“دبلوماسية خارطة الطريق” مع إسبانيا وفرنسا تعجل الطيّ النهائي لملف الصحراء
“خارطة الطريق” صارت كلمة مفتاحية في “الحقل الدلالي” لعمل الديبلوماسية المغربية تجاه الشركاء الجدد الذين تشهد معهم العلاقة “تصدعاً ديبلوماسيا” يؤدي إلى تعطّل ما في قنوات الحوار. وقد بدا هذا لافتاً حين أكد نائب المتحدث باسم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، الخميس، أن فرنسا والمغرب يحرزان تقدّما في تنفيذ خارطة الطريق المشتركة “الطموحة”.
ويعني هذا الشكل الجديد من الديبلوماسية بالنسبة لباحثين “تأطيراً” من الرباط لعودة العلاقات إلى “دفئها القديم” مع البلدان التي تفصح عن موقف ضبابي أو عدائي من ملف الصحراء المغربية، خصوصا وأن خارطة الطريق حاضرة في التعاطي مع المستعمر القديم إسبانيا منذ أبريل 2022، وها هو الوضع يكرر نفسه مع المستعمر الآخر: فرنسا؛ وهو ما اعتبر نوعاً من “الندية” يواصل المغرب تكريسها في أفق الآخر ليساهم بدوره في إنهاء نزاع مفتعل يؤثر على التعاون الجيوسياسي.
“ديبلوماسية خارطة الطريق”
سعيد بركنان، باحث مختص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قال إن “المغرب بنموذجيْ إسبانيا والآن فرنسا يكون قد انتقل نحو ديبلوماسية خارطة الطريق للعمل المشترك والمتكامل”، موضحا أنه “انتقال من ديبلوماسية رد الفعل ومحاولة الحفاظ على مكان متوازن في ظل العلاقات الدولية، إلى ديبلوماسية مؤسسة لفعل إقليمي وقاري يحمل توجها اقتصاديا ومشروعا إقليميا وقاريا”.
ولفت بركنان، في تصريح لهسبريس، إلى أن “الحقيبة الديبلوماسية المغربية لم تعد تحمل فقط ملفات يبحث لها المغرب عن تسوية على مدى درجة مساومة الأطراف الأخرى لسيادة المغرب على صحرائه وأقاليمه الصحراوية، وإنما أصبحت ديبلوماسية مؤسسة للعمل المشترك المبني على التعاون والتشاور والتنسيق وبناء خطة العمل الضامنة لاستمرار العلاقة والقيام بما يلزم لتنزيل هذه الخطة وخارطة الطرق المتفق عليها”.
وأضاف المتحدث عينه شارحا: “الحقيبة الديبلوماسية المغربية تحمل آليات التنسيق حول أفق اندماجي متكامل، وآلية التشاور حول القضايا الإقليمية والدولية”، مرجعاً “إصرار المغرب على وضع برنامج واضح وخطّة واضحة للعمل مع فرنسا، يعود إلى كون الديبلوماسية المغربية منذ أن جعلت ملف الصحراء أولويتها التي تتأس عليها علاقات المغرب الخارجية أصبحت ديبلوماسية مؤسسة للفعل السياسي والاقتصادي والأمني إقليميا وإفريقيا”.
وأكد بركنان أن “المغرب بتنسيق مع باقي الدول المعنية، خاصة إسبانيا وأمريكا، وبالنظر للتغييرات الأخيرة التي طرأت على الساحل جنوب الصحراء، أصبح يبني نسقاً أمنيا محوره الأساسي هو حل ملف الصحراء أمنيا، باعتبار أن بؤرة تندوف يمكن أن تعرقل هذا المشروع الأمني لشمال إفريقيا وتهديد السوق الاقتصادية العابرة للقارتين الإفريقية والأوروبية، وبأن فرنسا عليها أن تحسم في ملف الصحراء المغربية سياسياً كما حسمت أغلب الدّول الأوروبية، بما فيها إسبانيا”.
“حيوية ملف الصحراء”
لحسن أقرطيط، باحث كاتب مختص في العلاقات الدولية، قال إن “اعتماد المغرب خطة عمل مشتركة وخارطة طريق يبرز أن هذه النقطة باتت تشكل بالفعل نقطة ارتكاز أساسية في صياغة الشراكات وفي بناء مختلف أشكال التعاون مع الدول التي تشهد معها خلافات على هامش ملف الصحراء المغربية المفتعل، وقد كان ذلك سابقاً مع المستعمر القديم إسبانيا وها هو الوضع يكرر نفسه مع المستعمر الآخر: فرنسا”.
وأضاف أقرطيط، في تصريح لهسبريس، أن اعتماد خارطة الطريق بعد الأزمة الصامتة بين الرباط وباريس، “يعني أن المملكة قامت بإعادة تقييم للعلاقة الثنائية خلال السنتين الماضيتين، وأعادت على خلفيتها صياغة الشراكة بين البلدين على أسس جديدة وعلى ضوء التراكمات الطارئة، خصوصا وأن المغرب كان واضحا في هذا الجانب، حيث إنه وجه رسائل عديدة إلى فرنسا تتمثل في أن هناك توجها جديدا فيما يتعلق بصياغة هذه الشراكة، وأن الصحراء هي المنظار الذي ينظر به المغرب إلى العالم”.
واعتبر المتحدث عينه المعطيات الجديدة بمثابة دافع بالنسبة لفرنسا من أجل “تكييف سياستها الخارجية مع وضع إقليمي جديد غيرت فيه المملكة المغربية المعادلة الإقليمية، وجعلت من المغرب قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية إقليميا”، مشددا على أن “خارطة الطريق ستكون حاسمة في ملف الصحراء المغربية، بعدما اقتنعت فرنسا بأن قضية الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية هي قضية وجودية، وقد عبر عن ذلك وزير الخارجية الفرنسي سيجورني صراحة على هامش زيارته إلى الرباط”.
وأشار المتحدث إلى “التحول الذي يعرفه موقف فرنسا من هذا النزاع في اتجاه منحى جديد يصبّ في جهة الاعتراف بمغربية الصحراء، والاندماج الفرنسي في الدينامية التي يعرفها هذا الملف”، موضحا أن “المغرب عبر لفرنسا، الدولة الشريكة التقليدية، أن موقعها في المنطقة الرمادية لم يعد مقبولا، وبالتالي لن يقبل وضعا خارج هذه الدينامية التي يعرفها ملف الصحراء المغربية، ويتعين أن تساهم فرنسا من خلال نفوذها لدى العديد من الدول على الصعيد الدولي وعلى الصعيد الإفريقي من أجل إنهاء هذا النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء”.
المصدر: هسبريس