خروقات تهدّد “دار الأمومة” ببني مسكين
استبشرت ساكنة عدة جماعات قروية ببني مسكين الغربية بإقليم سطات خيرا بعدما تكّلفت مؤسسة الإنعاش الوطني ببناء مؤسسة “دار الأمومة” لاستقبال الحوامل قبل الوضع وبعده، في حين ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالتجهيز والدعم المالي إلى جانب شركائها من المجالس الجماعية لدار الشافعي، المحتضنة للمشروع، وأولاد فريحة وعين بلال.
والتزمت الجماعات الترابية الثلاث بتقديم دعم مالي سنوي، حيث التزمت جماعة أولاد فريحة بتقديم 40 ألف درهم، وجماعة عين بلال 40 ألف درهم، فضلا عن 80 ألف درهم من المجلس الجماعي دار الشافعي، زيادة على مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بـ 80 ألف درهم. وتتكون “دار الأمومة” من 5 غرف مكيفة، كل واحدة تحتوي على سريرين، بالإضافة إلى مراحيض وحمّامات ومطبخ، وقاعة مخصّصة لمرافقي النساء الحوامل وزوارهن.
وتهدف “دار الأمومة” إلى مساعدة النساء الحوامل بالعالم القروي، وتوعيتهن للحد من الوفيات في صفوفهن وفي صفوف الرضّع، مع الحرص على استقبال هذه المؤسسة الاجتماعية للحوامل من جميع الجماعات الشريكة بعد زيارة الطبيب، الذي يرجع إليه القرار في وضع الحامل بـ”دار الأمومة” قبل المخاض لمدة يومين، إضافة إلى ثلاثة أيام تقريبا بعد الولادة، حيث تستفيد من الرعاية الصحية والتغذية وعدد من المستلزمات الطبية والمساعدات.
في السياق ذاته تتكلف الأطر الصحية التابعة للوزارة بالفحص والتأطير والتتبع والإشراف على ولادة الحوامل اللائي يقمن بـ”دار الأمومة” في انتظار وصول وقت الوضع، بعد نقلهن إلى دار الولادة، التابعة للمركز الصحي بدار الشافعي بني مسكين الغربية، المجاورة للمؤسسة الاجتماعية.
استقالات بالجملة بسبب انفرادية التدبير وشبهة الاختلاس
عرف مكتب الجمعية المشرف على تسيير “دار الأمومة” عدة هزات عصفت بالعلاقات القائمة بين عدد من الأعضاء، حيث انعدمت الثقة، وبدأت بوادر الشك تظهر على البعض، وهو ما دفع أربعة أعضاء إلى تقديم استقالات متزامنة تتوفر هسبريس على نسخ منها وجهت إلى ممثل السلطة المحلية بدار الشافعي، فضلا عن شكاية إلى عامل إقليم سطات للتدخل وإنقاذ ورش ملكي اجتماعي.
وبحسب الوثائق التي تتوفر عليها هسبريس، فقد سجل الأعضاء المستقيلون ما نعتوه بـ”الاختلالات الجسيمة” في “طريقة تدبير هذا المرفق الاجتماعي، فضلا عن صرف مبلغ مالي مهم سحب باسم ابنة رئيسة الجمعية قدره 20.000.00 درهم بناء على صك بنكي (عشرون ألف درهم)، دون التشاور مع المكتب المسير للجمعية، وفتح باب التشغيل أمام الجميع، خاصة أن رئيسة الجمعية صرحت في وقت سابق بأن ابنتها مجرد متطوعة، قبل أن يتفاجأ الأعضاء بصرف المبلغ المذكور”.
وأوضح الأعضاء المستقيلون والمشتكون أن “الأمر مخالف للقانون الأساسي للجمعية، التي انضموا إليها حفاظا على استمرار الورش الملكي، وللاتفاقية المبرمة مع باقي المتدخلين”، معتبرين ذلك “خيانة للأمانة واختلاسا للمال العام، رغم تنبيهها من قبل بعض المتدخلين والشركاء من التردد المستمر لأفراد أسرتها المتمثلة في زوجها وبناتها بشكل يومي على بناية دار الأمومة، وإقامتهم بها مستفيدين من كل ما يهيّأ من وجبات الإطعام، إضافة إلى مرافقتها في كل تنقلاتها على حساب الجمعية”.
وختم المعنيون بالاستقالات والشكاية مراسلتهم إلى عامل الإقليم بأن “رئيسة الجمعية تقوم بصرف أموال الجمعية يمنة ويسرة دون حسيب ولا رقيب، في تسيير هذا الورش الملكي، متحدّية الجميع، بعد استنفاد جميع الطرق الودّية، مرددة عبارة “كلشي في خبار العمالة”.
