أعلن دفاع المواطن المالي الحاج أحمد بن ابراهيم، المعروف بـ”إسكوبار الصحراء” والمعتقل في ملف الاتجار بالمخدرات، انتصابه مطالبا بالحق المدني في القضية.
وقدمت كل من المحامية حنان العلام والمحامي عصام السمري نيابتهما للمحكمة، اليوم الخميس، من أجل الانتصاب كمطالب بالحق المدني عن تاجر المخدرات الدولي الحاج أحمد بن إبراهيم، والمعتقل في أحد سجون المملكة المغربية.
ومن المنتظر أن يتقدم دفاع الحاج أحمد بن إبراهيم بالمطالب المدنية في الجلسات المقبلة، أمام هيئة الحكم التي يرأسها المستشار علي الطرشي.
وشهدت جلسة محاكمة ما بات يعرف بملف “إسكوبار الصحراء”، اليوم الخميس مرافعة قوية لدفاع المتهم (ب.ب)، الذي يتابع بتهمة الإدلاء بشهادة الزور في قضية جنحية عن طريق الحصول على وعد، حيث اعتبر الدفاع أن المتابعة تفتقر إلى الأساس القانوني وإلى الشروط التي نص عليها المشرع المغربي في هذا النوع من الجنح.
واستند المحامي نوفل الريحاني إلى مقتضيات الفصل 370 من القانون الجنائي، مؤكدا في مرافعة مطولة أن الشرطين الأساسيين اللذين يحددهما النص القانوني غير متوفرين في النازلة، سواء في فقرتها الأولى أو الثانية.
وأوضح أن الأمر يتعلق بتصريحات قدمها المتهم لدى المصالح الولائية بوجدة، وهو ما لا يرقى قانونا إلى مرتبة شهادة أمام هيئة القضاء.
وخلال المرافعة، أكد الدفاع أنه سيتقدم بقرارات سابقة صادرة عن محكمة النقض، تجزم بأن تصريحات أطراف أو شهود خارج قاعات المحاكم لا يمكن تكييفها على أنها شهادة زور.
واعتبر المحامي أن هذه الاجتهادات القضائية تمنح قوة إضافية للدفع ببطلان المتابعة وتفنيد الأساس القانوني الذي بُني عليه قرار الإحالة.
وأفاد الدفاع بأن المتهم ظل متشبثا في جميع مراحل البحث والتقديم بكونه لم يتلقّ أي مقابل مادي أو وعد أو مكافأة للادلاء بتصريحاته، وهو ما سبق أن أكده أيضا عبد النبي بعيوي، الذي نفى وجود أي وعد أو استفادة.
واعتبر المحامي أن هذا الإنكار ليس محاولة للهروب من المسؤولية، بل له قيمة قانونية في غياب أي دليل أو قرينة تثبت العكس.
كما شدد الدفاع على أن المتهم ميسور الحال وذو خلفية اجتماعية محترمة، ولا مصلحة له في تقديم شهادة زور، معتبرا أن ما حدث، إن وجد، لا يعدو أن يكون مجرد سذاجة أو سوء تقدير، وليس فعلا إجراميا متعمدا يعاقب عليه القانون.
في تحليله لمقتضيات الفصل 370، ذكر الدفاع بأن المشرع المغربي وضع شروطا دقيقة حتى تعتبر أقوال شخص ما شهادة زور، وأن هذه الشروط المادية والموضوعية غير قائمة في الملف، إذ لم يدلِ المتهم بأي شهادة أمام القضاء، ولم يتلق أي منفعة أو وعد، وبالتالي لا يتصور قيام الجريمة من أساسها.
وأضاف أن الفقه المقارن يتفق على هذا التوجه، ويشترط حضور عنصر القصد الجنائي المتمثل في الإدلاء عمدا بتصريحات كاذبة أمام القضاء بقصد تضليل العدالة، وهو ما لا يظهر من وقائع هذا الملف.
