تشهد محطة أولاد زيان بالدار البيضاء، إحدى أكبر محطات النقل الطرقي بالمغرب، ركودًا غير مسبوق هذه الأيام، وسط قلق من المهنيين والمرتفقين على حد سواء.
فبعد أن كانت المحطة تعج بالحركة وتضج بأصوات المسافرين مع اقتراب عيد الأضحى كل سنة، تحولت اليوم إلى فضاء تكسوه حالة من الجمود غير المألوف.
ويرجع السبب، وفق متابعين، إلى مجموعة من العوامل الاستثنائية التي اجتمعت لأول مرة، على رأسها إلغاء شعيرة النحر على الصعيد الوطني، واستمرار الامتحانات الإشهادية والجامعية.
وبحسب متتبعي الشأن المحلي، لطالما شكل عيد الأضحى موسمًا ذهبيًا لمحطات النقل عبر المملكة، إذ تعرف تنقلات مكثفة بين المدن، حيث يعود المواطنون إلى مسقط رؤوسهم للاحتفال رفقة أسرهم. إلا أن القرار المفاجئ بإلغاء الاحتفال بعيد الأضحى هذا العام في عدد من الجهات، لأسباب اقتصادية واجتماعية وصحية، أدى إلى إلغاء خطط السفر الجماعي، ما خنق الطلب على وسائل النقل الطرقي، وترك المقاعد شاغرة والحافلات واقفة.
أحد مستخدمي المحطة، وهو سائق حافلة يعمل منذ أكثر من عشرين سنة، صرّح قائلاً: “لم نرَ محطة أولاد زيان بهذا الهدوء منذ سنوات طويلة. في مثل هذا الوقت، كنا نضطر لتشغيل رحلات إضافية، واليوم ننتظر الزبائن بالساعات ولا أحد يأتي”.
من جانب آخر، ساهم استمرار الامتحانات الإشهادية، مثل الباكالوريا، وامتحانات الدورة الربيعية للجامعات، في تقييد تنقل شريحة واسعة من الطلبة والتلاميذ الذين يشكلون عادة جزءًا مهمًا من المسافرين خلال هذه الفترة، فضلًا عن ضغط الدراسة واستعداد الأسر لدعم أبنائها، ما جعل التنقلات بين المدن تتأجل أو تُلغى.
أكد يونس بولاق، رئيس الجامعة المغربية للمقاولات الصغرى والمتوسطة للنقل، أن حركة السفر عبر الحافلات تعرف هذا العام تراجعًا ملحوظًا مقارنةً بالسنوات السابقة، خاصة في محطة أولاد زيان، التي تُعد من أكبر وأهم المحطات الطرقية في المملكة.
وأوضح بولاق، في تصريح لجريدة “”، أن المحطة تشهد هذه الأيام ضعفًا غير معتاد في الإقبال من قبل المسافرين، وهو ما أثار قلقًا وسط مهنيي القطاع، خاصة في ظل التوقعات التي كانت تشير إلى انتعاش ملحوظ بمناسبة عطلة عيد الأضحى المبارك.
ويرى بولاق أن هذا التراجع يعود إلى عدة عوامل متداخلة، في مقدمتها القرار الملكي الأخير الذي نصّ على إلغاء شعيرة نحر الأضحية لهذه السنة، ما دفع العديد من الأسر المغربية إلى عدم التخطيط للسفر كما اعتادت.
وأضاف أن الأضحية كانت تشكل حافزًا أساسيًا يدفع العديد من المواطنين إلى التنقل نحو مسقط رأسهم أو زيارة أقاربهم، مما يجعل تأثير إلغائها مباشرًا على قطاع النقل الطرقي.
ولم يغفل المتحدث عاملًا آخر لا يقل أهمية، وهو تزامن هذه العطلة مع فترة حساسة من الموسم الدراسي، حيث لا تزال الامتحانات النهائية قائمة، خاصة الامتحانات الإشهادية الخاصة بالسنة الثالثة إعدادي والسادس ابتدائي، إضافة إلى اختبارات التعليم العالي.
هذا التداخل الزمني، حسب بولاق، يجعل الكثير من الأسر تُفضّل البقاء في أماكن إقامتها إلى حين انتهاء هذه الالتزامات الدراسية.
وفي سياق متصل، أشار بولاق إلى أن محطات النقل الطرقي، خاصة داخل العاصمة الاقتصادية، باتت تعاني من ركود ملحوظ، حيث تغادر العديد من الحافلات المحطة وهي غير ممتلئة، وهو أمر نادر الحدوث في مثل هذه المناسبات.
ولفت إلى أن السنوات الماضية كانت تشهد ازدحامًا كبيرًا، وكان البعض يجد صعوبة في العثور على تذكرة سفر خلال الأيام القليلة التي تسبق العيد.
من جهة أخرى، وجّه رئيس الجامعة نداءً إلى المواطنين بخصوص اقتناء تذاكر السفر، داعيًا إياهم إلى التوجه مباشرة نحو الشبابيك الرسمية والمرقمة بالمحطة، وتجنب الوسطاء المعروفين بـ”الكورتية”، الذين يستغلون مثل هذه المناسبات للمتاجرة في التذاكر بأسعار مرتفعة، مما يُثقل كاهل المواطن ويضر بسمعة القطاع.
ودعا بولاق إلى ضرورة التحلي بالوعي واليقظة، والتعاون من أجل تنظيم عملية السفر بما يضمن سلامة وكرامة المواطن، ويحميه من الاستغلال في ظل هذه الظرفية الخاصة التي يعيشها المغرب.
المصدر: العمق المغربي