اخبار المغرب

“ذكرى 16 ماي”..اليقظة الأمنية تحاصر مد المخططات الإرهابية بالمغرب

تحلّ بعد أيام الذكرى الحادية والعشرين لتفجيرات 16 ماي الأليمة، التي شهدتها مدينة الدار البيضاء، والتي خلفت ما يقارب 30 قتيلا من مواطنين مغاربة وأجانب، وحوالي 100 جريح، حيث اختار المتطرفون الذين لم تتجاوز أعمارهم 25 سنة لعملياتهم الإجرامية مطاعم وفندق وإحدى المقابر وسط العاصمة الاقتصادية للمملكة.

وتشكل هذه الذكرى محطة للوقوف على المسار الذي قطعته المنظومة الأمنية المغربية بعد هذا الحدث الاستثنائي، حيث شهدت العقود التي تلته تطورات مهمة في هيكلة وتوجهات المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وباقي مكونات المنظومة الأمنية المغربية بشكل عام.

منذ تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية”البسيج”، تمكن الآخير من اجهاض، 91 خلية (85 تابعة لداعش)، منها 21 خلية (سنة 2015)، 19 خلية (سنة 2016)، 9 خلايا (2017)، 11 خلية (سنة 2018)، 14 خلية (سنة 2019)، و8 خلايا (سنة 2020)، و4 خلايا (سنة 2021)، وخليتان (سنة 2022)، و3 خلايا (سنة 2023) بما فيها التي تم التنسيق في تفكيكها مع السلطات الإسبانية.

ويسجل خبراء أمنيون، أن المنظومة المغربية نجحت في التكيّف مع التطورات التي شهدها المجال الأمني على المستوى الدولي خاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا والرقمنة، وكذا تطور الجريمة التي أصبحت عابرة للأوطان، وتستعمل التكنولوجيا الدقيقة في زعزعة الأمن ونشر الإرهاب و الجريمة المنظمة .

مقاربة جديدة

محمد طيار، الخبير الأمني،  أكد في حديثه لجريدة “”، أن جهاز الأمن المغربي نجح في كسب ثقة المواطنين، وفي التواصل بشكل عام مع مختلف شرائح المجتمع، مع ترسيخ مبادى الحكامة الأمنية، وتجسيد شرطة مجتمعية وفق التطورات التي شهدها العمل الشرطي دوليا.

وتمكنت السلطات المغربية، وفق إحصائيات رسمية لجهاز “البسيج” من تفكيك 210 خلية إرهابية غالبيتها بايعت تنظيم “داعش”، إضافة إلى 8 خلايا جديدة تم اجهاضها خلال السنوات الأخيرة، وكانت تستعد لتنفيذ هجمات دموية بالمملكة، منها  91 خلية تم تفكيكها على يد المكتب المركزي للأبحاث القضائية منذ انشائه في مارس 2015، وتضم 85 خلية موالية لـ”داعش”.

وحول أحداث الدار البيضاء الدامية لسنة 2003، قال طيار إن اختيار تاريخ تنفيذها لم يكن صدفة أو اعتباطا، مبرزا أنه خلال هذا التاريخ يتم تخليد ذكرى تأسيس مديرية الأمن الوطني بالمغرب في 16 ماي 1956، معتبرا أن تفجيرات الدار البيضاء كانت رسالتها موجهة بالدرجة الأولى إلى المنظومة الأمنية المغربية، وعلى رأسها مديرية الأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني.

هذه “الأحداث الدامية” التي تسببت في رجة خطيرة، يقول الخبير، أعقبها تغيير في طريقة التنسيق بين الأجهزة الأمنية المكلفة بتثبيت الشعور بالأمن، وجعلت الدولة المغربية تعيد النظر في استرتيجيتها المعتمدة، وتم تطوير المنظومة الدينية والترسانة القانونية والبرامج التنموية المعتمدة، بالإضافة إلى طريقة توزيع خريطة المشاريع التنموية.

