“خروقات” تدوير النفايات بالقنيطرة.. مطالب برلمانية للتحقيق في الصفقات وترتيب الجزاءات

نبه النائب البرلماني عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، مصطفى ابراهيمي، لما اعتبره، “خرقا لمسطرة طلب العروض بتغيير بنود الصفقة المتعلقة بمشروع مركز لمعالجة وتثمين النفايات الصلبة بجماعة القنيطرة”، مطالبا وزير الداخلية بفتح تحقيق في هذه “الخروقات” مع ترتيب الجزاءات على المسؤولين.
وأبرز الابراهيمي، في سؤال كتابي موجه لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، أن “مجلس جماعة القنيطرة تداول وصادق خلال الدورة الاستثنائية بتاريخ 13 مارس 2025 على الاتفاقية ودفتر التحملات المتعلقان بمشروع مركز طمر وتثمين النفايات الصلبة بالقنيطرة، بعدما خضعت الاتفاقية لمجموعة من التغييرات بالمقارنة مع الاتفاقية الواردة بطلب العروض التي أقرتها الجماعة بعد موافقة مصالح وزارة الداخلية سنة 2021.
وأشار النائب البرلماني إلى أنه “تمت المصادقة كذلك على دفتر تحملات نموذجي خالي من المعطيات المتعلقة بعرض الشركة مما يعد، وفق تعبيره، “خرقا” لقانون الصفقات العمومية والنصوص التنظيمية المتعلقة بطلبات العروض ولمبدئ الشفافية وتكافؤ الفرص بين المقاولات المتنافسة”، معتبرا أن ذلك “يضر بمصالح الجماعة ولا يخدم سوى مصالح الشركة التي رصت عليها الصفقة وقد يساهم في عدم التنزيل الفعلي للمشروع مما قد يساهم في تفاقم مشكل معالجة النفايات الصلبة بالقنيطرة”.
“خروقات” في التعديلات
ولفت المتحدث ذاته، أن هذه التغييرات شملت البنود الجوهرية للاتفاقية مشروع تثمين النفايات بمدينة القنيطرة والتي فاق عددها 12 بندا وهو ما أفرغ، حسب الابراهيمي، الاتفاقية من محتواها، ومن بين هذه البنود “إزالة إلزامية تحقيق معدل تثمين لا يقل على 30% وفقا للمادة 6 من الاتفاقية، مما يؤدي إلى تقويض الهدف الرئيسي للمشروع، وتحويل مركز التثمين إلى مجرد موقع طمر، مما يُضعف جدواه البيئية والاستراتيجية ويهدد بتحويله إلى نموذج تقليدي لمعالجة النفايات دون تثمين فعلي”.
ومن البنود أيضا، حسب الابراهيمي، ما تنص عليه المادة 37، حيث “يتم توزيع مبلغ الدعم الاستثماري البالغ 240 مليون درهم على ثلاث دفعات: 80 مليون درهم في بداية السنة الأولى، 117 مليون درهم في بداية السنة الثانية، و43 مليون درهم في بداية السنة الثالثة”.
واعتبر الابراهيمي أن هذا “التوزيع يتم دون ربطه بأي شروط تتعلق بتقدم الأشغال أو بتنزيل الاستثمارات الفعلية، ودون أخذ الضمانات المقدمة من الشركة بعين الاعتبار، مما يُخالف مقتضيات اتفاقية طلب العروض”، مشيرا إلى أن “هذا الدعم يُمثّل حوالي 60% من قيمة الاستثمارات المقترحة على مدى 20 سنة، وهو ما يُشكل التزامًا ماليًا كبيرًا ومحفوفًا بالمخاطر بالنسبة للجماعة، في حال عدم احترام المفوض له لالتزاماته التعاقدية”، وفق تعبيره.
