يحتفل المجتمع الدولي في السادس عشر من أكتوبر من كل سنة بيوم الأغذية العالمي، الذي يصادف هذا العام الذكرى السنوية الثمانين لتأسيس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). ويُقام الاحتفال هذا العام تحت شعار “يدًا بيد من أجل أغذية ومستقبل أفضل”، من خلال تنظيم عدد كبير من الفعاليات وأنشطة التوعية في مختلف أنحاء العالم.
وقد دعا يوم الأغذية العالمي 2025 إلى التعاون على نطاق واسع لبناء مستقبل سلمي ومستدام ومزدهر وآمن غذائيًا. ومن خلال العمل المشترك بين الحكومات والمنظمات والقطاعات والمجتمعات المحلية، حثّت منظمة الأغذية والزراعة على تحويل النظم الزراعية والغذائية لضمان حصول الجميع على نمط غذائي صحي، والعيش في وئام مع كوكب الأرض.
وأكدت المنظمة أن انعدام الأمن الغذائي بلغ في بعض المناطق مستويات مرتفعة ومخيفة، إذ وصل عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع إلى نحو 673 مليون شخص. وفي مناطق أخرى، يشير ارتفاع مستويات السمنة وانتشار إهدار الأغذية على نطاق واسع إلى وجود نظام غذائي غير متوازن، حيث تتعايش الوفرة والعوز جنبًا إلى جنب في كثير من الأحيان. وأوضحت المنظمة أن تزايد أعداد السكان يستدعي عملًا جماعيًا عابرًا للحدود والقطاعات والأجيال.
ولعلّ أكثر من يحتاج اليوم إلى التدخل الدولي المستدام والعمل الجماعي هم سكان غزة المنكوبة، الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية منذ أكثر من عام ونصف، بسبب الممارسات العدوانية وغير الإنسانية لقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتُعدّ رابطة العالم الإسلامي من أبرز المنظمات الدولية التي أولت اهتمامًا كبيرًا بتوزيع المساعدات الغذائية على المحتاجين، بغض النظر عن دينهم أو انتمائهم الثقافي والجغرافي. فهي تحرص على مدّ جسور التعاون الإسلامي والإنساني مع الجميع، انطلاقًا من ميثاقها الذي يدعو إلى “تسابق الأمم عامة في ميدان العمل لخير البشرية وإسعادها، وتحقيق العدالة بين أفرادها، وإيجاد المجتمع الإنساني الأفضل، ومساندة كل ما يدعو إلى الخير”.
لقد نفّذت رابطة العالم الإسلامي العديد من المبادرات الخيرية في مختلف أقطار العالم لفائدة المحتاجين في الدول الفقيرة، خاصة في القارة الإفريقية، في إطار مساعيها الرامية إلى التعريف بالقيم الإسلامية الصحيحة والنبيلة في بعدها الإنساني والحضاري، المتطابق مع القيم الإنسانية المشتركة. كما حرصت الرابطة، بتوجيهات من أمينها العام فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، على ترسيخ مفهوم الأسرة الإنسانية الواحدة، القائمة على المحبة والتعاون في بناء المجتمع الحضاري، ومناهضة أي شكل من أشكال الإساءة إلى هذه الأسرة في وئامها وتقاربها وتعاونها وتحابّها بمختلف أديانها وأعراقها وثقافاتها ودولها.
وفي مناسبات عديدة أكد الأمين العام للرابطة أن خدماتها “لا تفرّق بين دين ودين، ولا عرق وعرق، بل تقدم خدماتها الإنسانية للجميع، أياً كانت أديانهم وأعراقهم وبلدانهم، وأن هذا يمثل قيمة أخلاقية عليا في دين الإسلام، إذ لا يساوم الإسلام فيما يُبذل لوجه الله تعالى، ولا ينتظر ثناءً ولا شكرًا من أحد”.
