قال شادي عبد السلام، الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، إن الموقف الصادر عن وزارة الخارجية الألمانية بخصوص السفر إلى المغرب لا يُعد مؤشرا أمنيا سلبيا، بل ينبغي قراءته من زاويتين متكاملتين؛ إجرائية واستراتيجية.

ممارسة معيارية

وأوضح عبد السلام، في تصريح لجريدة «العمق»، أن بطاقة معلومات السفر الألمانية هي نشرة إرشادية تصدر بشكل دوري عن وزارة الخارجية الألمانية، وتهدف إلى تزويد المواطنين بمعلومات حول السلامة، والقوانين المحلية، والظروف الصحية في البلدان التي يقصدونها.

وأشار إلى أن هذا الإجراء معتمد لدى معظم دول العالم، بما فيها المغرب، ويستند إلى معطيات دقيقة تستقيها المصالح الدبلوماسية والاستخباراتية الألمانية، إضافة إلى تقارير من منظمات دولية.

وأكد أن هذه الإرشادات “لا علاقة لها إطلاقا بالوضع الأمني في المملكة المغربية، التي تُعد واحة استقرار وأمن وسلام في منطقة الأوروإفريقية، في وقت تعاني فيه العديد من دول المنطقة من تهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة والنزاعات المسلحة”، مضيفا أن إصدار مثل هذه النشرات “لا يعبر عن موقف عدائي، بل يدخل ضمن مسؤولية الدولة في حماية مواطنيها في الخارج”.

شريك استخباراتي في أمن أوروبا

في الشق الثاني من تحليله، شدد عبد السلام على أن التعاون الأمني والاستخباراتي بين المغرب وألمانيا يُعد ركيزة أساسية في الأمن الإقليمي الأوروبي، مذكّرا بدور الأجهزة الأمنية المغربية في توفير معلومات دقيقة للسلطات الألمانية، كما حدث قبيل هجوم برلين سنة 2016، عندما زودت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) نظيرتها الألمانية بتحذيرات بشأن المشتبه فيه أنيس العامري، وهو ما أكده المكتب الاتحادي لحماية الدستور في تقريره السنوي.

وأضاف أن هذا التعاون يشمل تبادل المعلومات، مكافحة الجريمة المنظمة، تعزيز الأمن السيبراني، وتأمين الفعاليات الدولية الكبرى، مما يجعل من المغرب شريكا محوريا لألمانيا في مواجهة التحديات الأمنية المعقدة.

وأوضح أن الشراكة بين البلدين تتجاوز مجرد تبادل المعطيات، لتشمل أيضا تحليلات استراتيجية للمخاطر وتنسيقا عملياتيا فعالا، يعزز من القدرة على الاستجابة الاستباقية للتهديدات الإرهابية والجرائم العابرة للحدود.

شراكة أمنية متقدمة

واعتبر عبد السلام أن نشرات السفر الصادرة عن ألمانيا بشأن المغرب هي في ذاتها نتيجة لمستوى التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين، لافتا إلى أن دقتها ومضمونها يعكسان تبادل معلومات عالية الجودة بين الطرفين، وليس مجرد اعتماد على مصادر مفتوحة.

وأضاف: “المغرب لا يكتفي بدور المتلقي، بل يشارك بفعالية وعلى أساس الندية في صياغة التصورات الأمنية المشتركة”، مؤكدا أن ذلك يعكس تحولا في بنية العلاقات بين الشمال والجنوب، ويضع المغرب في موقع الفاعل الأمني المتقدم، وليس فقط كدولة تتلقى التحذيرات.

وختم عبد السلام تصريحه بالتأكيد على أن العلاقات المغربية الألمانية مرشحة لتعزيز أكبر، في ظل ما تفرضه التحديات الأمنية المستقبلية، “خاصة مع الاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030، مما يستدعي أعلى مستويات التنسيق بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في البلدين”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.