وبموجب المادة 56، يضيف الابراهيمي، فإن “التعديلات التي أُدخلت على البنود المتعلقة بتطبيق الجزاءات جاءت في مصلحة المفوض له، إذ تتيح له تفادي العقوبات المنصوص عليها في الاتفاقية، فمثلًا، لا يمكن للمفوض تفعيل الجزاءات إذا تراكمت على المفوض له ديون ناتجة عن خدمات غير مدفوعة لمدة ستة أشهر، في حين يُلزم المفوض بأداء مستحقات المفوض له خلال أجل أقصاه شهران، مع تمكين هذا الأخير من فوائد تأخيريه في حال تجاوز الأجل”.
بالإضافة إلى ذلك، نبه النائب البرلماني إلى أن “آلية تفعيل الجزاءات أصبحت معقدة، إذ تتطلب تعدد المحاضر وتوجيه عدة إنذارات، وهو ما يُصعّب، على حد قوله، التعامل مع بعض المخالفات التي تستوجب تدخلاً فوريًا، خصوصًا ما يتعلق بإصلاح الأعطال والخدمات الحيوية.
وأشار إلى تحديد سقف للجزاءات الذي لا يتجاوز 10%، وهو بند لم يكن واردًا في بنود للاتفاقية الخاص بطلب العروض. هذا التحديد يُضعف الأثر الردعي للجزاءات، خاصة عند الإخلال بالاستثمارات الأساسية التي تُعد ضرورية لتحقيق أهداف المشروع.ويُعتبر هذا التقييد مخالفًا للمادة 54 من الاتفاقية، التي تخوّل المفوض إنهاء العقد إذا تجاوزت قيمة الجزاءات 10% من رقم المعاملات السنوي، حسب الابراهيمي.
وذكر النائب البرلماني عن البيجيدي بأن القانون رقم 0454 المتعلق بالتدبير المفوض لا ينص على تحديد سقف للجزاءات، ومن الخطأ الخلط بين هذه الجزاءات وتلك المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية، نظرًا لاختلاف الطبيعة القانونية والإجرائية لكلا الإطارين.
ووفق المتحدث ذاته، “فينص تعديل المادة 22 على تقليص أجل رد الجماعة على طلب الشركة المفوض لها بشأن إسناد جزء من الخدمات إلى مقاول من الباطن، من 30 يومًا إلى 10 أيام فقط، غير أن هذه المدة القصيرة لا تمكّن من إجراء تقييم شامل ودقيق للوثائق المقدمة، ولا للبرنامج المقترح، أو مضمون العقد، أو ملف طلب العروض، أو الميزانية المتعلقة بالخدمات المزمع تنفيذها من طرف المقاول من الباطن”، وفق تعبيره، مضيفا أن “هذا التقليص في المدة الزمنية قد يُخلّ بضمان جودة الخدمات ويُضعف الرقابة على التزامات الأطراف المتدخلة في المشروع”.
كما ينص تعديل المادة 32 من الاتفاقية على إعفاء الشركة من دفع الفوائد التأخيرية المتعلقة بتكاليف المراقبة، في حال تأخر المفوض له في أداء المستحقات، وذلك إذا تجاوز التأخير مدة شهرين، حيث أشار الابراهيمي إلى أن هذا التعديل يمنح أفضلية واضحة للشركة على حساب المفوض، حيث يُمكنها الاستفادة من الفوائد التأخيرية في حال تأخر المفوض في الدفع، دون أن تتحمل هي أية تبعات مالية إضافية مرتبطة بارتفاع تكاليف المراقبة نتيجة التأخير في الأداء.
وقد يترتب عن هذا التعديل، حسب الابراهيمي، اختلال في التوازن المالي للعقد، مما قد يُضعف التزام المفوض له بتنفيذ الخدمات وفق معايير الانضباط المالي والاستمرارية، ويؤثر سلبًا على جودة تنفيذ المشروع ومردوديته.
