للتنفيذ”، مشيراً إلى أن “زيارة طارق سالم إلى ليبيا مؤشر على تراجع المجلس الرئاسي عن خطوة الانخراط في أي تكتل يمكن أن يُقدَّم على أنه بديل للاتحاد في صيغته الحالية”.

وخلص المحلل الليبي ذاته إلى أن “الاتحاد المغاربي كيان إقليمي أُسس بموجب مواثيق وتعهدات إقليمية، ولا يمكن إقصاء أي دولة من دوله، خاصة المغرب الذي تربطه علاقات قوية وروابط جغرافية وتاريخية وكذا مصالح مشتركة مع ليبيا، كما احتضن الفرقاء الليبيين في أكثر من مناسبة (الصخيرات/ بوزنيقة) من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة السياسية في البلاد”.

إبطال مناورات

يرى عبد الفتاح فاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، أن “مختلف الاستقبالات التي يحظى بها الأمين العام للاتحاد المغاربي تبطل أي مناورات لخلق بديل مغاربي دون المملكة المغربية؛ لأن الفشل مصير أي محاولة لخلق إطار سياسي يتجاوز واقعاً تاريخياً له من الدلالات والرهانات الفضلى ما لم يتأتَّ لغيره من كيان تحكمه النزعات السياسوية الانفصالية، التي تخطط لها الجزائر لتخريب مقومات الوحدة المشتركة بين دول الإطار التاريخي للاتحاد المغاربي”.

وتابع فاتيحي بأن “استقبال الأمين العام للاتحاد المغاربي في ليبيا وقبلها تونس يحمل رسائل دالة على أن اختلاق أي كيان بديل عن الاتحاد المغاربي يعد مشروعا تخريبياً للقيم المشتركة للشعوب المغاربية، ومغامرة خطرة في حق طموحات الشعوب المغاربية التي ناضلت تاريخياً لخلق إطار إقليمي يوحد طموحاتها إلى مشاريع ترتقي بالمنطقة إلى مصاف الدول الرائدة”.

واعتبر المحلل ذاته أن “الجولات التي يقوم بها الأمين العام للاتحاد المغاربي، التي تلقى قبولاً سياسياً جيداً من قبل الدول الأطراف، تنهي أي محاولات جزائرية لتخريب رصيد مغاربي مستدام، وتؤسس لقناعة جديدة في اتجاه مواصلة النضال من أجل إعادة تفعيل هياكل الاتحاد المغاربي وتنشيط مؤسساته ولجانه”، مشيراً إلى أن “الشعوب المغاربية مقتنعة بأنها لها إطار تاريخي أُسس على أسس ومبادئ تاريخية سمتها مصلحة الشعوب فوق اعتبارات مصلحة الأنظمة العسكرية”.

وبين مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، في حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “استقبال الأمين العام للاتحاد المغاربي في ليبيا هو رسالة للجزائر لإيقاف رهاناتها على اختلاق إطار بديل للاتحاد المغاربي التاريخي الذي يحتاج فقط إلى رغبة سياسية من الجزائر لإحياء هياكله”.

ضربة للسردية

أوضح محمد الغيث ماء العينين، عضو المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن “اجتماع الأمين العام للاتحاد المغاربي مع المسؤولين الليبيين، من ضمنهم رئيس المجلس الرئاسي، والتباحث بشأن تفعيل أجهزة هذا الاتحاد، يشكل ضربة للسردية التي تبنتها الجزائر حينما اعتبرت أن الاتحاد لم يعد موجوداً وأن أمانته غير شرعية، وهي الدولة التي حاولت خلق تكتل مغاربي بديل إلى جانب جزء من ليبيا وتونس”.

وأبرز ماء العينين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التحالف الجديد الذي تحاول الجزائر خلقه في المنطقة المغاربية هو تحالف غير طبيعي وغير مبني على أي أساس إستراتيجي، ولا يراعي التوازنات الجديدة في المنطقة التي تحتاج إلى تكتلات قوية، ولا يراعي أيضاً دور الجزائر الذي أصبح محصوراً جداً ويفتقر إلى آليات القوة التي تجعلها دولة محورية”، مبرزاً أن “المساحة وحدها ليست محدداً لوزن الدولة، وفي الحالة الجزائرية فإن مساحتها وحدودها الموروثة عن الاستعمار خلقت لها خصومات مع الدول التي استُقطعت أراضيها، كالمغرب وليبيا وتونس”.

وتابع المتحدث ذاته بأن “الجزائر حاولت إقبار الاتحاد المغاربي من خلال هذه المبادرة الثلاثية، خاصة أنها لم تعد لديها أي تحالفات مع الدول قائمة الذات مقابل توجهها إلى التحالف مع أحد الأطراف السياسية كما هو الحال مع ليبيا، أو مع التنظيمات الإرهابية، مثلما هو عليه الحال في مالي”، مؤكداً أن “اجتماع الليبيين مع الأمين العام للاتحاد المغاربي هو رسالة موجهة للمغرب مفادها تشبث ليبيا بالتحالف الأصلي الذي يلعب فيه المغرب دوراً مركزياً لا يمكن تجاوزه”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *