“دستور المدينة” كنز.. والمستشرقون يُجْمعون على “بيداغوجية الرسول”
قال الدكتور محمد موهوب، رئيس شعبة الفلسفة بكلية الآداب بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “حاضرنا وأشكال توسيعه هو ما دفع بي كما بمثقفين آخرين إلى التنقيب في الماضي وتاريخ الإسلام المبكّر عمّا يمكن تعبئته منه ليسعفنا في توسيع رحبة هذا الحاضر”.
جاء ذلك جواباً عن سؤال للإعلامي ياسين عدنان ضمن إحدى حلقات برنامجه “في الاستشراق” في منصة “مجتمع”، بعنوان “الاستشراق والإسلام المبكر”، حول وثيقة وردت في كتاب لضيف الحلقة أسماها مؤرِّخو الإسلام “دستور المدينة” واعتُبِرت أول دستور في التاريخ، وكان الرسول (ص) قد أرسى من خلالها قواعدَ مجتمعِ المدينة بَدل مُجتمع القبيلة الذي ساد قبل الهجرة النبوية إلى يثرب.
وعن هذه الوثيقة قال صاحب كتاب “استئنافُ البَدْء.. الإسلام المبكِّر على محكِّ المنهجية التاريخية”، إن “الوقوع على هذا الكنز (يقصد دستور المدينة) يجعلنا كباحثين ودارسين نطرح مجموعة من الأسئلة، من بينها كيف ولماذا نُسيت وأُبخس حقها تاريخياً؟”.
وقال الأكاديمي المغربي إن للمستشرقين الفضل في التعريف بهذه الوثيقة، التي وإن وردت في السيرة النبوية لابن هشام فإنها لم يُعَرها الانتباه الكافي حتى يُستفاد منها.
وأضاف أن المستشرقين “يكادون يجمعون على أن الرسول عليه الصلاة والسلام كانت له بيداغوجية وذكاء في معالجة بعض الظواهر التي تعيق تطبيق القوانين في زمن القبائل مثل الثأر”.
ومع ذلك، وقف الباحث ذاته على ما وصفه بـ”القصور والوجود الملتبس للاستشراق بين ما أسداه من حسنات لنا والمطبات الناتجة عن قصوره فلسفيا وعلمياً”، قبل أن يعود ليؤكد على أن “ما عِبناه على المستشرقين لا يجب أن نقع فيه”.
وبالنسبة لأستاذ الفلسفة ذاته، فإن “الاستشراق مرتبط بقضايا تاريخنا، ونريد أن ننتشل منه تصوراً يعيقنا عن تأسيس حاضر يليق بنا”، واصفا ذلك بـ”جوهر الصراع اليوم”.
وجوابا عمّا إن كان العرب اليوم مؤهلين لبناء عقل عربي فلسفي نقدي ومتحرر من سلطة اللامعقول التراثي من جهة، ومن هيمنة الآخر ونماذجه المعرفية الجاهزة من جهة أخرى، أوضح موهوب أن ذلك مشروط بـ”استعياب قصور الاستشراق وأشكال تداركه، وربط جسور بين الخصوصية (خصوصية الثقافة العربية الإسلامية) وما يمكن أن تضفيه على الكونية”.
وأضاف أن “المستشرقين عندما يريدون أن يعرّفوننا، يعرّفوننا بكوننا تراجمة، وأن الدور التاريخي المنوط بنا هو أننا أسدينا للحضارة الكونية في مرحلة من مراحلنا خدمة الترجمة فقط”.
المصدر: هسبريس