خبراء يوضحون خلفيات تأجيل الزيادة في الأجور بسبب المؤشرات الاقتصادية
في وقت تنتظر النقابات تفعيل بنود الالتزام الحكومي القاضية بالزيادة العامة في أجور الموظفين، ترد الحكومة في كل مناسبة أن الأمر رهين بتحسن الوضعية المالية والاقتصادية للبلاد، دون الحديث عن مؤشرات دقيقة أو الشروط المفروض تحققها من أجل مباشرة هذا الإجراء.
ويعتبر خبراء اقتصاديون أن التضخم في المغرب أضحى مستقرا، وهو ما يمكن من تفعيل إجراء الزيادة في الأجور، دون الخوف من تداعيات ذلك الاقتصادية، فيما يرى آخرون أن اللجوء إلى هذه الخطوة سيرفع من حجم الاستهلاك، وبالتالي الدخول في موجة أخرى من التضخم.
زكرياء كارتي، محلل اقتصادي، صرح لهسبريس بأن التضخم الحاصل أصبح مستقرا في المجتمع، لذلك لا يمكن القول بأن الرفع من الرواتب سيؤجج التضخم، موضحا أن المرحلة الراهنة مناسبة لتنزيل الإجراء الحكومي.
وتوقع المحلل الاقتصادي ألّا تلجأ الحكومة إلى هذا الإجراء، باعتبار حجم رواتب الموظفين المرتفع مقارنة بالناتج الداخلي الخام، حيث يبلغ حوالي 140 مليار درهم، أي حوالي 12 بالمئة من الناتج الداخلي الخام.
وأشار كارتي إلى أن تحسن الوضعية الاقتصادية بالنسبة للدولة، يعني حصول تراجع في نسبة عجز الميزانية، الذي ارتفع بشكل كبير منذ جائحة “كوفيد19” ولم يعد إلى مستواه من قبل، بالإضافة إلى استقرار التضخم.
وعن الإمكانيات المتاحة بالنسبة للحكومة من أجل الحصول على اعتمادات للرفع من الأجور، أوضح الاقتصادي ذاته أن الحكومة يمكن أن تلجأ إلى ميزانية الاستثمار، والخوصصة، والرفع من العائدات الضريبية للدولة، وفرض ضريبة على الثروة، ومحاسبة المسؤولين على عدم احترام قواعد المنافسة في قطاع المحروقات.
من جانبه، أوضح محمد جدري، باحث في الاقتصاد، أن المغرب يعيش موجة تضخم غير مسبوقة، وهو ما أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، معتبرا أن الزيادة العامة في الأجور في الوقت الراهن سترفع من حجم الاستهلاك، وبالتالي الدخول في موجة جديدة من التضخم.
وأشار جدري، في تصريح لهسبريس، إلى أنه “ليس هناك هوامش مالية لتفعيل الزيادة من جهة، ومن ناحية أخرى، فإن هذا الإجراء سيكون له أثر عكسي على الاقتصاد الوطني، وعوض الخروج من التضخم سندخل في موجة أخرى منه”.
وربط الاقتصادي نفسه القدرة على إقرار الزيادة العامة في الأجور بتحسن المؤشرات الماكرو اقتصادية خلال هذه السنة والسنة المقبلة، وذلك بانخفاض عجز الميزانية إلى حدود 4 بالمئة، وعودة نسبة التضخم إلى المستويات السابقة، أي في حدود 2 إلى 3 بالمئة، ثم إتمام أوراش الحماية الاجتماعية والاستثمار.
وقال: “بعد تحقق هذه المؤشرات، يمكن اللجوء إلى زيادة مباشرة في الأجور أو إصلاح حقيقي في المنظومة الضريبية، خصوصا في كل ما يتعلق بالضريبة على الدخل، إذ يمكن أن تشكل إعادة النظر في أشطرها زيادة غير مباشرة بالنسبة للموظفين والأجراء”.
المصدر: هسبريس