أما تعديل المادة 36 المتعلق بتغيير طريقة احتساب فوائد التأخير المرتبطة بتكاليف المراقبة، في حالة عدم احترام الشركة لالتزاماتها التعاقدية، وذلك من خلال اعتماد معدل الفائدة على التأخير في السداد بدلًامن معدل المردودية الداخلية المنصوص عليه في عقد طلب العروض، فاعتبره الابراهيمي لا يخدم مصالح الجماعة، نظرًا لأن معدل المردودية الداخلية يكون أعلى من معدل الفائدة على التأخير في السداد، ما يعني أن التعويض المالي عن التأخير سيكون أقل مما هو منصوص عليه في الأصل، وبالتالي يُضعف الأثر الردعي للعقوبات المالية، ويُقلص من ضمانات الجماعة في حال الإخلال بالتزامات التنفيذ.
وبخصوص تعديل أحكام المادة 40 الذي ينص على تغيير طريقة احتساب معدل التثمين والتعويضات المستحقة للشركة، وذلك باعتماد معدل سنوي يُحتسب على أساس فترة 12 شهرًا، يُقارن فيها وزن النفايات المثمنة بوزن النفايات المطمورة، بغضّ النظر عن الفترات التي قد لا يتم فيها أي نشاط للتثمين الفعلي، فأشار المتحدث ذاته إلى أن هذا التعديل يُمكّن الشركة من الاستفادة من تعويضات عن خدمات تثمين قد لا تكون قد أُنجزت خلال بعض أشهر السنة، كما هو الحال خلال فترات التوقف أو الأعطال التي لا تتدخل الشركة لمعالجتها في الوقت المناسب.
وبالتالي، يضيف المتحدث ذاته، فيتم احتساب التعويض بناءً على معدل تثمين ممتد على 12 شهرًا، بدلًا من حصره في الفترات التي تم فيها التثمين الفعلي، وهو ما يُعد، وفق تعبيره، انحرافًا عن المنهجية المنصوص عليها في اتفاقية طلب العروض، والتي تربط التعويض بالكميات الحقيقية للنفايات المثمنة.
وشدد على أن هذه تُثير المقاربة إشكالات تتعلق بعدالة وشفافية آليات التعويض، وتُضعف مبدأ ربط الأداء الفعلي بالمقابل المالي. ومن الضروري أن تكون طريقة احتساب معدل التثمين محددة بدقة، وأن تعكس الأداء الحقيقي والفعلي للشركة، لضمان تعويض عادل ومتناسب مع الخدمة المقدّمة فعليًا.
من التعديلات التي أثارها الابراهيمي، التعديل المدرج في المادة 43 الذي ينص على مراجعة أسعار خدمات الشركة انطلاقًا من السنة الأولى من العقد، عوضًا عن السنة الرابعة كما ورد في اتفاقية عرض المناقصة. هذا التعديل يُعد امتيازًا ماليًا كبيرًا لصالح الشركة، إذ يُمكنها من الاستفادة من مراجعة الأسعار خلال ثلاث سنوات إضافية، مما يُضاعف الأعباء المالية على الجماعة، خاصة في سياق اقتصادي يتميز بارتفاع معدلات التضخم.
كما ينص التعديل الجديد على أن مراجعة الأسعار تُصبح ممكنة بمجرد توقيع محضر مشترك بين الطرفين يُثبت إنجاز الأشغال، دون ضرورة التحقق من تحقيق الأهداف التعاقدية أو التأكد الفعلي من تنفيذ الاستثمارات كما هو منصوص عليه في اتفاقية طلب العروض.
وأشار إلى أن هذا التغيير يُثير مخاوف جدّية بشأن فعالية آليات التتبع والتقييم، إذ يُمكن أن يسمح للشركة بالاستفادة من مراجعة الأسعار دون الالتزام الكامل بتنفيذ المشاريع أو بلوغ الأهداف المتعاقد بشأنها، مما يُهدد بالتقليل من الأثر الإيجابي المتوقع من الاستثمارات على جودة الخدمات.
وذكر بأن القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض ينص على ضرورة التنصيص في العقد بوضوح على المبادئ المنظمة للتسعير، وآليات مراجعة الأسعار والتعويضات، بما يضمن ليس فقط الحفاظ على التوازن المالي للعقد، بل أيضًا تعزيز الأداء وتحقيق مكاسب إنتاجية ملموسة ناتجة عن تحسين التدبير وجودة الخدمات.
