اخبار المغرب

رقم “غير مسبوق” لمعاملات التأمينات البنكية.. الوسطاء يرفضون التواطؤ والاحتكار

حقق مجال “التأمين البنكي” (الذي تشرف عليه البنوك) في المغرب، خلال السنوات القليلة الماضية، “تطورا ملموسا”؛ وهو ما لم تخطئه عيون الفاعلين، سواء مهنيين أو مُنظمي السوق المتمثلين أساسا في هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي التي تلعب دور ‘سلطة التنظيم والرقابة’ في سوق يعرف “صعودا لافتا”، خاصة بعد سنوات الجائحة الصحية.

وبلغة الأرقام والبيانات، تبين، من خلال تقرير رسمي للهيئة المذكورة، أن عام “2022 عام تاريخي” بالنسبة لفروع التأمينات التي تقترحها البنوك المغربية مع “حجم أقساط قياسي” قُدر بـ18.3 مليارات درهم؛ أي بزيادة 13.2 في المائة على أساس سنوي.

وأظهرت البيانات التي اطلعت عليها هسبريس أن “هذا الحجم يتجاوز لأول مرة حجم أقساط وسطاء التأمين. هذا ما انبثق من أحدثِ تقرير سنوي لهذا القطاع الذي نشرته (مؤخرا) هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS)، برسم السنة المالية 2022.

ومقارنة بقنوات التوزيع المتوفرة التي تقتسم سوق التأمينات بالمغرب، شهدت التأمينات المصرفية/ البنكية “زيادة” في حصتها من السوق إلى 32 في المائة في عام 2022، متقدمة بذلك على “وسطاء التأمين” (31 في المائة) و”الوكلاء” (22 في المائة)، متبوعين بـ”مكاتب التدبير المباشر” (15 في المائة).

خلال الفترة الزمنية نفسها، حافظت معاملات التأمين البنكي على زخم “نمو جيد”، مكون من رقمين، بعد “زيادة بنسبة 17.4 في المائة أنهى بها نشاط عام 2021”.

حسب فئة/صنف النشاط، لا يزال “التأمين على الحياة والرسملة” يهيمن على هذا القطاع بما يناهز 17.6 مليارات درهم في عام 2022، أو 96.4 في المائة من التدفقات الواردة؛ فيما يتم تنفيذ الباقي بشكل أساسي عبر “المساعدة” assistance (3٪)، قبل فئة “الإصابة بالأمراضالحوادث الجسدية” maladieaccidents corporels (0.6٪)”.

وبلغت “العمولات المدفوعة” في عمليات التأمين من طرف البنوك ما مجموعه 478.4 ملايين درهم بزيادة 8.1 في المائة.

“وسطاء التأمين” يشتكون “الاحتكار والتواطؤ”

تعليقا على هذه الأرقام، قال يونس بوبكري، رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، إن أرقام هذا التقرير الرسمي، الصادر عن سلطة عمومية للمراقبة والتقنين، ليست سوى “تحذير سابق من سياسة تنهجها البنوك في علاقتها بشركات التأمين”، واصفا إياها بـ”سياسة تواطؤ لاحتكار سوق التأمينات بالمغرب”.

وفسر بوبكري، في حديث مع هسبريس، “نمو التأمين لدى البنوك” بكونه “راجعا إلى أسعار تفضيلية خاصة بهم التي لا يروجون بها عبر الشبكات المعتمدة من طرف الدولة، وهو ترويج عقود تأمين خارج القانون هدفه الاحتيال بدون خدمات فعلية في الغالب للمُؤمن لهم”.

وتساءل رئيس الجمعية المهنية ذاتها: “كيف أن 11 اعتمادا للبنوك بالمغرب يفوق رقم معاملاتها السنوي اعتمادات وسطاء ومستثمرين في المجال ولجوا السوق سابقا؟”، معتبرا أن هذا التطور الملحوظ يعكس سياسات احتكارية منذ 20 سنة؛ وهو ما سبق أن حذرنا منه مرارا طالبين تدخلا صريحا من مجلس المنافسة وكذا هيئة مراقبة التأمينات”.

وشرح المهني المتحدث لهسبريس أن “رقم معاملات سنويا بأزيد من 18 مليار درهم يُقارب في قيمته وحجمه 40 في المائة من رقم معاملات قطاع التأمينات (بجميع وكامل فروعه)”، مشددا على أن “التقرير إقرار رسمي بالنتائج الكارثية على 2000 وسيط تأمين ومستثمر معتمد حسب الأرقام الرسمية، ودق لجرس الخطر المحدِق بمستثمري التأمين واستقرارهم المهني، كما أنه يسائل أدوار المؤسسات الرقابية المختصة”.

وبلهجة شديدة، انتقد بوبكري ما قال إنه “تأخر واضح لتدخل مجلس لمنافسة قصد حماية الوساطة في التأمين والمهنيين من تبعات قطاع مالي (البنوك وشركات التأمين) يحقق تطورا وصعودا قياسيا غير قانوني” وفق تعبيره، مثيرا إشكالية استعمال المعطيات الشخصية للمواطنين/ الزبناء عبر “استغلال المعلومات البنكية الخاصة بالمواطنين دون علم ولا دراية” في عقود تأمين تعرِضُها البنوك في مخالفة صريحة للقانون”.

للتدليل على إفاداته، أورد المتحدث بمضمون “المادة 301″، والتي تنص صراحة بأنه “لا يجوز لوسيط التأمين أن يمارس مهنته إلا في محل واحد ولا يجوز له أن يمارس في هذا المحل أنشطة أخرى ليست لها علاقة مع مهنة وسيط التأمين”، معتبرا أن “حجم الخروقات للقانون ثابتة بشأن منع كلي للدمج بين النشاط البنكي وأنشطة التأمين”.

وخلص إلى المطالبة بـ”إقرار تدابير تحفظية وعقوبات رادعة ضد المخالفين” بعد البت في الموضوع من طرف مجلس المنافسة، كما استحضر مطلب الجمعية المهنية بـ”لقاء مستعجل مع الرئيس الجديد لهيئة مراقبة التأمينات”، مذكرا بمسؤوليته ضمان “السير الجيد لعمل الهيئة والتنفيذ الجيد للقرارات المُتخذة من طرف المجلس. وبعد أخذ رأي الهيئات الاستشارية، يصدر المناشير الضرورية لممارسة مهام الهيئة؛ كما يصدر العقوبات، في نطاق الاختصاصات الموكولة إليه بموجب القانون”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *