رئاسة سانشيز للحكومة تنسف “حلم الجبهة” بتراجع إسبانيا عن دعم مغربية الصحراء
بعدما نال الأمين العام للحزب العمالي الاشتراكي الإسباني، بيدرو سانشيز، ثقة البرلمان ليكون رئيسا للحكومة الإسبانية لولاية ثانية، وأدى اليمين أمام الملك فيليبي السادس، بدأت “الأحلام الانفصالية لجبهة البوليساريو” تتراجع سياسيا بعدما كانت أعلنت رسميا أنها تراهن على الحزب الشعبي الإسباني للتراجع عن الموقف الرسمي الداعم للمغرب في قضية الصحراء المغربية.
ويرى محللون أن “البساط صار يُسحب من تحت أقدام الأوساط الصحراوية الانفصالية الكائنة بشبه الجزيرة الإيبيرية”، خصوصا أن “الأوراق السياسية التي تعول عليها تبدو محروقة”، بعدما صوتت النائبة تشي سيدي، المنتمية إلى تنظيم “البوليساريو” وتحالف “سومر” اليساري، مُرغمةً، لصالح سانشيز وفقا للاتفاق الذي تم الشّهر الماضي بين تكتل “سومر” والحزب العمّالي الاشتراكي لأجل تشكيل الحكومة.
“حلم مستحيل”
عبد الحميد البجوقي، المتخصّص في العلاقات المغربيّة الإسبانيّة، قال إن “فوز سانشيز سيؤكد مرة أخرى أن الرهان على الحزب الشعبي الإسباني لم يكن سوى فشل في تدبير الجزائر لهذا الملف وتسويقه خارجيا، باعتبارها الحاضن والطرف الحقيقي في هذا النزاع المفتعل الذي يستعمل البوليساريو كذراع فقط”، مضيفا أن البوليساريو كانت تتوفر على الدعم استنادا على كونها “حركة تحررية”، قبل أن يتساءل “كيف لحركة من هذا القبيل أن تنتظر الدعم من حزب يميني محافظ؟”.
وسجل البجوقي، في تصريح لهسبريس، أن “اليسار بنفسه داخل الأوساط السياسية الإسبانية صار يعيد النظر في علاقته بهذه الشعارات المتعلقة بالحركات التحررية لأن منطقها ينتمي إلى زمن الحرب الباردة، وهذا اليوم لم يعد راهنيّا”، مضيفا أن “العديد من القيادات اليساريّة عبرت في مناسبات كثيرة غير رسمية أنها صارت تجد حرجا في دعم البوليساريو، فكيف تستطيع الرهان إذن على حزب يميني إسباني؟”.
وأوضح أن “تشي سيدي كان منتظرا تصويتها لصالح سانشيز، وهي أصلا حاضرة في تكتل “سومر” من باب الماركوتينغ السياسي لأجل استمالة بقايا الناخبين الذين لديهم نوستالجيا في علاقتهم بموضوع الصحراء”، مشيرا إلى أن “سومر مع ذلك غير مواقفه بشكل كبير، ولكن على نحو تدريجي”. وأضاف أن “البوليساريو تنتظر الدعم في الوقت الحالي من أي جهة بعدما تمت محاصرتها سياسيا، وغدا طرحها الانفصالي محدودا للغاية”.
وشبّه البجوقي “الرهان على الحزب الشعبي بأنه نوع من ضرب الأعمى بالعصى”، مبرزا أن “المغرب كان شفافا مع المجتمع الدولي بكون قضية الصحراء هي النظارة التي تنظر بها الرباط إلى العالم، ولا تستطيع الجبهة الانفصالية أن تجابه الدعم السياسي الدولي الذي حشدته الرباط لصالح قضيتنا الوطنية الأولى لكون حل هذا النزاع المفتعل يوجد في المغرب وليس في إسبانيا”.
محدودية معرفة المغرب
نبيل دريوش، المتخصص في الشّأن الإسباني، أوضح أن “رئاسة شانسيز للحكومة تعمق الخسارات المتواصلة التي صارت تلاقيها جبهة البوليساريو الانفصاليّة في إسبانيا، خصوصا في رهانها الذي أعلنت عنه سابقا فيما يتعلق بالتعويل على الحزب الشعبي الإسباني للتّراجع عن الاعتراف بمغربيّة الصحراء”، مؤكدا أن “الرّهان على ألبيرتو نونييز فييخو راجع إلى المعرفة المُتواضعة لدى قيادات هذا الحزب عن المغرب وقضيّته الوطنية”.
وأبرز دريوش، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “مواقف هذا الحزب المناوئة للمغرب، والتي تثير اهتمام قيادات “الجبهة” بالأراضي الإيبيرية، لم تجد طريقا إلى تشكيل الحكومة”، مضيفا أنه حتى لو نال فييخو الثقة التي نالها سانشيز، فلن يستطيع التراجع عن القرار السّيادي الخاص بالاعتراف بمغربية الصحراء لكونه قرار ليس من وحي حكومة سانشيز، بل نابع من إرادة الدولة الإسبانية العميقة، بما فيها الجيش والمخابرات والملكية”.
وتابع قائلا: “حتى داخل الحكومة الائتلافيّة الأولى وجد الصّوت الانفصالي معبرا عنه، لكنّه لم يكن مؤثّرا لكون قضية الصحراء المغربية هي قضية رأي عام في إسبانيا، والدولة الإسبانية راعت مصالحها الاستراتيجية ولا يمكن أن تعود إلى الوراء لكون المغرب واضح في هذا الجانب”، لافتا إلى أن الأحزاب السياسية المغربية يجب أن تقطع الطريق على الجبهة الانفصالية من خلال تصحيح الكثير من الأفكار المغلوطة لدى قيادات الحزب الشعبي حول المملكة المغربية”.
وسجل المتخصص في الشأن الإسباني أن “الحزب اليميني الإسباني عرف هزات كثيرة في السنوات الأخيرة، وسيعيش هزات ارتدادية داخلية أخرى بعد انهزام فييخو أمام سانشيز”، مضيفا أن “المغرب عليه أن يتتبع بشكل دقيق ما يجري داخل هذا الحزب، الذي تعتبره البوليساريو “ورقة رابحة” بإسبانيا، فهذا الحزب سيعود مستقبلا إلى السلطة، وعليه أن يكون عارفا بالدولة المغربية وبسياساتها الخارجية وقضاياها الوطنية”.
المصدر: هسبريس