ذاكرة رياضية.. بنسودة أول وزير للرياضة يمنح لقب كأس العرش للفريق السباق للتسجيل
أفرد الدكتور منصف اليازغي في كتابه الموسم بـ”السياسة الرياضية بالمغرب 1912 2012″ تفاصيل كثيرة جديرة بالمتابعة والإطلاع لكونه مرجعا مهما لفهم الرياضة المغربية وتتبع التحولات التي طرأت عليها وكل التغيرات التي تعتمل داخلها.
كثيرة هي الأحداث والوقائع التي أفرد لها الدكتور منصف اليازغي صفحات لتوثيقها والحديث عنها حتى تصل إلينا في شكل إنتاج معرفي نعود إليه لفهم مسار وتطور الرياضة الوطنية المغربية لعل أبرزها حديثه عن أحمد بنسودة كأول وزير لقطاع الشباب والرياضة.
يقول الدكتور اليازغي في المبحث الثاني من الفصل الأول في كتاب السياسة الرياضية بالمغرب، تحكمت عدة عوامل في تعيين المسؤولين عن القطاع الرياضي، وهي على الخصوص الانتماء الحزبي الانتماء العائلي، فمزاجية القصر، بالإضافة إلى الإرهاصات التي عادة ما تسبق عملية توزيع الحقائب الوزارية”.
وأضاف اليازغي، “كان واضحا منذ أول حكومة أن النظام غير مقتنع بالدور الحقيقي الذي من الممكن أن تلعبه الرياضة وسط المجتمع المغربي، إذ عُين على رأس أول جهاز حكومي مكلف بالرياضة احمد بنسودة الفقيه وخريج المدرسة القرآنية وجامعة القرويين”.
وتابع الباحث، “كان بنسودة يتعامل مع الوزارة تعامله مع الخلايا الوطنية، يرشد ويوجه ويربي، والتحاقه بها جاء في إطار التقسيم الذي اتفق عليه حزبا الاستقلال والشورى والاستقلال مع محمد الخامس يحصل من خلاله الأول على 9 حقائب والثاني على 6 مقابل نفس العدد للمستقلين، علما أن الإعلان عن الحكومة لم يتطلب سوى أسبوع أو 10 أيام من التفاوض”
وأضاف، “ذلك أن محمد الخامس رجع إلى المغرب يوم 16 نونبر 1955 وتشكلت الحكومة يوم 7 دجنبر من نفس السنة”، ما يعني أنه لم يتم أخذ المسافة الزمنية الكافية لتشكيل حكومة تضم أطرا تتناسب وظائفها مع المرافق العمومية التي ستشرف عليها، بقدر ما كانت الرغبة في تشكيل حكومة في وقت زمني قصير لترجمة الاستقلال الذي حصل عليه المغرب للتو”.
وأشار الى أنه، “إذا كان حزب الشورى والاستقلال ضغط على بنسودة من أجل قبول العرض السلطاني بدعوى ضرورة الاهتمام في تلك المرحلة بنوعية الحقائب الوزارية وليس بكميتها، فإن بنسودة وجد نفسه في مأزق حقيقي في أول مناسبة رياضية يترأسها محمد الخامس، فبعد انتهاء المباراة النهائية لكأس العرش بتاريخ 25 نونبر 1956 في توقيتها القانوني متعادلة بين الوداد الرياضي ومولودية وجدة”.
يقول المؤلف في كتابه، “التفت محمد الخامس إلى أحمد بنسودة، بصفته وصيا على قطاع الشبيبة والرياضة، مستفسرا إياه عن كيفية تحديد الفائز، وبسبب جهل بنسودة بالجانب الرياضي برمته فبالأحرى بتفاصيل كرة القدم، فقد التفت إلى رئيس جامعة كرة القدم الذي أفتى عليه في ظل قوانين داخلية منظمة للمسابقة بمنح اللقب للفريق الذي كان سباقا للتسجيل، فكان ذلك وسط غضب الجمهور الودادي”.
وعن تعيين احمد بنسودة وزيرا للشباب والرياضة وهو في سن ال36 من عمر، تطرق الكاتب الى “أن الأمر لم يكن يتعلق بوجود خلفية رياضية لدى بنسودة أو رغبة من الدولة في تحريك القطاع الرياضي بقدر ما كان الأمر مرتبطا بحسابات سياسية بين حزبين كبيرين آنذاك قسما الحقائب الوزارية الموضوعة أمامهما”.
وتابع، “علما أن الحزبين معا استعانا بالأطر الفاسية، وقد شكل ذلك بداية مسلسل هيمنة الفاسيين على المناسب الوزارية في الحكومات المغربية إلى درجة أن هذه الهيمنة كانت إحدى الأسباب التي أدت إلى حدوث مجموعة من الاضطرابات والانتفاضات في السنوات الأولى من الاستقلال نتيجة امتعاض بعض السياسيين المحبطين من سياسة الحكومات بدعوى اهتمامها بالوسط الحضري وإهمال الوسط القروي”.
وعاد اليازغي ليؤكد أن “أول تعيين لمسؤول عن الرياضة يأتي وفق توجه مدروس وبمنظور سياسي كان بمناسبة تعيين حسني بنسليمان على رأس المندوبية السامية للرياضة، إذ جاء ذلك ضدا على احتكار حزب الاستقلال والفاسيين لتدبير الشبيبة والرياضة منذ ثاني حكومة بتاريخ 26 أكتوبر 1956 إلى غاية الحكومة السادسة التي انتهت مهامها يوم 02 يونيو 1961 بثلاثة وزراء”.
يشار إلى أن أحمد بن سودة هو سياسي مغربي، شارك في الحركة القومية والعمل الوطني الممهد لاستقلال المغرب، ومؤسس جريدة الرأي العام سنة 1947، ووزير الشبيبة والرياضة بعد استقلال المملكة المغربية، ثم عامل إقليم الرباط، ثم مديرا للإذاعة والتلفزة وسفير للمغرب في لبنان ثم مدير للديوان الملكي المغربي، ومستشارا للملك الحسن الثاني.
المصدر: العمق المغربي