يعيش سكان درب مولاي الشريف، أحد أقدم الأحياء بالحي المحمدي في العاصمة الاقتصادية، وضعا بيئيا وصحيا صعبا، نتيجة عمليات الهدم المتواصلة للمنازل الآيلة للسقوط والمغلقة منذ سنوات.

هذه العمليات، التي تنفذها السلطات في إطار برنامج إعادة هيكلة الأحياء العتيقة، تترك وراءها غبارا كثيفا ومخلفات بناء تهدد صحة الساكنة، خاصة كبار السن والأطفال ومرضى الجهاز التنفسي.

ويؤكد العديد من السكان أن الغبار الناجم عن الهدم يتسرب إلى المنازل والمحلات، مسببا ضيقا في التنفس وحالات حساسية حادة. وتشير شهادات بعض الأسر إلى تسجيل تدهور في الحالة الصحية لعدد من الأشخاص المصابين بالربو وأمراض مزمنة، في ظل غياب أي إجراءات وقائية مثل الرش بالماء أو إقامة حواجز للحد من انتشار الغبار.

إلى جانب الغبار، تتراكم مخلفات الهدم في الشوارع والأزقة الضيقة، ما يعيق حركة المرور ويشكل خطرا على الأطفال، كما تتحول بعض الفضاءات المهجورة إلى نقاط تجمع للنفايات المنزلية، مما يفاقم الوضع البيئي ويزيد من انتشار الروائح الكريهة والحشرات.

ويطالب سكان درب مولاي الشريف السلطات المحلية والجماعة الحضرية باتخاذ إجراءات احترازية أثناء عمليات الهدم، من بينها: رش مواقع الهدم بالماء بانتظام لتقليل تطاير الغبار، والإسراع في إزالة الردميات والمخلفات، بالإضافة إلى تخصيص حملات تنظيف وتعقيم بعد انتهاء الأشغال، مع إشراك الساكنة في التخطيط لهذه العمليات لضمان التوافق بين متطلبات السلامة وحقهم في بيئة صحية.

ويأمل السكان أن تجد أصواتهم آذانا صاغية، وأن تتحول هذه المعاناة اليومية إلى فرصة لتحسين جودة العيش في هذا الحي العريق، الذي لا يزال يحتفظ بذاكرة تاريخية وحضارية مهمة ضمن النسيج العمراني للدار البيضاء.

وفي نفس الإطار، أوضح حسن حومير، الفاعل البيئي بمدينة الدار البيضاء، أن “العديد من المواطنين باتوا يشتكون من الأسلوب الذي تنتهجه السلطات في تنفيذ عمليات هدم المنازل الآيلة للسقوط بمختلف الأحياء، نظرا لما تسببه هذه العملية من انعكاسات بيئية خطيرة تمس مباشرة صحة الإنسان”.

وأضاف حومير، في تصريح لجريدة ، أن “المفارقة تكمن في كون السلطات تُلزم المواطنين، عند القيام بأشغال الإصلاح أو البناء، باحترام شروط الصحة والسلامة البيئية، إلا أنها في المقابل لا تطبق تلك الشروط الصارمة على نفسها عند تنفيذ عمليات الهدم، وهو ما يثير تساؤلات مشروعة حول معايير المساواة وتطبيق القوانين”.

وأشار المتحدث إلى أن “انتشار الغبار الكثيف الناتج عن الهدم، دون اتخاذ تدابير وقائية كالرش بالماء أو تغطية الأنقاض، أدى إلى تفاقم معاناة شريحة واسعة من السكان، خاصة الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة على مستوى الجهاز التنفسي، مثل الربو والحساسية الحادة”.

كما نبه حومير إلى أن “الأمر لا يتوقف عند الغبار فقط، بل إن تراكم الركام وبقايا المباني المهدمة يوفر بيئة مثالية لتكاثر القوارض والحشرات الزاحفة، مما يشكل خطرا إضافيا على الصحة العامة ويزيد من تذمر الساكنة”.

واختتم الفاعل البيئي تصريحاته بالتشديد على أن “المطلوب من السلطات هو اعتماد مقاربة بيئية متكاملة عند القيام بعمليات الهدم، تشمل احترام المعايير الوقائية، وتنظيم حملات تنظيف شاملة بعد الانتهاء، حتى لا تتحول هذه الأشغال إلى مصدر معاناة للسكان بدل أن تكون حلا لمشكل البنايات المتهالكة”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.