رئيس الوزراء الفنلندي يقترح إبعاد طالبي اللجوء صوب التراب المغربي

على مقربة من الانتخابات الأوروبية اقترح رئيس الوزراء الفنلندي، بيتري أوربو، أمس الأربعاء خلال حلوله ضيفا على قناة “Mtv Uutiset”، إرسال طالبي اللجوء والمهاجرين إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي، على غرار المغرب وألبانيا، لتتم دراسة طلباتهم هناك، مؤكدا في الوقت ذاته أن “التعاون مع بلدان ثالثة آمنة ضروري ويساعد طالبي اللجوء على رؤية مستقبل أفضل لأنفسهم في هذه البلدان”.
واستشهد المسؤول الفنلندي بالخطة التي أقرتها بريطانيا لإرسال طالبي اللجوء الذين يصلون إلى أراضيها إلى رواندا، التي قال إن فنلندا يجب أن تعمل على استلهامها، مؤكدا في الوقت ذاته رغبة بلاده في تطوير التعاون مع بلدان التي يمكن أن تستقبل هؤلاء المهاجرين، ولافتا في هذا الإطار إلى أن المملكة المغربية من الدول الآمنة المناسبة لتنزيل هذه الخطة.
وكانت فنلندا من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي وقعت، منتصف الشهر الجاري، على رسالة تقترح فيها تسهيل إرسال طالبي اللجوء إلى دول خارج التكتل، وابتكار حلول جديدة لنقل المهاجرين إليها، بما في ذلك أثناء عمليات الإنقاذ البحري، حيث دعت الدول الموقعة المفوضية الأوروبية إلى تطوير وسائل جديدة للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا، حسب ما أفادت به وكالة فرانس بريس.
وعلى خلفية وصول عدد من المهاجرين غير النظاميين إلى حدودها الشرقية مع روسيا قررت السلطات الفنلندية إغلاق نقاط التفتيش الحدودية بين البلدين، وهو القرار الذي مازال ساري المفعول إلى حدود كتابة الأسطر، وسط اتهامات لموسكو بالتورط في أزمة الهجرة التي يشهدها الاتحاد الأوروبي.
حلول ترقيعية
قال خالد مونة، أستاذ باحث في قضايا الهجرة، إن “مثل هذه المقترحات تنامت في الآونة الأخيرة، خاصة مع صعود بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى السلطة، التي تبحث عن حلول ترقيعية لملف الهجرة”، مشيرا إلى أن “إرسال طالبي اللجوء الذين يصلون إلى أوروبا إلى دول ثالثة ينطوي على انتهاك لسيادة هذه الدول، التي تعد غير معنية بهذا الملف، وستترتب على قبولها بذلك مسؤولية سياسية وإدارية وقانونية”.
وأوضح الباحث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الدول التي ستعمد إلى استقبال هذه الطلبات لن تربح الكثير، لكن ربما قد يقوي دخولها في اتفاقات من هذا النوع من موقعها التفاوضي في ما يتعلق بمجموعة من الملفات، على غرار ملف منح التأشيرات لموطنيها أو الاتفاقيات الاقتصادية، إلا أن هذا الأمر في النهاية لا يعالج إشكالية الهجرة في شموليتها”.
واستبعد المتحدث ذاته قبول المغرب بأي اقتراح من هذا النوع؛ ذلك أن “المملكة لديها أولا سياسة تروم معالجة ملف الهجرة غير النظامية على المستوى الإفريقي، اعتمادا على مجموعة من المقاربات، إذ تحتضن المرصد الإفريقي للهجرة، كما أن لديها مجموعة من الرهانات الجيوسياسية الكبرى علاقة بهذا الموضوع، وتحاول أيضا التأسيس لنموذج قاري في إدارة هذا الملف، وبالتالي لا يمكن أن تتحول من فاعل إلى مفعول به”.
مسؤولية ثلاثية
اعتبر عبد الفتاح الزين، منسق الشبكة الإفريقية للهجرة والتنمية، أن “الهجرة مسألة سيادية، وأي بلد لديه الحق في إدارة الملف بالشكل الذي يراه مناسبا، إلا أن الأمر أصبح ينطوي على رهانات سياسية وانتخابوية، إذ أصبحت الهجرة ذلك البعبع الذي يتم به إرعاب الناخبين الأوروبيين من أجل إقناعهم بالتصويت لهذا الحزب أو ذاك، بل أصبح هناك تنافس في المس بحقوق المهاجرين على المستوى الأوروبي”.
وأشار المصرح لهسبريس إلى “وجود توجه أوروبي إلى تقليل أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين على أوروبا، مقابل اعتماد سياسة انتقائية لاستقطاب العمالة الماهرة، إذ أصبحت الدول الأوروبية تساعد دول الجنوب في الاستثمار في التربية والتعليم، ومن ثم تستقطب منها الكفاءات لسد الخصاص الذي تعاني منه”، مسجلا أن “الدول الإفريقية مطالبة بتوحيد مواقفها في هذا الإطار، إذ سبق للمغرب أن طرح الأجندة الإفريقية للهجرة التي تبناها الاتحاد القاري وأتت بمنظور جديد لتدبير هذا الملف”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “المملكة المغربية تقدمت أيضا في إطار رؤيتها وسياستها لتدبير هذا الملف بما يسمى مبدأ المسؤولية الثلاثية، أي مسؤولية كل من دول الانطلاق والعبور والمقصد”، موردا أن “الأطروحة المغربية تقوم على معالجة الهجرة في إطار شمولي وتعاوني ومسؤول يتحمل فيه كل طرف مسؤوليته، خاصة أن دول المقصد مسؤولة عن تدفقات المهاجرين من خلال استنزاف ثروات بلادهم عبر دعم أنظمة حكم معينة”، ومشددا على أن “المجتمع المدني بدوره يجب أن يوحد مواقفه في هذا الصدد”.
المصدر: هسبريس