ونجحت السلطات الأمنية المغربية، في  ايقاف 1400 شخصا بما فيهم العائدون من بؤر التوتر، بالأراضي السورية العراقية، إضافة إلى 100 شخص كانوا ينشطون في إطار الإرهاب المعلوماتي وبث دعايات للاستقطاب والتجنيد

واشار طيار إلى أنه تم اتخاذ العديد من التدابير والإجراءات المتنوعة، والتي أثبتت نجاعتها بعد ذلك، حيت استطاعت المملكة تحقيق العديد من الإنجازات ، واستطاعت أن تنتصر على الخطر الإرهابي والجريمة المنظمة في العديد من المحطات، بشكل عرف إشادة كبيرة من دول العالم، والدليل في ذلك هو عدد الخلايا الإرهابية الخطيرة وعصابات الجريمة التي تم تفكيكها.

خطر قائم

بالمقابل يرى الخبير الأمني المغربي، أن الخطر الإرهابي “لازال قائما” بعد مرور سنوات عديدة  على  أحداث الدار البيضاء، والدليل هو الخلية الإرهابية التي تم تفكيكها في الأيام القليلة الماضية ، المرتبطة بتنظيم “داعش”.

ولفت إلى أن المملكة المغربية قريبة من منطقة الساحل الإفريقي، ولصيقة بحدودها، التي تعرف انتشار التنظيمات الإرهابية من قبيل تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” و”تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا” التابعين لتنظيم “داعش”، بالإضافة إلى تنظيم ” نصرة الإسلام والمسلمين”، الذي ينسب نفسه إلى تنظيم القاعدة، وهو ما يجعل المغرب في موقع استنفار وجاهزية قوية، ومرتفعة من أجل التصدي لمختلف التهديدات والمخاطر المحدقة بالتراب الوطني.

وسجل طيار أنه رغم مرور أكثر من عقدين من الزمن على أحداث الدار البيضاء، ورغم نجاح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، وإفشال العديد من المشاريع الإرهابية في المغرب وفي العديد من دول العالم، يبقى حضور تنظيم القاعدة في دول المشرق وأيضا في بعض مناطق المغرب العربي، كتونس وليبيا والجزائر ودول الساحل، والحضور المتصاعد لتنظيم “داعش” في سوريا والعراق وفي عدد من دول آسيا خاصة ما يعرف بمنطقة خرسان وفي غرب ووسط إفريقيا، فضلا عن منطقة القرن الإفريقي، مؤكدا أن” هناك عوامل أخرى تجعل الخطر الإرهابي لازال محذقا بالأمن القومي المغربي”.

وقال الخبير المغربي، إن الإجراءات والتدابير التي يقوم بها المغرب، هي تدابير محكمة جعلت المنظومة الأمنية في جاهزية كاملة، واستعداد كبير للتصدي لمجموع التهديدات المحدقة بأمن الوطن وأمن المواطنين. ولفت إلى  أن أحداث الدار البيضاء، ورغم المآسي التي خلفتها في الأرواح، فقد شكلت محطة مهمة وفارقة في تاريخ جهاز الاستخبارات والأمن المغربي، مشيرا إلى أن “السمعة والمصداقية العالمية التي تحظى بها أجهزة الاستخبارات المغربية دوليا، وكذا جهاز الشرطة المغربية، ودوره في تأمين تظاهرات رياضية دولية من حجم كأس العالم لكرة القدم في قطر”.

كما نبه طيار إلى سعي فرنسا للاستعانة بخبرة المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وكذلك المديرية العامة للأمن الوطني في تأمين تنظيم أولمبياد باريس، فضلا عن عدد الشركات والاتفاقيات الدولية التي عقدتها دول العالم مع جهاز الأمن المغربي والمكانة التي يحتلها دوليا، كلها محطات تؤكد نجاح المغرب في المقاربة الأمنية المعتمدة بعد أحداث الدار البيضاء”.

وخلص الخبير الأمني، إلى  أن نجاح المقاربة الاستباقية التي اعتمدها الأمن المغربي في عمله، التنسيق مع أجهزة استخبارات الدول الحليفة، جعلت منه مدرسة قائمة الذات في مجتمع الاستخبارات الدولية، مشهود لها بالكفاءة والمصداقية، استطاعت أن تجنب العديد من الدول في مختلف أرجاء العالم، مآسي إنسانية خطيرة، واستطاعت أن تلعب دورا مهما وواسعا في بناء الاستقرار والأمن الدوليين.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *