ذاكرة رياضية.. الحسن الثاني يترأس أول مناظرة للرياضة الوطنية بعد نكسة طوكيو 1964
كان للأحداث الرياضية والإخفاق الذي رافق الرياضة المغربية قبل سنة 1965، سواء في كرة القدم أو الألعاب الأولمبية، دور كبير في عقد أول مناظرة وطنية للرياضة بالمغرب يوم 11 مارس بغابة المعمورة بمدينة سلا، لتشريح واقع الرياضة بحضور الملك الراحل الحسن الثاني.
يقول الدكتور منصف اليازغي في كتابه الموسوم بـ”السياسة الرياضية بالمغرب 19122012″، “لقد شهدت الرياضة طيلة الخمسة وخمسين سنة التي تلت الاستقلال تنظيم مناظرتين فقط خاصتين بجميع الأنواع الرياضية سنتي 1965 و 2008، إضافة إلى بعض المناظرات الأخرى التي تهم بعض الأنواع الرياضية، وسنركز من بين هذه الأخيرة على مناظرة 1980 التي تهم رياضة كرة القدم نظرا لارتباط تنظيمها بظروف سياسية، إضافة إلى أنها تشترك مع مناظرتي 1965 و 2008 في أنها جرت تحت إشراف سلطة حكومية”.
وأضاف اليازغي، “جاءت المناظرة الوطنية الأولى التي تم تنظيمها يوم فاتح مارس 1965 بمراكش حول الرياضة المغربية مباشرة بعد استهلاك المغرب لرصيد النجوم الرياضية التي خلفها العهد الاستعماري وأيضا بعد إقصاء المغرب أمام اسبانيا في إطار تصفيات كأس العالم 1962 بالشيلي، واحتلال المغرب للصف الأخير في سبورة الميداليات في أولمبياد طوكيو سنة 21964، وانسحابه من المشاركة في دورتي كأس إفريقيا سنتي 1962 و 1965 ، وتفشي الارتجال وانعدام التخطيط وانتشار بيروقراطية المسؤولين داخل الجامعات”.
وتابع صاحب الكتاب، “بدأ التفكير في الإصلاح وإعداد الدراسات، ولم يكن الحل في نظر المسؤولين سوى تنظيم مناظرة وطنية حول الرياضة على غرار المناظرات الوطنية المنظمة ما بين 1963 و 1964 حول الفلاحة والتعليم والتجارة والصناعة، وإذا كانت هذه المجالات الأخيرة فرضت نفسها كأولوية مباشرة بعد الاستقلال نظرا لارتباطها المباشر بالاقتصاد والتنمية، فإنه يصعب الحديث عن الرياضة بنفس السمة، فعكس القطاعات السالفة الذكر ، فإن قطاع الرياضة لم يتم إدراجه كأولوية في جل مخططات التنمية التي شهدها المغرب منذ 1958 إلى غاية 1965، كما أن الميزانية القطاعية ظلت رهينة نسب ضعيفة وسط الميزانية العامة للدولة لم تتعد حاجز 1 في المائة سوى 3 مرات ما بين 1956 و 1965”.
يقول اليازغي، “تميز اليوم الافتتاحي للمناظرة بقصر البلدية بمراكش بحضور الحسن الثاني مرفوقا بالمدير العام للديوان الملكي وعدة وزراء ورئيس مجلس النواب وعامل الإقليم وباشا المدينة ورؤساء أقسام بوزارة الشبيبة والرياضة وممثلي الجامعات الرياضية وأعضاء المجلس الأعلى للرياضة واللجنة الأولمبية المغربية، ورغم أن الحسن الثاني أشار إلى أن المائدة المستديرة التي جرت قبل المناظرة بأيام قد كونت لجانا متعددة وأعدت التوصيات الخاصة بالمناظرة، فقد ارتأى أنه من الواجب علينا أن نوجهكم شيئا ما قبل أن تنكبوا على دراسة تلك الاستنتاجات، بكل ما يحمل ذلك من إشارات بخصوص الاتجاه الذي ستسير عليه المناظرة”.
وأوضح صاحب كتاب السياسة الرياضية بالمغرب، ‘أن الملك ركز في كلمته على النقاط التالية: المنافع العامة للممارسة الرياضية، ودفع الأقاليم والبلديات إلى الاستثمار في التجهيز الرياضي، والبحث عن المواهب الرياضية، وتفادي التركيز على جل الأنواع الرياضية واختيار الأنواع الرياضية التي سيحقق فيها المغاربة نتائج جيدة”.
وزاد اليازغي قائلا، “أشار الحسن الثاني في ختام كلمته إلى أن التوصيات التي ستتمخض عنها المناظرة سترفع إلى وزير الشبيبة والرياضة الذي سيرفعها إليه للاطلاع عليها وإبداء الرأي. وكان باديا على وزير الشبيبة والرياضة عبد الرحمن الخطيب أنه اختار طريق المصارحة عندما دعا إلى السمو بالرياضة فوق المصاعب اليومية للقضاء على العزلة والتردد الذي عانى منه الرياضيون والمسيرون، معترفا في كلمته بوجود صعوبات في الجمعيات والجامعات الرياضية وبضعف الوسائل والبنيات التحتية غير القادرة على استقبال 5 ملايين من المغاربة تتراوح أعمارهم ما بين 7 و24 سنة”.
وافتُتحت بشكل فعلي أشغال المناظرة يوم 11 مارس بغابة المعمورة ( ضواحي الرباط) لمدة 3 أيام، أي بعد 10 أيام عن حفل الافتتاح بمراكش، وتم إنشاء 4 لجان 3 اشتغل أعضاؤها على مدن الرباط وطنعة والدار البيضاء ومراكش، كما وضعت جل الوثائق بين يدي المتناظرين مرفوقة بالتوصيات الملكية. وتضمنت الكلمة الافتتاحية لعبد الرحمن الخطيب وزير الشبيبة والرياضة إشارة واضحة إلى التوصية التي وردت في الخطاب الملكي في افتتاح المناظرة”.
المصدر: العمق المغربي