اخبار المغرب

دور القاضي في تفسير النصوص التشريعية

كثير من الناس تتكلم عن القاضي ودوره في المحكمة والأعمال التي يقوم بها على أنها أعمال سهلة تدور فقط على إخراج النص القانوني المناسب للقضية الواقعة بين يديه وتطبيقه عليها، ولكن في الحقيقة عمل القاضي صعبٌ للغاية لأنه يحاول أن يطبق العدالة في هذا المجتمع وأن يصدر قرارا بناء على أٌسس وأدلة كي يَنصُر المظلوم ويُحاسب المُجرم.

ما هو تفسير النص القانوني؟ وما هي الخطوات التي يتخذها القاضي في إصدار القرار في حالة عدم وجود نص قانوني يتكلم عن عمل أو حالة معينة؟ وما هي الشروط الذي وجب على القاضي أن يراعيها أو يعمل وفقها في حالة تفسيره؟ كل هذه الأسئلة سنورد جوابا في هذا المقال.

المقصود بعملية:

تفسير النص القانوني هو توضيح المعاني والأحكام الذي يقصدها المشرع (الشخص الذي يضع القوانين) من النصوص، وبيان المعاني المستفادة من النصوص، حيث أن الأشخاص القانونيين يطبقون ما الذي قصده المشرع من النص وما هو فحوى النص (المعنى المستفاد) وهم لا يطبقوه حرفيا بل يأخذون فحواه على القضايا الموجودة لديهم.

الخطوات التي يتبعها القاضي في الوصول إلى القرار الصائب:

أولا: عندما تكون بيد القاضي قضية معينة يقوم القاضي بالبحث عن نص قانوني يُلائِم ويتحدث عن تلك القضية في التشريع المطبق في تلك البلاد (الدستور أو القوانين الوضعية ‘العادية’) فإذا وجد القاضي نصا يُلائِم تلك القضية يقوم بتطبيق فحواه حيث يكون النص في بعض الأحيان مقترنا بنص آخر يشرح ويوضح ما المقصود منه، وأن وجود النص يلزم القاضي الأخذ به، ولا يجوز للقاضي أن يجتهد من تلقاء نفسه في هذه الحالة تطبيقا لقاعدة: لا اجتهاد في وجود النص، فإن لم يجد يبحث مجددا لإيجاد نص قانوني يتحدث عن قضية مشابهة يقوم القاضي بأخذ فحواها ويقوم بالتعديل عليها بما يتناسب مع وقائع القضية الموجودة لديه.

ثانيا: في حالة عدم وجود نص يُلائِم تلك القضية يتوجه القاضي إلى العُرف السائد في البلاد فينظر في العرف ويبحث فيه محاولا إيجاد ما إذا العرف نظم تلك الأعمال أولا، فالعرف لا يؤخذ به إلا في حالة غياب النص القانوني.

ثالثا: فإذا لم يجد في العرف يتوجه إلى القاضي الأحكام القضائية (أحكام المحاكم) ويحاول إيجاد قضية مشابهة حيث يأخذ الحكم الصادر لها ويقوم بتعديله بما يتناسب مع وقائع القضية التي أمامه، وهي غير ملزمة للقاضي حيث يمكنه أن يأخذ بها أو لا (حسب النظام اللاتيني وهو المطبق في فلسطين)، عكس النظام الأنغلوسكسوني الذي يعتبر الأحكام القضائية ملزمة للقاضي.

رابعا: إذا لم يجد القاضي في الأحكام القضائية ما يناسب الواقعة بين يديه فيمكنه أن يتوجه إلى التشريعات والدساتير والقوانين العادية للدول الأُخرى، إذ يمكن للقاضي أن يتوجه إلى تشريعات الدول الأخرى وينظر إليها محاولا إيجاد حكم للقضية التي لديه أو إيجاد واقعة مشابهة لديها حكم فيأخذ بها ويقوم بتعديلها بما يتناسب مع القضية.

خامسا: فإذا لم يجد في التشريعات الأخرى يقوم القاضي بالاجتهاد بنفسه لإصدار قرار وحكم مناسب إلا أن اجتهاده ملزم له وغير ملزم للمحاكم الأخرى (إذ يمكن أن يأخذوا به أو لا)، ولا يستطيع القاضي التخلف عن القضية أو عدم إصدار الحكم فيها، بل يجب عليه إصدار حكم لكل قضية موجهة إليه.

شروط يجب على القاضي مراعاتها في حالة التفسير:

يجب أن يكون النص القانوني في هذه الحالة يحتمل التأويل (فضفاض) يمكن أن يُفهم منه أكثر من معنى، فإذا لم يشرح المشرع ما هو المستفاد من ذلك النص، يأخذ القاضي بالمعنى الذي فهمه منه ويطبقه على تلك القضية.

في حالة إيجاده لحكم معين لتلك القضية من طرق أخرى (تشريعات الدول الأخرى ـ الأعراف ـ أحكام المحاكم) وجب على القاضي أن يُبين في تعليله أسباب تفسيره للنص والأدلة التي استخدمها لإصدار ذلك القرار.

كما رأيت عزيزي القارئ فإن عمل القاضي ليس بِهين ولا ببسيط، حيث يقوم بدراسة وقائع القضايا ودراسة النصوص القانونية والأخذ بالمعنى الذي فهمه فإن لم يجد نص يتحدث عنها يلجأ إلى وسائل أخرى لاستخراج حكم مناسب لها، حيث يقوم القاضي أيضا بأخذ مدة مناسبة للقيام بتلك الأعمال، حتى يستطيع تطبيق العدالة بحذافيرها على كل القضايا التي بين يديه أوالتي ستُصبح بين يديه في المستقبل.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *