أصدرت المحكمة الإدارية بمراكش، اليوم الخميس، حكما قطعيا يقضي بعزل مصطفى التابيت من رئاسة وعضوية رئاسة مجلس جماعة ترناتة التابعة إداريا لإقليم زاكورة مع ما يترتب عن ذلك قانونا، وشمول الحكم بالتنفيذ المعجل.
كما أصدرت المحكمة الإدارية ذاتها، حكما قطعيا ٱخر يقضي بعزل إبراهيم أبو إبراهيم من عضوية ومهام النائب الثاني لرئيس الجماعة الترابية نفسها، مع ما يترتب عن ذلك قانونا، مع شمول الحكم بالتنفيذ المعجل.
وقرر عامل إقليم زاكورة، في وقت سابق، إحالة رئيس المجلس الجماعي لترناتة، مصطفى التابيت، المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ونائبه الثاني إبراهيم أبو إبراهيم، عن حزب الحركة الشعبية، على أنظار المحكمة الإدارية بمراكش، من أجل عزلهما من مهامهما، وذلك استنادا إلى تقرير وصِف بـ“الأسود” أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية.
وبحسب معطيات حصلت عليها جريدة “” من مصادر مطلعة، فإن القرار جاء بعد رصد خروقات واختلالات جسيمة تتعلق بسوء تدبير واستغلال الموارد المائية العمومية داخل الجماعة، وهي الخلاصات التي تضمنها تقرير المفتشية العامة عقب افتحاص شامل لتسيير المرفق الجماعي.
وأضافت المصادر ذاتها أن عامل الإقليم اتخذ قرار توقيف المعنيين بالأمر بشكل مؤقت، في انتظار البت النهائي من طرف القضاء الإداري، مشيرة إلى أنه تم تكليف النائب الأول لرئيس الجماعة بتدبير الشؤون الجارية إلى حين صدور الحكم القضائي.
وخلصت المصادر عينها إلى أن هذا الإجراء يأتي في إطار تفعيل آليات المراقبة الإدارية التي تخولها القوانين التنظيمية لعامل الإقليم، لضمان احترام مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة في تدبير الشأن المحلي.
وكانت المحكمة الابتدائية بزاكورة، قد أصدرت في الـ13 أكتوبر المنصرم، حكمها في قضية رئيس جماعة ترناتة المتابع بتهم تتعلق بسوء استغلال الموارد المائية العمومية، حيث قضت في حقه بأربعة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 2000 درهم، بعد مداولات دامت عدة جلسات.
وجاء هذا الحكم بعد متابعة المعني بالأمر بتهم تتعلق بـ”تعييب شيء مخصص للمنفعة العامة”، و”اختلاس قوى ذات قيمة اقتصادية”، و”تعييب منشأة مائية”، و”تحويل مياه عمومية بدون إذن”، و”جلب مياه بدون ترخيص”، وهي أفعال يعاقب عليها القانون بعقوبات تصل إلى سنتين حبسا نافذا، وفق مقتضيات الفصول 595 و521 من القانون الجنائي، والفصول 137.5 و145 و139.28 من القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء.
وبحسب معطيات حصلت عليها جريدة “”، فقد استندت المحكمة في قرارها إلى محاضر لجان تفتيش ميدانية تابعة لوزارة الداخلية والمكتب الوطني للماء والكهرباء، والتي أثبتت وجود تحويلات في شبكة الماء الصالح للشرب المتجهة نحو عدد من الجماعات المجاورة، لاستعمالها في سقي ضيعات فلاحية مملوكة للمتهم.
وأشارت مصادر ، إلى أن هذه الوضعية استمرت لأكثر من خمس سنوات، على الرغم من الأزمة المتواصلة للجفاف وتراجع الموارد المائية بالمنطقة، ما دفع عددا من الفعاليات المحلية إلى التحذير من خطورة استنزاف حصة الساكنة من الماء، في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
وشكلت السلطات المحلية، في وقت سابق، لجنة مختلطة تضم ممثلين عن الدرك الملكي والمكتب الوطني للماء والكهرباء والسلطات الترابية، حيث باشرت التحقيق في شكاوى الساكنة، بتنسيق مع النيابة العامة التي أمرت بفتح تحقيق في الموضوع.
وعقب صدور هذا الحكم، تساءلت عدد من الفعاليات المدنية والحقوقية بإقليم زاكورة عن المآل الإداري لرئيس جماعة ترناتة، وعن إمكانية لجوء وزارة الداخلية إلى تفعيل مسطرة العزل، استنادا إلى مقتضيات القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، والذي يتيح للسلطات الوصية عزل أي رئيس ثبت في حقه ارتكاب مخالفات تمس بتدبير المرفق العام أو بالإخلال بمبدأ النزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأكدت الفعاليات ذاتها في تصريحات متفرقة لجريدة “العمق”، أن استمرار رئيس الجماعة في مهامه بعد إدانته قضائيا من شأنه أن يضعف الثقة في المؤسسات المنتخبة، ويسيء لصورة التسيير المحلي، داعية السلطات الإقليمية إلى تفعيل المراقبة الإدارية والتأديبية ضمانا لحسن تدبير الشأن العام واحترام القانون.
وتنص المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14 أنه يجوز للعامل أو من ينوب عنه تقديم طلب العزل للمحكمة الإدارية في حالة ارتكاب عضو من أعضاء الجماعة بما فيهم الرئيس، لأفعال مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل تضر بأخلاقيات المرفق العمومي ومصالح الجماعة.
المصدر: العمق المغربي
