خطر “فاغنر” يستدعي تعزيز المغرب للتعاون الأمني والاستخباراتي مع موريتانيا
بعدما كان موضوع وجود قوات فاغنر في منطقة الساحل الإفريقي حبيس “السجال الغربي الروسي”، بدأت دول هذه المنطقة تستشعر تأثير تحركات قوات “الموسيقيين”؛ فقد أعلنت موريتانيا عن مناورات “غير مسبوقة” على الحدود مع مالي، ردا على دخول أفراد من فاغنر إلى ترابها.
أسباب المناورات
حسب وسائل إعلام موريتانية ومالية، فإن “العلاقات بين باماكو ونواكشوط دخلت إلى فصل عميق من عدم الثقة، منذ دخول أفراد من فاغنر الروسية إلى قرى بالشرق الموريتاني في أبريل المنصرم”.
ونقلا عن وكالة الأنباء الموريتانية، فإن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كان قد أجرى، في 11 أبريل المنصرم، اتصالا هاتفيا مع نظيره المالي آسيمي كويتا تزامنا مع هذا الاختراق، دون الكشف عن تفاصيل كبيرة؛ في وقت تقول فيه وسائل إعلام موريتانية إن “غويتا قدم اعتذارا على دخول قوات فاغنر”.
وصرح الناني ولد أشروقة، الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، وزير الطاقة، بأن “نواكشوط سترد بقوة، وستكيل الصاع صاعين لمن يتغوّل في أراضيها في أراضيها أو يمس بمواطنيها”، في وقت تحركت فيه قيادات أمنية في زيارات تفقدية للمناطق الشرقية استعدادا لمناورات عسكرية غير مسبوقة.
وقامت موريتانيا باستدعاء سفيرها بباماكو تزامنا بعد تسجيل اختراق قوات فاغنر، وإرسال وزير دفاعها إلى مالي في الوقت نفسه، مؤكدة في بلاغ نقلته وسائل إعلام موريتانية أن “نواكشوط تريد إجابات وتفسيرات من مالي بعد الحادث”.
وسجل الداود أبا دكتور، باحث في القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “توغل فاغنر في موريتانيا ليس بالجديد؛ فعدد الخروقات يصل إلى 160، راح ضحيته 20 مدنيا في القرى الموريتانية الحدودية”.
الرباط لحماية مصالحها وموريتانيا
وأضاف أبا دكتور، في تصريح لهسبريس، أن توغل فاغنر يهدد دول المنطقة، ويستدعي من “المغرب أن يعزز تعاونه الأمني والاستخباراتي مع موريتانيا حفاظا على مصالحه الاقتصادية التي تكبر مع إعلان مبادرة الأطلسي الملكي”.
وأشار الباحث في القانون الدولي إلى أن “تهديدات فاغنر تمس الجميع؛ فحتى حليفة روسيا، وهي الجزائر، بدأت تشتكي من تحركات فاغنر في مالي ، وأصبحت تحس بالخوف منها”.
وكان أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، قد صرح لوسائل إعلام بأن “الجزائر أبلغت روسيا لأول مرة استفسارها لوجود قوات فاغنر على القرب من حدودها الجنوبية”.
وبيّن المسؤول الجزائري أن “روسيا والجزائر قاما بإنشاء لجنة مشتركة للبحث في هذا الموضوع، مع الإعلان عن اجتماع ثان لها قريبا”؛ فيما لم تذكر السلطات الروسية أي شيء عن الاجتماع.
وأكد أبا دكتور أن “توغل فاغنر لتصل إلى موريتانيا كان متوقعا، ورد فعل نواكشوط هو أيضا كان متوقعا”، موضحا أن “موريتانيا تطمح من خلال المناورات العسكرية المعلنة إلى أن تظهر أنها جاهزة لصد فاغنر”.
وشدد المتحدث عينه على أن “المغرب له تنسيق قوي بالفعل مع موريتانيا، خاصة على مستوى الحدود الترابية المغربية الجنوبية، حيث تمد الرباط بمعلومات استخباراتية كبيرة لجارتها الجنوبية، ويمكن بعد حادث فاغنر أن تقدم الرباط معلومات مفيدة بشكل كبير”.
وفي نونبر المنصرم، زار محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، العاصمة نواكشوط، لعقد الاجتماع الرابع للجنة العسكرية المشتركة الموريتانية المغربية.
التعاون بين الرباط ونواكشوط أصبح مطلبا
وتقوية التعاون الأمني إلى مستويات متقدمة بين المغرب وموريتانيا هو “مطلب” كبير في هذا الوقت بالنسبة للوالي سيدي هيبة، محلل سياسي موريتاني، الذي قال: التعاون العسكري هو أمر طبيعي بين البلدين. وبعد توغل فاغنر، لقد أصبح رفعه إلى مستويات كبيرة مطلبا”.
وأضاف سيدي هيبة لهسبريس أن المغرب وموريتانيا لا يقبلان وجود فاغنر بهذا الشكل في المنطقة، موضحا أن “نواكشوط من خلال المناورات العسكرية تعبر عن غضبها ورفضها لهذا الأمر”.
وشدد المتحدث عينه على أن “ما حدث على الحدود المالية الموريتانية قديم، ونواكشوط تعاني من هذا الأمر”، مستدركا أن “تدخل قوات فاغنر تم تضخيمه من قبل الإعلام، ولم تكن له أية خسائر بشرية على التراب الموريتاني، بل فقط في مالي، حيث توجد قرى هي في الأصل موريتانية؛ لكنها مع مالي حاليا بسبب مخلفات الاستعمار”.
وبيّن المحلل السياسي الموريتاني أن “تعاون المغرب وموريتانيا مطلوب بقوة لحماية المصالح المشتركة وصد أي تهديد يضر البلدين الشريكين”، لافتا إلى أن “الشعب الموريتاني لا يقبل هذه الممارسات، والدولة الموريتانية ترفض دخول الجيش المالي؛ حتى لو كان بالفعل يدافع عن أرضه من التنظيمات الإرهابية والانفصالية”.
وتوجد فاغنر في خمس دول إفريقية، وهي مالي وبوركينافاسو وإفريقيا الوسطى والنيجر وليبيا، الأخيرة التي تعتبر مركز القوات الروسية المركزي. وهنا، أكد الداود أبا دكتور أن ” فاغنر تريد أن تحوّل مالي إلى قاعدتها الرئيسية مثل ليبيا؛ وهذا الأمر سيطرح تحديات على منطقة المغرب الكبير”.
المصدر: هسبريس