علق الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نورالدين، على ما وصفه بـ”رد الفعل الجزائري المتشنج” الذي أعقب الموقف البريطاني الداعم للمغرب في قضية الصحراء، معتبرا أن هذا الرد يكشف عن حالة من الصدمة والارتباك داخل الدبلوماسية الجزائرية.

وأشار نورالدين ضمن تصريح لجريدة “العمق” إلى أن سرعة إصدار بيان وزارة الخارجية الجزائرية في نفس اليوم الذي أعلنت فيه بريطانيا عن موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء يعد دليلا على “الصدمة” وحجم “الانتكاسة” الجزائرية، خاصة وأن الأمر يتعلق بثالث عضو دائم في مجلس الأمن الدولي يعترف أو يدعم الموقف المغربي.

ولاحظ الخبير، في تحليله، “تناقضا صارخا” داخل بيان وزارة الخارجية الجزائرية نفسه. ففي الفقرة الأولى، تعبر الجزائر عن “تأسفها” لدعم بريطانيا “للمخطط المغربي” في إشارة إلى مبادرة الحكم الذاتي، بينما يتحدث البيان في فقرة لاحقة عن عدم تطرق بريطانيا “للسيادة المغربية على الصحراء” وأن بريطانيا لم تقم “بأي دعم” للمملكة المغربية. واعتبر المتحدث أن هذا التناقض “ليس بعده تناقض”، ويدل في حد ذاته على أن الجزائر “تعيش حالة من الدوخة الدبلوماسية” بسبب هول الصدمة، وفق تعبيره.

ويرى أحمد نورالدين أن هذه “الدوخة الدبلوماسية” دليل على أن الجزائر “لم يتبق لها من أوراق تلعبها، إلا الكذب في بياناتها الرسمية”، والتي ستكون “شاهدا تاريخيا على تخبطها وعلى التيه الذي تعيشه في ضوء الانتصارات المتتالية للدبلوماسية المغربية”، وعلى ضوء ما سماها المتحدث “الضربات واللكمات” التي تتلقاها الجزائر “من جميع مناطق العالم”، من كينيا إلى بريطانيا، ومن سوريا إلى البيرو، وفي ظل “العزلة المطلقة التي تعيشها الجزائر دوليا”.

وأبرز المصدر ذاته أن البيان الجزائري يتضمن كذلك “توسلا” لبريطانيا بصفتها عضوا في مجلس الأمن الدولي، بأن “تعمل على السهر على احترام الشرعية الدولية ومساءلة المغرب”. واعتبر هذا التوسل “دليل آخر على هزيمة الجزائر المدوية أمام المغرب”، مستشهدا بمقارنة رد فعل الجزائر تجاه بريطانيا بردها السابق على فرنسا المتمثل في سحب السفير والتهديد بوقف التعاون الاقتصادي ومع إسبانيا أيضا من خلال تجميد اتفاقية الشراكة وسحب السفير.

وقال إن هذا التغير في السلوك من التهديد بقطع العلاقات إلى التوسل، يدل على أن الجزائر “أدركت أنها عاجزة عن الاستمرار في سياسة صعود الجبل، والهروب إلى الأمام”، وعاجزة عن مواصلة سياسة الابتزاز التي “أثبتت فشلها لا مع فرنسا ولا مع إسبانيا ولا مع كل الدول التي حاولت الجزائر أن تبتزها”. وبالتالي، فإن هذا البيان ، حسب الخبير، “دليل على أن “النيف” الجزائري الذي تتغنى به الجزائر تم تمريغه في التراب”.

وأشار أحمد نورالدين أيضا إلى تناقض آخر في البيان الجزائري، حيث تطالب الجزائر باحترام الشرعية الدولية، بينما هي “التي تنتهك هذه الشرعية على طول الخط”. فمن جهة، تعترف الجزائر بـ”جمهورية وهمية في تندوف”، ومن جهة أخرى، تزعم أنها “تريد تقرير المصير وتريد استفتاء تقرير المصير”. واعتبر أن هذين الأمرين “متناقضان”، إذ “لا يمكن أن نطالب بتقرير مصير جمهورية قائمة الذات”. وأوضح أن المطالبة بتقرير المصير تعني أن الإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، وهذا هو وضعه القانوني لدى الأمم المتحدة، و”بالتالي نطالب بأن تقرر الساكنة مصيرها”، أما إذا اعترفت به كدولة فلم يعد هناك مجال لتقرير المصير.

ويرى المتحدث أن هذا التناقض ليس وليد اليوم، بل تعيشه الجزائر منذ عام 1976 تاريخ الإعلان عن الكيان الوهمي فوق أراضيها، وهذان أمران “لا يجتمعان ولا يلتقيان إلا في رؤوس الجزائريين وفي رؤوس الدولة الجزائرية التي أصبحت أضحوكة للعالم بهذه التناقضات الصارخة”.

كما لفت الخبير إلى أن الجزائر، وهي تتوسل بريطانيا لمساءلة المغرب والسهر على الشرعية الدولية، “نسيت أن بريطانيا نفسها لديها عدة ملفات، وليس ملفا واحدا، أمام لجنة تصفية الاستعمار أو اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة”، مثل جبل طارق وجزر الفوكلاند (المالوين).

وتساءل نورالدين باستغراب كيف يمكن للجزائر أن تطالب بريطانيا بالسهر على تصفية الاستعمار وبريطانيا نفسها تواجه مطالب تصفية الاستعمار في جبل طارق من طرف إسبانيا، وفي الفوكلاند من طرف الأرجنتين. واعتبر هذا دليلا على “ازدواجية الخطاب الجزائري”، وأن الجزائر “لا تهمها المبادئ كما تزعم، بل كل ما يهمها هو إعاقة تقدم المغرب وهدم وحدة المغرب، بغض النظر عمن ستتحالف معه حتى ولو كان مع الشيطان”. كما أن هذا التخبط “دليل على جهل الذين يكتبون هذه البيانات، ودليل على التردي والسقوط والانهيار الداخلي في جهاز الدبلوماسية الجزائرية الذي يقع في مثل هذه الأخطاء الفاضحة”.

وختم الخبير أحمد نورالدين بالقول إن هذا “الكم الهائل من التناقضات في بيان واحد وفي صفحة واحدة يؤكد أن الجزائر فقدت توازنها وفقدت بوصلة السياسة الخارجية”، وأنها “تعيش اللحظات الأخيرة من المقابلة، في انتظار صافرة الحكم والإعلان عن نهاية المؤامرة التي قادتها الجزائر طيلة نصف قرن ضد وحدة المغرب وسلامة أراضيه”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.