وفي ختام مرافعته، التمس الدفاع من الهيئة القضائية سقوط الدعوى العمومية بفعل التقادم الجنحي، باعتبار مرور المدة القانونية المقررة، من واحتياطيا التصريح بانتفاء الركن المادي للجريمة لعدم وجود شهادة أمام القضاء، ولانعدام أي مقابل أو وعد، والحكم ببراءة المتهم لغياب الأدلة القانونية الكافية.
وشهدت الجلسة ذاتها من محاكمة المتهم (خ.س)، المتابع بجناية المشاركة في الإدلاء بشهادة الزور عن طريق الحصول على وعد طبقا لمقتضيات الفصل 370 من القانون الجنائي، معطيات جديدة وصفها الدفاع بأنها “تكشف حجم الارتباك والاختلالات التي عرفها مسار هذا الملف المثير للجدل.
وفي مرافعة مطولة، شدد المحامي مبارك المسكيني، دفاع المتهم، على أن الملف عرف مسارا “غير مألوف” وأن عددا من المعطيات التي بنيت عليها المتابعة كانت سابقا موضوع بحث من طرف الضابطة القضائية، وفحص من قبل النيابة العامة، وتحقيق من طرف قاضي التحقيق، بالإضافة إلى كون محكمة وجدة سبق أن بثّت في نفس الوقائع.
وقال الدفاع إن الملاحظة المركزية في هذا الملف هي تعدد التصريحات وتناقضها، مؤكدا أن ما عرض أمام الهيئة القضائية يبين “أننا أمام وقائع واحدة، لكن روايات متعددة، تتغير بتغير مراحل البحث، وتتناقض في نقاط جوهرية”.
ومن أبرز النقاط التي أثارها الدفاع ما سماه “لغز ثلاثة المحاضر”، حيث أُثير في الجلسة وجود ثلاثة محاضر للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، في حين يؤكد المتهمون أنهم استدعوا مرة واحدة فقط، وهو ما اعتبره الدفاع “مؤشرا على خلل إجرائي وجب الوقوف عنده”.
وأضاف المسكيني أن هذا التناقض “لا يمكن تجاوزه بسهولة، لأنه يطرح سؤالا حول كيفية تحرير محاضر متعددة في مقابل استدعاء واحد، وما إذا كانت هذه المحاضر تعكس فعلا تصريحات المتهمين”.
كما أشار الدفاع إلى أن التصريحات التي أدلى بها المصرحون أمام قاضي التحقيق خلال جلسات الاستنطاق التفصيلي تغيرت بشكل ملحوظ مقارنة بما جاء في محاضر الضابطة القضائية، مبرزا أن هذا التغيير “ليس طفيفا أو عرضيا، بل يمس جوهر الرواية”.
واعتبر هذا التبدل في التصريحات دليلا على أن المتهم (خ.س) كان “ضحية شهادات كاذبة أو مضغوطة”، على حد تعبير الدفاع، وأن متابعة موكله من أجل المشاركة في شهادة الزور “تفتقد لأسس واقعية ثابتة”.
ومن بين المعطيات التي كشف الدفاع عنها أن أحد المصرحين اعترف بأنه تعرض لضغوطات كبيرة وصلت حد التهديد بتلفيق تهمة الاتجار في المخدرات والكوكايين إذا لم يدل بتصريحات معينة.
ووفق ما عرض أمام المحكمة، فإن هذا المصرح أكد أنه “لم يكن يملك خيارا آخر”، وأن خوفه من المتابعة في ملفات خطيرة دفعه إلى الإدلاء بشهادة لم تكن مطابقة للواقع.
ويرى الدفاع أن هذا المعطى “يسقط مصداقية الشهادة من أساسها”، ويدعم فرضية أن صلب الملف بني على وقائع مشوبة بالضغط والإكراه، وهو ما يناقض مبدأ الحرية في الإدلاء بالشهادة، أحد أهم شروط قيام جريمة شهادة الزور.
المصدر: العمق المغربي