وفي إطار تنفيذ مقتضيات المادة 45 المتعلقة بإغلاق وتأهيل المركز، حسب الابراهيمي، ينص التعديل على تقديم المفوض له ضمانًا بنكيًا لفائدة الجماعة، يعادل 100٪ من التكلفة الإجمالية لأشغال إعادة التهيئة النهائية. ويتم استرجاع هذا الضمان في أجل أقصاه ثلاثة أشهر بعد التحقق من مطابقة الأشغال المنجزة، غير أن هذه المدة، التي لم تكن منصوصًا عليها في اتفاقية طلب العروض، اعتبرها النائب البرلماني قصيرة بالنظر إلى طبيعة أشغال الهندسة المدنية، والتي تتطلب عادة فترة متابعة لا تقل عن سنة قبل القبول النهائي، للتأكد من جودة الإنجاز وعدم وجود عيوب خفية.
ويُعتبر تحديد أجل قصير لاسترجاع الضمان تقليصًا للضمانات الممنوحة للمفوض، مما يُضعف التدابير الاحترازية التي تهدف إلى تغطية المخاطر المرتبطة بالأشغال النهائية، وخصوصًا تلك التي لا تظهر آثارها إلا بعد مرور فترة من الانجاز أو بعد التعرض للظروف المناخية، وفق المتحدث ذاته، مضيفا أن الأكثر من هذا تم تغيير مبلغ الاستثمار وهيكلة التمويل حيث يتجاوز المبلغ الإجمالي للاستثمارات المتوقعة، كما ورد في العرض المالي للمفوض له، بكثير المبلغ الذي تم التنصيص عليه في الاتفاقية المعروضة على أنظار المجلس للمصادقة. وتُعتبر هذه الوضعية في مصلحة الشركة وعلى حساب المفوض.
وأشار إلى أنه “في حال كانت قيمة الاستثمارات المنجزة أقل من القيمة المتوقعة، يتم تسجيل و إيداع الفرق بين المبلغ الفعلي والمبلغ المتوقع في حساب يُسمى “فرق الاستثمار”، وذلك وفقًا للمادة 38 من الاتفاقية في نهاية كل سنة استغلالية، لفائدة الجماعة”، معتبرا أن هذا الإجراء يمثل هذا عبئًا ماليًا إضافيًا على الجماعة، ويُخلّ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المتنافسين، خاصة أن العرض المالي الجديد المقدم من طرف الشركة يتضمن تغييرًا واضحًا في برنامج الاستثمار وهيكلة التمويل مقارنة بما تم تقديمه خلال مرحلة طلب العروض.
ويؤدي هذا التغيير، حسب الابراهيمي، إلى خلل في توازن العقد الأصلي ويعرض مالية الجماعة لمخاطر غير مبررة، مما يتطلب إعادة تقييم الأثر المالي لهذه التعديلات وضمان احترام شروط المنافسة والمساواة بين جميع المتعهدين، ناهيك عن تغييرات جوهرية أخرى والتي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم المشكلة، وتضرب نزاهة و شفافية الصفقة، وتضر بالمصالح البيئية والاقتصادية للجماعة الحضرية القنيطرة، وفق تعبيره.
وعلى ضوء هذه المعطيات، ساءل مصطفى الابراهيمي، وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، حول “إمكانية فتح تحقيق في الموضوع مع ترتيب الجزاءات على المسؤولين عن الخروقات المذكورة أعلاه في إطار قرن المسؤولية بالمحاسبة”.
كما دعا الابرهيمي للكشف عن الإجراءات المستعجلة التي ستتخذونها لمعالجة الخروقات المتعلقة بالتغييرات الجوهرية لبنود الاتفاقية المتعلقة بمشروع مركز تثمين النفايات التي صادق عليها مجلس القنيطرة في “خرق سافر” لكل المقتضيات القانونية والتنظيمية للصفقات العمومية وطلبات العروض.
المصدر: العمق المغربي