دار الأمومة جسد بدون روح
أمام هذا الوضع المتشابك، ربطنا اتصالا هاتفيا برئيسة الجمعية المسيرة لـ”دار الأمومة” بدار الشافعي، فطلبت منا الانتقال إلى “دار الأمومة” قصد الاطلاع على الواقع الحقيقي. كما وعدت بمدنا بكل الوثائق، التي تبرّر تصرفاتها وتدبيرها، اللذين شكلا موضوع احتجاج واستنكار واستقالة من قبل باقي الأعضاء. وعللت عدم قيامها بإجراء تصريح هاتفي بكونها تتوفر على وثائق مهمة لا يمكن الحديث عنها هاتفيا، مشيرة إلى أنها غير متاحة لاستقبال الصحافة إلا بالموعد أو يومي السبت والأحد، لكونها موظفة وتستغل وقتها المتبقي في تهيئة الطعام والصلاة.
انتظرنا قدوم يوم السبت وانتقلنا إلى “دار الأمومة”: أبواب مغلقة ودار خاوية والسكون يخيم على المكان.. قبل أن يتطوع أحد المواطنين بإرشادنا إلى الحارس، الذي كان يعتني ببعض الشجيرات التي تبدو ذابلة، في غياب تام لأي عضو من المكتب المسير، الذي ينبغي أن يسهر ليل نهار على استقبال النساء الحوامل من ثلاث جماعات تابعة للدائرة الصحية بدار الشافعي.
الحارس الذي كان وحده موجودا بـ”دار الأمومة”، سارع، بعد معرفته بهويتنا، إلى ربط الاتصال برئيسة الجمعية أو مديرة “دار الأمومة” كي تحضر لأمر يهمهما، إلا أن المسكين لم يفلح في ذلك بسبب نفاد تعبئة هاتفه النقال، وظل في حيص بيص لا يعرف ما يقدم وما يؤخر.
أمام طول الانتظار عاودنا الاتصال برئيسة الجمعية قصد تمكيننا من توضيحات بخصوص الشبهات، التي شملتها الاستقالات والشكاية الموجهة إلى عامل إقليم سطات، فردّت علينا إحدى بناتها قائلة إن والدتها نسيت هاتفها بالمنزل.
وفي الأخير تلقينا اتصالا هاتفيا من رقم آخر استعملته رئيسة الجمعية، بعد نسيانها هاتفها، كما أشعرتنا ابنتها، وأكدت أنها غير موجودة ولا يمكن أن تعطي أي تصريح دون تحديد موعد، لكونها “متزوجة وامراة الراجل”، متناسية أنها رئيسة جمعية مسؤولة عن أرواح النساء الحوامل، اللائي يفاجئنهن المخاض واستقبالهن مع أزواجهن في أي وقت، فضلا عن تطوعها للعمل ليل نهار لإنجاح الورش الملكي، المتمثل في مؤسسة اجتماعية بنيت من قبل الدولة ومدعومة من مؤسساتها.
أحد الشركاء يوضح
حسن الريحاني، رئيس المجلس الجماعي لدار الشافعي، أوضح في تصريح هاتفي، باعتباره ممثل الجماعة الترابية المحتضنة للمشروع، أن المجلس يدعم الجمعية بـ 80 ألف درهم سنويا من أجل استمرار الورش الملكي وعدم توقفه مهما كانت الظروف.
وأكد الريحاني أنه تلقى عددا من الشكايات الشفهية بخصوص سوء التسيير بجمعية “دار الأمومة”، إلا أنه اعتبر ذلك بحسن النية كما قال يدخل في صراعات شخصية، إلى أن انتقلت الشكايات من الصيغة الشفهية إلى الكتابية من قبل 4 أعضاء من أصل 7، مشيرا إلى أنه فوجئ بسحب ابنة رئيسة الجمعية مبلغ 20.000.00 درهم من مالية الجمعية، رغم أنها موقعة لالتزام مصادق عليه من قبل السلطات بكونها متطوعة. وأضاف أنه وضع الالتزام رهن إشارة لجان البحث والتقصي.
وحول الإجراءات المستعجلة التي سيقوم بها رؤساء الجماعات الداعمة، أوضح الريحاني أنهم سيلتقون في اجتماع يوم الثلاثاء المقبل، وسيقترح عليهم مبادرة في إطار لجنة للتتبع وتقييم عمل الجمعية، بحضور جميع المتدخلين، للوقوف على حقيقة الأمر، واتخاذ القرار المناسب حماية للورش الملكي واستمرار خدماته طبقا للقانون.
المصدر: هسبريس