اخبار المغرب

دراسة: حماية شرف العائلة من “وصم العنوسة” وراء انتشار زواج القاصرات بالمغرب

أظهرت دراسة حديثة أن المجتمع القروي المغربي لا يزال ينظر إلى زواج القاصرات في سن مبكرة كوسيلة لحماية “شرف العائلة” وتجنب “وصمة العنوسة”، مشيرة أن 22.2% من أمهات الفتيات القاصرات المتزوجات كنّ ضحايا لهذا النوع من الزواج أيضًا، مما يُظهر عمق الجذور الثقافية لهذه الظاهرة.

“وأضافت الدراسة المعنونة بـ “زواج القاصر في الوسط القروي المغربي: إرادة المجتمع وإكراه القانون”، أن زواج القاصر ليس مجرد عادة، بل هو ثقافة متوارثة تُقدّم على أنها حتمية اجتماعية”، موضحا أنه في المناطق القروية، حيث تنتشر الأمية والفقر، تُعتبر الفتاة عبئًا اقتصاديًا يجب التخلص منه عبر تزويجها مبكرًا، خاصة في ظل غياب فرص التعليم والعمل.

اللافت في الدراسة المنشورة بـ “مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل”، هو التحول في آليات الزواج بالأرياف نفسه، فبعد أن كان يتم عبر وساطة العائلة أو الجيران، باتت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا محوريًا. فـ16.7% من حالات الزواج المدروسة تمت عبر التعارف الرقمي، و44.5% من الفتيات أشرن إلى أن زواجهن جاء نتيجة علاقة اختيارية استمرت لأكثر من عام قبل تقديم الطلب القانوني.

ورغم أن مدونة الأسرة المغربية تمنع زواج من هم دون 18 عامًا إلا في حالات استثنائية وبموافقة القاضي، فإن الواقع يختلف جذريًا، إذ كشفت الدراسة أنه في إقليم الرحامنة، يتم تقديم طلبات الزواج للقاصرات تحت ذرائع مختلفة، أبرزها “الخوف من الفضيحة” أو “ضمان مستقبل الفتاة”، مشيرة أن 63% من الأمهات القاصرات تزوجن في سن 15 عامًا، بينما أصبحت 11% منهن جدات قبل بلوغهن 34 عامًا، مما يوضح دورة التكرار التي تغذيها الأعراف الاجتماعية

وأظهرت الدراسة أن الهدر المدرسي والفقر هما الوقود الرئيس لاستمرار الظاهرة، موضحة أن معظم الفتيات المتزوجات ينتمين إلى أسر فقيرة، وغالبًا ما يُحرمن من إكمال تعليمهن الأساسي، كما أن الأسر ترى في الزواج المبكر وسيلة لتقليل الأعباء المالية، خاصة في ظل غياب دخل ثابت.

واعتبرت معدو الدراسة، أن الثمن الاجتماعي لهذه الممارسة باهظن لمون فالطلاق، والوفيات أثناء الولادة، والأمية، تبقى نتائج حتمية، مشيرة إلى أنه ففي العقود الماضية، كان الزواج في سن 13 أو 14 عامًا شائعًا، لكن المشاكل الناتجة عنه دفعت المشرع المغربي إلى رفع السن القانوني إلى 17 عامًا كحد أدنى.

ورغم استمرار الظاهرة، فإن المؤشرات تُظهر تحولات جزئية في الثقافة المجتمعية، إذ اعتبرت الدراسة أن اختيار الفتيات لأزواجهن عبر وسائل التواصل، وتراجع وصمة “الرغبة في الزواج”، يُشيران إلى بداية تغير في النموذج التقليدي، مشددة من أن التغيير الحقيقي يتطلب مواجهة العوامل الهيكلية كالفقر والأمية، وتعزيز الوعي الحقوقي، فضلًا عن تشديد الرقابة على تطبيق القانون.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *