رغم الكلفة وتحولات المجتمع .. عيد الأضحى ينقل المغاربة إلى مسقط الرأس
بالرغم من غلاء أسعار الأضاحي وارتفاع تكاليف النقل، ما زال الكثير من المغاربة يحرصون على إحياء عيد الأضحى المبارك في مسقط رأسهم كل عام، ويغتنمون الفرصة لتجديد الصلة بالأهل والأحباب والأرض التي كانت نقطة البداية في هذه الحياة المليئة بالتحديات.
وتمثل هذه العادات والتقاليد ركنا أصيلا في الثقافة المغربية، خاصة لدى سكان الجنوب، الذين يغادرون المدن التي تضج بهم وبأنشطتهم التجارية والخدماتية في الأيام العادية، في حالة أشبه ما تكون بعطلة سنوية خاصة بهم تتزامن مع عيد الأضحى.
في محاولة لتفسير الظاهرة، قال الحسين العمري، أستاذ الأنثروبلوجيا والسوسيولوجيا، إن العيد “مرحلة من مراحل حياة المجتمعات، والاحتفالات هي احتفالات تخرج عن العادة اليومية للساكنة ومحطة توقف وتفكير في المجتمع وهويته”.
وأضاف العمري، في تصريح لهسبريس، أن المغاربة في عيد الأضحى “ينزلون من جميع المناطق إلى جنوب البلاد ومن الجنوب إلى الشمال، وهو موسم ديني بامتياز وسنة مؤكدة، وفي الوقت نفسه فرصة لإحياء صلة الرحم بين العائلات”.
وسجل أن العديد من الأسر “تتحامل على وضعها الاقتصادي من أجل زيارة العائلة في “العيد الكبير”، وهي مناسبة تتم فيها مساعدة المحتاجين في العائلة والتلاحم بين الأسر”، مؤكدا أن المغاربة “ما زالوا متمسكين في الوقت الحالي بهذا التقليد، رغم كثرة المشاكل والتحديات الاقتصادية والمالية التي يعيشونها”.
من جهته، أوضح محسن بنزاكور، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، أن الارتباط بالأرض “يزداد قوة في التقاليد والأعياد الدينية”، مسجلا أنه “ارتباط اجتماعي وأنثروبولوجي في التقاليد المغربية يجعل الاحتفال متصلا بالأسرة والعائلة، ولا يمكن أن تغيره التحولات الاجتماعية”.
واستدرك قائلا: “ما يخيفني في هذا الأمر هو ألا تستمر هذه المسألة مع الجيل الجديد المرتبط بوسائل التواصل الاجتماعي”، لافتا إلى أن قوة “التقاليد والارتباط بالدم والنسب والأرض عند المغاربة أمر خيالي”.
وأبرز المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن القضية لها بعد اجتماعي يتمثل في كون “مجموعة من سكان القرى هاجروا إلى المدن أو إلى خارج البلد، وأصبح عندهم الاحتفال بالعيد عطلة سنوية، وبعض الحرفيين والمهنيين كالبقالين في المدن الكبرى يغلقون محلاتهم مدة شهر”.
وأشار إلى أن هذا الارتباط سيطرح إشكالا لأصحابه أمام “العجز الاقتصادي وغلاء الحياة والأضحية في المستقبل”، متسائلا: “هل سيكون الارتباط والصلة مع الأسرة بهذا الحجم؟” قبل أن يضيف “هذا سؤال ننتظر الإجابة عنه في السنة المقبلة، وعندي يقين بأنه ستقع مشاكل في السنة المقبلة على هذا المستوى”.
المصدر: هسبريس