قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن “العلاقات مع موريتانيا شهدت، سنة 2025، دينامية غير مسبوقة”؛ من خلال “انعقاد لجان متخصصة مشتركة، وتبادل عدد مهم من الزيارات بين مسؤولي البلدين. كما جرى التوقيع على عدد من الاتفاقات”، مبرزا أنه “من المرتقب أن تنعقد الدورة التاسعة للجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية في نواكشوط، قبل متم السنة الجارية”.
وأشار بوريطة، خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته برسم سنة 2026 أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية وشؤون الهجرة والمغاربة المقيمين في الخارج، إلى أنه “على الرغم من غياب علاقات دبلوماسية بين بلادنا والجزائر، فإن الملك محمدا السادس دعا، في خطابه ليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، بمناسبة اعتماد مجلس الأمن للقرار 2797، الرئيس الجزائري شخصيا إلى حوار أخوي صادق بين المغرب والجزائر، من أجل تجاوز الخلافات وبناء علاقات جديدة قائمة على الثقة وروابط الأخوة وحسن الجوار”.
وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن ملف الصحراء المغربية يعرف، بعد 50 سنة من افتعاله، “تطورا مضطردا نحو حل نهائي في إطار الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب سنة 2007، والذي خلق زخما نوعيا وغير مسبوق سواء على مستوى أجهزة منظمة الأمم المتحدة أو على مستوى العلاقات الثنائية للمغرب مع شركائه الدوليين”.
وأكد المسؤول الحكومي أن “ملف الصحراء يعرف تحولا عميقا على مستوى الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي. ويتمثل ذلك في تكريس عدد من القوى الكبرى، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، لموقفها الثابت من مغربية الصحراء؛ وهو ليس مجرد إعلان، بل دفع حقيقي للمسلسل السياسي بقوة نحو حل نهائي للملف على أساس الحكم الذاتي”.
وبذلك، ذكر بوريطة أنه “تأكد للمبعوث الشخصي والمجتمع الدولي ككل أن المسعى من المباحثات ليس هو البحث عن حل؛ فالحل معروف ولن يكون غير الحكم الذاتي، بل المسعى هو إيجاد توافق حول كيفية تنزيل الحل بشكل نهائي وعملي لهذا النزاع المفتعل”.
وشدد الوزير الوصي على الشؤون الخارجية في حكومة عزيز أخنوش على أن “الاعترافات المتزايدة بمغربية الصحراء ودعم الحكم الذاتي دخلت مرحلة جديدة تتميز برغبة المجتمع الدولي في إيجاد حل نهائي لهذا النزاع، بما يضمن سيادة المغرب واستقرار المنطقة ككل”.
في هذا السياق، أورد المتحدث ذاته أن اعتماد القرار رقم 2797 لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية، يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، يشكل “قرارا تاريخيا بالنسبة إلى المغرب؛ بالنظر إلى أنه يكرس الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتباره الحل الأكثر واقعية، وحثه المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة على إجراء مفاوضات بناء على مقترح الحكم الذاتي”.
وتابع بوريطة شارحا: “بتكرسيه لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد للنزاع، يستبعد نص القرار جميع المقترحات الأخرى. فضلا عن ذلك، أكد مجلس الأمن أن “الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر قابلية للتطبيق”، مبرزا أنه “بناء على ذلك، فإن السيادة المغربية على الصحراء أصبحت راسخة بشكل لا لبس فيه بموجب قرار صادر عن أعلى هيئة تقريرية في الأمم المتحدة”.
وأبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن “النقاش، بعد صدور القرار، لن يدور حول من يملك السيادة؛ بل حول كيفية تطبيق الحكم الذاتي في إطار هذه السيادة، فقد تحول المغرب من طرف في النزاع إلى صاحب السيادة الشرعي”.
وسجل المسؤول الحكومي ذاته أنه “تبعا لذلك، يلزم النص الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي بـ’تسهيل وإجراء مفاوضات على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي بهدف التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة ومقبولة من الطرفين للنزاع، وفقا لميثاق الأمم المتحدة”.
كما وضح أن “القرار يرحب بـ’أي مقترح بناء قد يصوغه الطرفان استجابة لمقترح الحكم الذاتي المذكور’”، موردا أن “مفاد ذلك أن مجلس الأمن يعطي توجيها واضحا لعملية التفاوض ويحدد الإطار الذي يجب أن تجرى فيه المفاوضات”، لافتا إلى “أنه تفويض سياسي قوي للعمل في اتجاه محدد، اتجاه قائم على مقترح الحكم الذاتي المغربي”.
وبخصوص علاقات المغرب مع محيطه المغاربي، فذكر الوزير بأنها “تشهد بعض التفاوت، ففيما يواصل الاضطلاع بدور نشيط في تسوية الأزمة الليبية، يبذل جهوده لتعزيز آليات التعاون الثنائي مع موريتانيا”، موضحا أنه “في الملف الليبي تلعب الدبلوماسية الوطنية، بتعليمات ملكية، دورا محوريا في الجهود الهادفة إلى إنهاء الصراع السياسي وتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية ودعم مؤسسات الدولة لبسط سيطرتها على كامل أراضيها، بما يعزز الأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة”.
وأكد بوريطة أن “اتفاق الصخيرات المرجعي لسنة 2015 يعدّ تجسيدا لهذا الدور البناء الذي حظي بإشادة إقليمية ودولية”، مبرزا أنه “في هذا الصدد، واصلت المملكة احتضان اللقاءات بين الفرقاء الليبيين ودعم جهود البعثة الأممية، مع الحرص على وحدة ليبيا وسيادتها. وقد شكل اجتماع بوزنيقة 17 دجنبر سنة 2024 المشترك لمجلس النواب والمجلس الأعلى محطة مهمة للدفع بالحوار السياسي تمهيدا لتنظيم انتخابات شاملة وتشكيل حكومة ليبية موحدة جديدة”.
المصدر: هسبريس
