فوجئت لجان تفتيش تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية، خلال مهام تفتيش أنجزتها بجماعات في أقاليم بجهتي الدار البيضاءسطات ومراكشآسفي، بتعمد رؤساء جماعات وموظفين جماعيين بمصالح مختلفة إخفاء أرشيف مصالح حيوية، خصوصا التعمير والجبايات، في ظروف غامضة، ما عرقل مهامها الرقابية المرتبطة بالتدقيق في الصفقات والرخص الإدارية أساسا.

وعلمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع بكشف تسريبات من تقارير تفتيش منجزة عن تبرير مسؤولي مصالح جماعية تبديد وثائق وأرشيف معاملات إدارية بسرقات مجهولة، ما أثار استغراب المفتشين الذين دونوا في تقاريرهم ملاحظات بشأن شبهات محاولات لطمس أدلة خروقات تدبيرية خطيرة.

وأفادت المصادر ذاتها بوجود ملفات حساسة ضمن الوثائق المختفية، تتعلق بمنح رخص بناء مشبوهة، وتفويت صفقات لفائدة شركات “محظوظة” دون احترام المساطر القانونية، موضحة أن أرشيفا شهد تسرب مستندات مهمة أخرى، خصوصا عقود كراء مرافق جماعية، وسجلات جرد وتحصيل الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، وسط شبهات بالتستر على خروقات ومحاولة تضليل المفتشين.

وأكدت مصادر استغراق لجان تفتيش أياما طويلة في التردد على أرشيف مصالح جماعية، بعدما اختفت وثائقه في ظروف غامضة، ما عرقل مهامها في التدقيق والمراقبة، رغم وعود قدمت لهذه اللجان من قبل مسؤولين وموظفين جماعيين بتمكينها من الوثائق في تواريخ محددة، لتفاجأ بضياع وثائق مطلوبة دون تقديم أي توضيحات مقنعة.

ويتعامل مسؤولون وموظفون جماعيون، بمختلف درجاتهم، مع الأرشيف باستهتار كبير، رغم الأهمية التي أولاها له المشرع، ولاسيما في ما يتعلق بإثبات الحقوق وحفظها، وترسيخ أسس الحكامة، وتعزيز شفافية الإدارة، وتكريس مبدأ المسؤولية، وضمان استمرارية المرفق العام؛ هذا دون إغفال الدور الحيوي الذي يضطلع به في دعم البحث العلمي، وصيانة التراث الوطني، وتعزيز الذاكرة الجماعية.

وتعجز جماعات ترابية، خصوصا الحضرية منها، في كثير من الأحيان، عن تقدير مصالحها الإدارية ومصالح المرتفقين والمواطنين، بسبب معضلة غياب الوثائق والملفات. وشكل هذا الموضوع محور نقاش داخل اجتماعات لجان ودورات عادية واستثنائية لمجالس، كما تلقى رؤساء شكايات شفوية من نواب لهم تدعوهم إلى اتخاذ مواقف أكثر حزما في هذا الصدد.

وكشفت مصادر هسبريس عن تركز نوعية الوثائق “المحجوبة” عن لجان التفتيش حول تراخيص مشاريع سكنية، ورخص استثناء لتخصيص مساحات لبناء مرافق عمومية، وكذا مستندات صفقات تهيئة وتعبيد طرق، فازت بها شركات بعينها على مدى سنوات، وشابتها شبهات اختلالات في تدبريها، حيث حصلت على وصولات تسليم نهائية دون مراقبة الأشغال أو التأكد من جودتها.

وامتدت قوائم الوثائق المختفية من أرشيف جماعات إلى عقود كراء أسواق أسبوعية ومواقف السيارات ومنتزهات بلدية، إذ فوتت بعض هذه المرافق لمقربين بأثمان رمزية، إضافة إلى سندات و”بونات” خاصة باستهلاك المحروقات؛ فيما شملت أيضا سجلات إحصاء “الأراضي العارية” ومحاضر استخلاص الضريبة على الأراضي غير المبنية، وسط جدل حول إعفاء مقربين من رؤساء جماعات.

المصدر: هسبريس

شاركها.