خصاص الموارد البشرية يحرم 17 جماعة من التوفر على أطباء في تارودات
صورة جليّة لمشكل قلة الموارد البشرية الذي يعاني منه قطاع الصحة العمومية تنعكس في المراكز الصحية بـ17 جماعة قروية في إقليم تارودانت، حيث تفتقر جميعها إلى طبيب، وصار سكانها ملزمون بقطع مسافات قد تصل إلى 150 كيلومترا للوصول إلى مستشفى المختار السوسي بتارودانت.
آخر منشأة صحية في المنطقة كان بها طبيب هي المركز الصحي بإيغرم، غير أن الطبيب الذي كان هناك غادر بدوره قبل ثلاثة أشهر دون أن يحلّ طبيب آخر مكانه، فيما اكتفت الإدارة بتعليق إعلان تُخبر فيه المواطنين بأن المركز “لا يتوفر على طبيب”.
اللجنة المحلية لتتبع الشأن الصحي بقطب إيغرم وصفت الخدمات الصحية بالمركز الصحي لدائرة إيغرم، والمستوصفات المتواجدة في الجماعات التابعة للدائرة، بـ”الكارثية”، مشيرة إلى أنها تشهد “ترديا وتدهورا غير مسبوقيْن على جميع المستويات”.
واعتبرت الهيئة ذاتها، في بلاغ، أن “غياب الطبيب بالمركز الصحي بإيغرم، ونقص عدد الممرضين وتقنيي الصحة، وكذا الحيف والتمييز في التوزيع غير العادل للخدمات والتجهيزات والأدوية، يظل عنوانا بارزا للسياسة اللا اجتماعية الممنهجة من لدن القيمين على هذا القطاع”.
وأفاد عيسى أوشوط، منسق اللجنة المحلية لتتبع الشأن الصحي بقطب إيغرم، بأن “عدم توفر سبع عشرة جماعة ترابية على أي طبيب أمر غير مسبوق”، مشيرا إلى أن عدد ساكنة الجماعات التابعة لمركز إيغرم يناهز 200 ألف نسمة، لاسيما خلال عطلة الصيف، حيث يعود أبناء المنطقة لقضاء العطلة في بلداتهم، إضافة إلى شساعة المساحة الجغرافية للمنطقة.
اللجنة المحلية لتتبع الشأن الصحي بقطب إيغرم وجهت دعوة إلى رؤساء الجماعات المحلية، وبرلمانيي المنطقة، يوم السبت الماضي، من أجل عقد لقاء تشاوري وتدارس الشأن الصحي بالدائرة، والبحث عن حلول لتلبية حاجيات المواطنين من الخدمات الصحية الضرورية. “إلا أن جميع هؤلاء اتفقوا على أن يتخلفوا عن حضور هذا اللقاء، مفضلين التوجه لحضور سهرة فنية”، تردف الهيئة ذاتها.
المعاناة التي يكابدها سكان دائرة إيغرم بسبب غياب أي طبيب تعكسها حالة فتى تعرض للسعة عقرب أول أمس، واضطر والده إلى حمله إلى مستشفى مدينة تاروانت، الذي يبعد بـ80 كيلومترا، بحسب إفادة عيسى أوشوط.
وأردف المتحدث ذاته بأن هناك مواطنين في قرى نائية بالمنطقة يقطعون نحو 150 كيلومترا للوصول إلى مستشفى المختار السوسي بتارودانت، وتتضاعف المسافة بسبب وعورة المسالك الجبلية، مضيفا: “الناس هنا يعيشون في دوامة معاناة مريرة بكل ما للكلمة من معنى، بسبب غياب الأطباء”.
ولا تنتهي معاناة سكان مركز إيغرم الباحثين عن الرعاية الصحية بوصولهم إلى مستشفى تارودانت، ذلك أن كثرة المواطنين الذين يفدون على المستشفى تؤثر على جودة الخدمات الصحية التي يقدمها، بحسب أوشوط، مفيدا بأن المبادرة التي تقودها اللجنة المحلية لتتبع الشأن الصحي بقطب إيغرم تبتغي إنشاء قطب صحي في المركز، لضمان حق ساكنة الجماعات التابعة له في الرعاية الصحية.
من جهته، اعتبر ربيع الغريسي، المندوب الإقليمي للصحة بتارودانت، أن مشكل غياب طبيب في مركز إغرم ليس محصورا في الإقليم، بل تعاني منه أقاليم أخرى في مختلف مناطق المغرب، بسبب عدم رغبة الأطباء في الاشتغال في الوظيفة العمومية.
وأفاد الغريسي، في تصريح لهسبريس، بأن المندوبية تشتغل على إيجاد حل للمشكل المذكور، وذلك من خلال اتفاقية شراكة مع المجالس المنتخبة لتوفير الأطباء، عملا بالتوجه الجديد لوزارة الصحة الذي يقوم على التدبير الجهوي للقطاع.
وختم المندوب الإقليمي لوزارة الصحة في إقليم تارودانت بالقول: “القوانين الجديدة واضحة، فمسؤولية توفير الرعاية الصحية للمواطنين هي مسؤولية الدولة والجماعات الترابية أيضا، وهذا يقتضي عملا تشاركيا بين القطاع الوصي (وزارة الصحة والحماية الاجتماعية) والمجالس المنتخبة، ويجب أن تكون هناك منافسة بين هذه المجالس على جلب الكفاءات الصحية”.
المصدر: هسبريس