كشفت معطيات متطابقة حصلت عليها جريدة من مصادر مطلعة داخل عدد من الجماعات الترابية بجهة الدار البيضاءسطات، عن لجوء بعض رؤساء الجماعات إلى توظيف تعويضات نوابهم في تصفية حسابات سياسية ضيقة، عبر إيقاف صرفها أو الامتناع عن التأشير عليها، بدعوى الخلافات السياسية ومعارضة بعض القرارات المعروضة داخل المجالس.

وأوضحت المصادر ذاتها أن عددا من الرؤساء أقدموا على تعطيل صرف تعويضات نواب ينتمون إلى الأغلبية أو المعارضة، فقط بسبب اتخاذهم مواقف مخالفة لتوجهات الرئيس، أو رفضهم “الاصطفاف السياسي” وراء قرارات مثيرة للجدل، معتبرين هذه الخطوة بمثابة “عقاب اقتصادي” يراد به الضغط على المنتخبين ودفعهم إلى التراجع عن أدوارهم الرقابية والمعارضة.

وأكدت المصادر أن هذا السلوك خلق حالة من الاحتقان داخل عدد من المجالس الجماعية، خاصة بعد أن تفاجأ نواب منتخبون بتوقيف تعويضاتهم دون أي سند قانوني، رغم مصادقة دورات الميزانية على هذه التعويضات، واستمرارهم في مزاولة مهامهم بشكل عادي، واحترامهم لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية.

وفي السياق ذاته، أفادت المصادر أن بعض رؤساء الجماعات لجؤوا إلى إشراك موظفين عموميين في هذه العملية، من خلال تعطيل المساطر الإدارية المرتبطة بصرف التعويضات، أو الامتناع عن توقيع الوثائق اللازمة، وهو ما يطرح، حسب المصادر عينها، إشكالات قانونية وأخلاقية تتعلق باستعمال الإدارة كأداة لتصفية الخلافات السياسية.

وشددت المصادر على أن تعويضات النواب ليست منحة شخصية أو امتيازا خاضعا لمزاج الرئيس، بل حق قانوني مرتبط بممارسة المهام الانتدابية، ومؤطر بنصوص تنظيمية واضحة، مضيفة أن ربطها بالمواقف السياسية يشكل “انحرافا في استعمال السلطة” ومساسا بمبدأ التدبير الحر الذي تقوم عليه الجماعات الترابية.

وأشارت معطيات إلى أن عددا من النواب المتضررين يدرسون اللجوء إلى القضاء الإداري، من خلال رفع دعاوى ضد رؤساء جماعات بسبب الامتناع غير المبرر عن صرف التعويضات، خاصة في ظل توفر محاضر دورات صادقت صراحة على هذه المخصصات المالية، وهو ما قد يضع بعض الرؤساء تحت طائلة المساءلة القانونية.

واعتبرت أن ما يجري يعكس أزمة تدبير داخل بعض الجماعات، وهيمنة منطق “الرئيس الآمر الناهي”، بدل احترام التعددية السياسية داخل المجالس، محذرين من أن استمرار هذه الممارسات من شأنه إفراغ العمل التمثيلي من محتواه، وتحويل المجالس إلى فضاءات خاضعة للولاءات بدل النقاش الديمقراطي.

كما أكدت على أن وزارة الداخلية مطالبة بالتدخل لوقف هذه التجاوزات، عبر تفعيل آليات المراقبة الإدارية والقانونية، وضمان احترام حقوق المنتخبين، وصيانة استقلالية العمل الجماعي، بما يكفل ممارسة المعارضة لدورها دون خوف من العقاب أو التضييق المالي.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.