أصدر الكاتب والروائي عبد الكريم عباسي، في الآونة الأخيرة، رواية جديدة بعنوان “عودة تشارلز”، عن دار النشر سليكي إخوان بطنجة.

وجاءت هذه الرواية الجديدة، صغيرة الحجم والمتكونة من ثلاثة فصول وتسعة عشر بابا، لتشكل حلقة جديدة في المسار الإبداعي لهذا الكاتب؛ وهو المسار الذي بدأه منذ رواية “المصيدة” في جزأيها، مرورا بـ”ملاذ الوهم والتيه” و”رياح المتوسط” و”رياح الخطيئة”، وصولا إلى هذه التجربة الفكرية التي تمزج بين الخيال والسؤال الفلسفي حول الهوية والمعرفة والوجود.

وقال الناقد حسن بوسلام إن رواية “عودة تشارلز” تمثل “نسقا سرديا متكاملا يبني مشروعه من رؤية فنية منسجمة ومنظمة لمسار روائي يشهد نقلات نوعية”.

وأضاف بوسلام أن مؤلف رواية “عودة تشارلز” “يسافر بنا إلى البرتغال بحكاية تُسائل التاريخ وتضع القارئ في حيرة البحث عن الهويات الثقافية المتداخلة”، مشيرا إلى أن “الرواية الجديدة جاءت ملحمة حقيقية تشابكت فيها خيوط السرد وتداخلت وفق بوليفونية تحافظ على الإيقاع وتخلق علاقة جدلية بين النص وقارئه”.

وأوضح الناقد ذاته أن الكاتب والروائي عبد الكريم عباسي في هذا العمل “واصل انفتاحه على أنساق فكرية وفنية متعددة، تجمع بين القصة في بعدها التخييلي وسردية المعرفة في بعدها الوثائقي”، معتبرا أن هذه الرواية “وضعت نفسها في موضع اختبار حقيقي حول مدى إمكانية مساهمة المشهد التخييلي في إنتاج قصة موازية ومخالفة في الوقت نفسه”.

وأضاف أن “عبد الكريم عباسي ابتعد في هذا العمل عن الشكل الكلاسيكي في بناء الأحداث، وعوّضه بتصوير المشاهد ليترك للقارئ إمكانية اقتحامها والمساهمة في إعادة تشكيلها”، مؤكدا أن “الرواية تحوّل القارئ إلى طرف فاعل في العملية السردية، يشارك في فك رموز النص واستكشاف معانيه المتوارية خلف الصور والمشاهد المتعددة”.

وأشار بوسلام إلى أن “عملية تسريد المشاهد في الرواية تخدم المسار التصويري، إذ لا تحكي الأحداث بل تشكّل لوحات فنية متناسقة، تتداخل فيها أصوات السرد بين الكاتب ورامبو وميمون والحلم”، مبرزا أن “الكاتب استثمر قصة داروين ورحلته إلى جزر الكالاباكوس في بناء مشهد تخييلي جديد يمزج بين الواقعي والافتراضي، ليعيد طرح الأسئلة الفلسفية حول أصل الإنسان وتطور الفكر العلمي”.

واعتبر الناقدُ الروايةَ “قفزة نوعية في المسار الإبداعي لعبد الكريم عباسي، وتجديدا في القالب الفني والرؤية السردية”، مؤكدا أن “الكاتب يحافظ على لغته الطيّعة السلسة؛ لكنه يقدّم بناء سرديا معقدا يتطلب قارئا يقظا ومؤهلا لاستيعاب أبعاد المشاهد واستنباط المعاني الهاربة من خلف النص الروائي”.

المصدر: هسبريس

شاركها.