خبير مغربي: الحرب بين الهند وباكستان ستكون كارثية.. واحتمالات اندلاعها تبقى ضئيلة

اعتبر المحلل السياسي، أحمد نور الدين، أن التصعيد العسكري الأخير بين الهند وباكستان، على خلفية الضربات الصاروخية المتبادلة، يعيد إلى الأذهان صراعات تاريخية متكررة بين الجارتين النوويتين، والتي تفجرت منذ استقلالهما عن الاستعمار البريطاني عام 1947، دون التوصل إلى تسوية حقيقية لجذور النزاع، وعلى رأسها قضية كشمير.
وأشار الخبير إلى أن الإقليم، المقسم بين البلدين، لا يزال يشكل بؤرة التوتر المركزية، مشددا على أن الهجوم الأخير في الشطر الهندي من كشمير، والمتهم فيه فصيل مسلح تتهمه نيودلهي بتلقي الدعم من باكستان، هو ما فجر الرد الهندي الذي استهدف 3 مواقع داخل باكستان، حيث تقول الهند إنه رد على الجماعات “الإرهابية”، بينما تعتبرها اسلام اباد خرقا للسيادة يستوجب الرد.
وشدد نور الدين على أن احتمالات انزلاق المواجهة إلى حرب شاملة تبقى ضئيلة، بالنظر إلى امتلاك الطرفين للسلاح النووي، وهو ما يجعل كلفة أي تصعيد شامل كارثية ليس فقط على البلدين بل على المنطقة برمتها، مضيفا أن “العقل الاستراتيجي” لدى القيادتين يدرك حجم المخاطر التي قد تترتب على أي مواجهة واسعة النطاق.
وتوقع المحلل أن تظل المواجهات ضمن حدود متحكم فيها، مع احتمال تنفيذ ضربات تكتيكية متبادلة، محذرا من الخطوات الاستراتيجية مثل تعليق الهند لمعاهدة مياه نهر السند، وهو ما قد يشكل في نظر أحمد تهديدا مباشرا للأمن الغذائي والمائي في باكستان، ويستدعي ردودا قد تطال منشئات حيوية كالسدود، وهو سيناريو يصفه المتحدث ذاته بـ”المحفوف بالمخاطر”.
وختم الخبير تصريحه لجريدة “العمق” بالتأكيد على أن الأزمة، رغم حدتها، ستنتهي غالبا بعودة الوضع “إلى ما كان عليه”، في ظل غياب حل دائم وشامل لنزاع كشمير المعقد وتشابك أبعاده التاريخية والدينية والجيوسياسية.
وتجدد التصعيد العسكري بين الهند وباكستان، بعد قصف صاروخي شنته نيودلهي على مواقع داخل الأراضي الباكستانية، بدعوى استهداف بنى تحتية “إرهابية”. في المقابل، توعدت اسلام اباد بالرد، وسط قلق أممي من انزلاق الأزمة إلى مواجهة شاملة.
وأعلنت نيودلهي مساء الثلاثاء الماضي تنفيذ عملية عسكرية وصفتها بـ “المركزة وغير التصعيدية”، واستهدفت من خلالها تسعة مواقع في كل من إقليم كشمير والبنجاب، مضيفة أن العملية كانت دقيقة ولم تستهدف أي منشئات عسكرية، في حين أشارت تقارير إعلامية إلى استهداف ثلاثة صواريخ لمناطق مختلفة في باكستان من بينها المطار القديم بمظفر اباد، ما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى.
جاء الرد الباكستاني سريعا، حيث أكدت القوات الباكستانية إسقاط 5 مقاتلات هندية ومسيّرتين وأسر عدد من الجنود الهنود، إضافة إلى تدمير كتيبة مشاة تابعة للقوات الهندية، فيما أكدت وكالة الصحافة الفرنسية تحطم ثلاث طائرات هندية أخرى في أراضيها لأسباب مجهولة. وبحسب رويترز، أسفر القصف الباكستاني عن مقتل عشرة مدنيين وجرح خمسة وثلاثين في الشطر الهندي من إقليم كشمير.
لاقى هذا التصعيد ردود فعل دولية وأممية، حيث دعت الأمم المتحدة الطرفين إلى أقصى درجات ضبط النفس، في حين أبدت دول عديدة قلقها، بينها قطر، والصين، وروسيا، وتركيا.
أما واشنطن فقد أشارت إلى أنها تتابع الأحداث عن كثب، مشيرة إلى اجرائها لاتصالات مباشرة مع الطرفين بغية إعادة فتح قنوات الاتصال، فيما وصف الرئيس الأمريكي الضربات الهندية بـ “المخزية”، فيما عبرت إسرائيل عن دعمها لـ “حق الهند في الدفاع عن نفسها”، في انعكاس لقوة التحالف الذي يجمع البلدين.
يعود هذا التصعيد بين البلدين إلى الهجوم الذي وقع يوم 33 أبريل الماضي بالجهة الخاضعة للسيادة الهندية من كشمير، والذي أودى بحياة 26 شخصا، ما شكل ضغطا داخليا كبيرا على الحكومة الهندية، وتوترا ديبلوماسيا لافتًا أسفر عن تجميدها لمعاهدة مياه نهر السند، فيما ردت إسلام أباد بإغلاق مجالها الجوي. حيث عجلت هذه التدابير بتحول الخلاف بين البلدين إلى تصعيد عسكري مباشر.
المصدر: العمق المغربي