وفي هذا السياق، حرصت الرابطة على تجسيد ما دعت إليه وثيقة مكة المكرمة، التي أكدت أن “تعزيز مبادرات وبرامج مكافحة الجوع والفقر والمرض والجهل والتمييز العنصري والتدهور البيئي، منوط بتضامن الجهات المسؤولة كافة: الحكومية والأممية والأهلية والناشطين ذوي الصلة بخدمة العمل الإنساني وصيانة كرامة الإنسان وحفظ حقوقه”.
وانطلاقًا من رسالة الرحمة للعالمين، نفّذت الرابطة العديد من البرامج الإغاثية والغذائية في أكثر من 95 دولة حول العالم، شملت توزيع سلال غذائية للمتضررين من الكوارث الطبيعية أو النزاعات، ودعم الأسر المحتاجة والنازحين، إلى جانب مشاريع تنموية مستدامة مثل مشاريع المياه. وتستهدف هذه البرامج الوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين، خصوصًا في المناطق الأكثر احتياجًا، من خلال التنسيق مع الجهات الرسمية في تلك البلدان.
ومن بين هذه البرامج الإغاثية والغذائية، توزيع سلال تحتوي على المواد الغذائية الأساسية للعائلات المتضررة من الفيضانات والنزاعات أو خلال شهر رمضان.
وخلال سنة 2025 الجارية، واستجابةً عاجلة لطلب الحكومة الموريتانية، نفّذت الرابطة برنامج توزيع السلال الغذائية في موريتانيا بالتنسيق مع الجهات المختصة، للتخفيف من الأضرار الجسيمة التي خلّفتها السيول والفيضانات، والتي تسببت في انهيار منازل وتضرّر آلاف الأسر.
وفي جمهورية السودان، يواصل مكتب الرابطة تنفيذ برامجه الإغاثية والطبية دون توقف رغم كل التحديات الناجمة عن الحرب، بالتنسيق المباشر مع الجهات المختصة. وفي إقليم الروهينغا، وزعت الرابطة السلال الغذائية على النازحين قسرًا، وقد وفّرت بهذا العمل الإنساني الاحتياجات الغذائية الأساسية لآلاف المستفيدين، بالتعاون مع الجهات الحكومية والأممية المختصة.
وفي الموزمبيق، وزعت الرابطة المواد الغذائية والإيوائية على آلاف الأسر المتضررة من الفيضانات والسيول التي اجتاحت البلاد. وإلى جانب هذه المساعدات الإنسانية، تواصل رابطة العالم الإسلامي تنفيذ برنامجها السنوي للسلة الرمضانية، الذي استفاد منه أكثر من 200 ألف محتاج في مختلف أنحاء العالم. ويشمل هذا البرنامج تزويد الأسر المحتاجة بالاحتياجات الغذائية التي تكفيها طيلة شهر رمضان، بالتنسيق المباشر مع الحكومات والمنظمات الدولية.
وفي مجال التعاون والتنسيق والشراكة مع المنظمات الدولية المختصة، وقّعت الرابطة في أبريل 2023 اتفاقية مع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهو أكبر شبكة للمساعدات الإنسانية في العالم، تضم 192 جمعية وطنية ونحو 15 مليون متطوع.
كما تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العالمية للإغاثة والرعاية والتنمية هي إحدى الهيئات التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وقد تأسست عام 1979 بقرار من المجلس التأسيسي للرابطة. وتُعرف أيضًا باسم الهيئة العالمية للإغاثة الإسلامية العالمية سابقًا. وهي هيئة خيرية تقدم خدماتها في مجالات الإغاثة والتنمية في مختلف أنحاء العالم، وتسعى إلى تقديم المساعدات الإغاثية والتعليمية والاجتماعية والصحية والتنموية للمحتاجين والمنكوبين، ولها مكاتب وممثلون في عدد من الدول.
كما تتعاون رابطة العالم الإسلامي مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والبنك الإسلامي للتنمية، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمات أخرى لتحقيق الأمن الغذائي في الدول الإسلامية، خصوصًا في مجال دعم صغار المزارعين، وتعزيز التجارة الزراعية، والاستجابة للأزمات الإنسانية، والحد من المجاعات وسوء التغذية.
الشبكة الدولية للصحافيين العرب والأفارقة
المصدر: هسبريس