“رابطة القضاة” تناظر في قضايا النسب
نظم مركز تناظر للدراسات والأبحاث، الأربعاء بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، حلقة نقاش في موضوع “قواعد النسب في التشريع المغربي بين التطور العلمي والاجتهاد الفقهي والقضائي”.
وسجّل اللقاء حضورا متميزا لرابطة قضاة المغرب، ومشاركة فعالة في أشغالها، حيث تناوب على الكلمة باسمها كل من رئيسها عبد العالي المصباحي، المحامي العام بمحكمة النقض، الذي قدم مداخلة أكد فيها أهمية اللقاء ودقة الإشكال المطروح للنقاش، وعضوها عبد الصمد شني، الذي قدم عرضا حول إثبات النسب بشبهة الخطبة انطلاقا من المادة 156 من مدونة الأسرة.
وعرف اللقاء العلمي ذاته حضورا بارزا لمهنيي العدالة، حيث قدمت فاطمة المرضي، المحامية بهيئة الرباط، مداخلة همت قواعد النسب في العمل القضائي، فيما تناولت مداخلة مصطفى اعليوي، العدل باستئنافية الرباط، مركز البصمة الوراثية في مؤسسة النسب.
ويندرج هذا اللقاء، كما جاء في الكلمة الافتتاحية لفؤاد مسرة، رئيس مركز تناظر للدراسات والأبحاث، في سياق “اشتغال المركز على ملف مدونة الأسرة وحقوق الأطفال والتمكين المؤسساتي والقانوني والسياسي والاقتصادي للنساء، وكسيرورة لسلسلة من اللقاءات العلمية، دأب على تنظيمها، مساهمة منه في النقاش العمومي المجتمعي الدائر حول مقتضيات مدونة الأسرة؛ وذلك وفق رؤية شمولية تقوم على ركائز أكاديمية رصينة تبتغي تحليل ما أفرزته تجربة تطبيق قواعد المدونة من ظواهر معاكسة لإرادة المشرع”.
وفي هذا الصدد أشار فؤاد مسرة، الباحث في شؤون الأسرة، إلى أن “المغرب مقبل على نموذج جديد في إصلاح مدونة الأسرة، يقوده بكل تبصر الملك محمد السادس، من شأنه إرساء اجتهاد جديد يجعل من البلد نموذجا يحتذى من طرف كل الدول الإسلامية؛ يقوم من جهة على توازن الأسرة واستمرارها وديمومتها وتماسك المجتمع، ومن جهة ثانية على النهوض بأوضاع المرأة وصيانة مصالح الأطفال وحفظ كرامة الرجل”.
واسترسل الخبير في قضايا الأسرة بأن “اختيار بحث الأحكام والقواعد المنظمة للنسب في هذه الحلقة النقاشية أملته الحاجة إلى تخصيص الوقت الكافي واللازم لدراسة وتحليل كل مفاصل مدونة الأسرة، لاسيما مع الحساسية التي تكتسيها أحكام النسب بالنسبة للمجتمعات المسلمة، وللأبعاد والآثار النفسية على الأطفال”.
وتساءل مسرة، الأستاذ الباحث بجامعة محمد الخامس بالرباط، في مداخلته الثانية المعنونة بـ”في الحاجة إلى ملاءمة قواعد النسب مع المستجدات العلمية”، حول “حدود التوفيق بين قواعد النسب التقليدية والحديثة”، منبها إلى أنه “وإن انعكس الانفتاح على الخبرة الطبية التي يقصد بها الخبرة الجينية أو البصمة الجينية على الأحكام القضائية التي أضحت أكثر إعمالا للخبرة الطبية في قضايا النسب، فمع ذلك تطرح على القضاء إشكالات لا يتم فيها الحكم بإجراء خبرة طبية لإثبات أو لنفي النسب”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “الأهمية الكبرى التي يكتسيها موضوع النسب دفعت الفقهاء القدامى إلى تنظيم أحكامه بدقة وتوسع، إلى درجة اعتبر من أهم مباحث الفقه الإسلامي، الذي اعتمدت أحكامه كقاعدة في صياغة المقتضيات القانونية التي جاء بها مشرع مدونة الأحوال الشخصية لسنة 58/1957، وتم تكريسها في تعديلات سنة 1993، وشكلت أساس مقتضيات مدونة الأسرة 2004”.
وغاص الأستاذ طيب لمنور، أستاذ باحث بدار الحديث الحسنية، في أعماق الكتب الفقهية “محاولا الإجابة عن مدى حق الطفل المولود خارج العلاقة الزوجية أو ابن الزنا في الأبوة والنسب بين الفطرة والشريعة”.
بدوره حاول خالد فتحي، أستاذ بكلية الطب، تشريح الموضوع من خلال مداخلته المعنونة بـ”البصمة الوراثية.. دواعي وحدود الاستعمال في تحديد النسب”.
وتناولت سعاد المعلاوي، الضابطة السابقة للحالة المدنية، في مداخلتها، الإشكالات العملية لقضايا النسب في علاقتها بالحالة المدنية.
وأجمعت مداخلات المشاركين على تأكيد “أهمية بحث قضايا النسب، خصوصا مع استفحال ظاهرة الأطفال المشردين وحساسية موضوع النسب في المجتمع المغربي”، وعلى صواب “الرؤية التكاملية والتقائية التخصصات العلمية والمهنية في معالجة مثل هذه القضايا التي تهم جميع أفراد المجتمع”.
وذهبت خلاصات حلقة النقاش ومقترحاتها إلى أنه “مع أهمية إدراج اللجوء إلى الخبرة القضائية ضمن مقتضيات النسب بمدونة الأسرة، فقد حان الوقت لتسمية هذه الخبرة فحص البصمة الوراثية أو الجينية، وإعادة النظر في بعض المقتضيات المتعلقة بالنسب”.
المصدر: هسبريس