“رقصة الديك المذبوح” .. نظام الجزائر يحلم بفرصة للدخول إلى ساحة الكبار
“جولة مكوكية” تلك التي يقوم بها أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، بمنطقة الساحل، في سعي حثيث إلى تعزيز دور بلاده في محيط “يسيل لعاب” أهم الأطراف الدولية.
وشملت الجولة، حسب وسائل إعلام جزائرية، 3 دول محورية هي موريتانيا ومالي والنيجر، لتطغى ملفات التعاون الأمني والعسكري والجانب الاقتصادي على المباحثات التي تم إجراؤها مع قادة الدول الثلاث.
ومع المؤشرات التي ظهرت قبيل تعيين عطاف حول “تراجع الدور الجزائري” بمنطقة الساحل، خاصة بمالي، تعد الجولة الأخيرة، حسب مصادر متطابقة، مرحلة “إعادة الثقة” لدى النفوذ الجزائري بالمنطقة الذي يتزامن مع دور روسي “متصاعد”، يقابله “توجس” أمريكي مستمر.
“رقصة الديك المذبوح”
حول خلفيات الجولة التي يقوم بها “اللاعب الجديد للدبلوماسية” الجزائرية، قال الحسين كنون، رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، إن “ما تقوم به الدبلوماسية الجزائرية حاليا يشبه “رقصة الديك المذبوح”، فكل ما تحاول القيام به في منطقة الساحل هو رسالة رمزية إلى المغرب بأنها الدولة المحورية الوحيدة في المنطقة”.
وأورد كنون، في حديث هسبريس، أنها “محاولة جديدة للعب دور صانع القرار بالمنطقة”، ثم أضاف أن “الجزائر بسياساتها الارتجالية وضعت نفسها في المنطقة بشكل معزول عن المحيط الدولي، وجولة عطاف تجسيد لرغبة قصر المرادية في الخروج من هذا الوضع المتأزم، الذي يتزامن مع دور محوري تلعبه الرباط في المنطقة، وهو ما أكسب المملكة سمعة دولية موثوق فيها”.
وأشار رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية إلى أن “الجولة تعد أيضا محاولة واضحة لبحث النفوذ العسكري للجزائر بالمنطقة”، لافتا إلى أن “المجالات التي تم تباحثها مع قادة مالي والنيجر وحتى موريتانيا تشمل المواضيع العسكرية والأمنية، وهي تأشير غير مباشر على رغبة القادة الجزائريين في توسيع تحركات جبهة “البوليساريو” بمنطقة الساحل، بعدما أصبحت حبيسة مخيمات تندوف، لا تقوى على مواجهة الدرون المغربية”.
وحول ما إن كانت جولة عطاف محاولة لتعويض الفراغ الفرنسي بالساحل، بين المتحدث ذاته أن “الجزائر لا تستطيع تعويض فرنسا بالمنطقة؛ وأساسا فالساحل لن يقبل نفوذا جزائريا لا تقل سلبياته عن التدخل الفرنسي، إذ تحتاج المنطقة إلى نفوذ إفريقي في اسم مجلس السلم والأمن، لأن مشاكل الأفارقة يجب أن تحل بمنطق قاري جماعي، وليس عبر حسابات ضيقة لدول غير موثوق بها”.
“فراغ فرنسا” يسيل لعاب تبون
خروج فرنسا وضع “شرخا” كبيرا في المنطقة، ليأتي في مقابله دور روسي بقبعتين، العسكرية والاقتصادية.
وأمام هذا المشهد، تجد الجزائر “فرصة الدخول” في ساحة الكبار، ووضع قدم في منطقة حيوية، تحمل فرصا دبلوماسية واقتصادية “مهمة”؛ وهو الأمر الذي أوضحه الخبير السياسي محمد شقير، إذ قال إن “خروج فرنسا المستمر من المنطقة وضع أمام الجزائر توجسات أمنية وسياسية؛ الأمر الذي دفعها إلى البحث عن احتواء الخروج الفرنسي، بمساعدة روسيا”.
وأضاف شقير، في تصريح لهسبريس، أن الدور الروسي يأتي في مصلحة الطموحات الدبلوماسية لقصر المرادية، لأن “العلاقات الوطيدة مع روسيا يمكن أن توظفها الجزائر من أجل ملء الفراغ الذي خلفته فرنسا بالمنطقة، والجولة الأخيرة لعطاف تأتي في سياق ذلك”.
وأشار الخبير السياسي إلى أن “الجزائر تطمح إلى استغلال الإمكانيات التي تقدمها، من فرص اقتصادية مهمة؛ ما يجعلها مجالا خصبا للتنافس مع خصوم تقليديين، أولهم المغرب، الذي بدوره وفي سياق الجولة التي يقوم بها عطاف، مطالب هو الآخر بزيادة تعزيز نفوذه بمنطقة الساحل”.
وحول ما إن كانت الجولة محاولة للتأثير على مواقف دول الساحل المحايدة والإيجابية حول قضية الصحراء، أكد المتحدث سالف الذكر أن “هاته الجولة تأتي بكل تأكيد في إطار سعي الدبلوماسية الجزائرية إلى التأثير على موقف المنتظم الدولي، خاصة الإفريقي، من قضية الصحراء؛ وهو الأمر الذي يجعل الرباط مطالبة بالتصدي باستمرار للمحاولات الجزائرية”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “التحرك الجزائري بالمنطقة يأتي أيضا للتعزيز النفوذ العسكري بالمنطقة؛ وهو الأمر الذي يتماشى مع التعديلات الدستورية التي تسمح بالتدخل العسكري للجيش الجزائري في الخارج، وهو ما يتطلب ترقبا كبيرا من الرباط ومن بلدان الساحل أيضا”.
المصدر: هسبريس