خبراء يمسكون بمفاتيح محاربة البطالة بالمغرب.. خلق الشركات وجلب الاستثمارت
اعتراف حكومي بات واضحا بتفاقم معضلة البطالة في البلاد، فمرارا تحدث وزراء عن تفاقم الأوضاع، رغم أن الحكومة الحالية رفعت وعد محاربة الظاهرة.
وعزا الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، خلال الندوة الصحافية الأسبوعية، ارتفاع نسب البطالة إلى “الظروف”، قائلا إن “الوضع ليس مرتبطا بمحدودية البرامج، بل بالظروف التي مرت منها البلاد، خاصة سنوات الجفاف المتتالية”.
وفي هذا الإطار قال يوسف كراوي الفيلالي، خبير اقتصادي رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير: “البطالة في ارتفاع باعتراف كل المؤسسات الوطنية. وحتى الحكومة اليوم أصبحت تقر بالارتفاع المهول للبطالة، إذ على المستوى الوطني فاقت نسبها 13 بالمائة، وضمن فئة الشباب فاقت 40 بالمائة. ثم هناك الأشخاص الذين يشتغلون ولا يتبعون أي تكوين وأي دراسة الذين بلغ عددهم 4 ملايين نسمة، وهي معطيات مقلقة جدا”.
وأضاف الفيلالي ضمن تصريح لهسبريس أن “الموضوع ليس فقط الموجة التضخمية التي عشناها وموجة الجفاف وندرة المياه، فهي فقط من بين الأسباب التي ساهمت في فقدان مناصب الشغل في القطاع الفلاحي، وهناك أسباب أخرى”.
وأورد الخبير ذاته أن من بين الأسباب الأخرى “استمرار اقتصاد الريع الذي لم يسمح باستمرار المقاولات الناشئة لتشغل مزيدا من الشباب”، وزاد: “نرى الإفلاس المهول للمقاولات، ما لم يخدم ريادة الأعمال والتشغيل الذاتي، وبالتالي يريد هؤلاء العمل ويبحثون عن فرص جديدة في سوق الشغل”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن “القطاع الصناعي فيه استثمارات من الحجم كبير، لكنها استثمارات أساسا في البنيات التحتية وفي المصانع الذكية التي تشتغل بالذكاء الاصطناعي، ولا تشغل العامل والأطر والأطر العليا”، معلقا: “نأتي بشركات ولكن لا نقوم ببرمجة للتشغيل في ظل غياب سياسة مندمجة للتشغيل”.
وتابع الفيلالي: “رغم تحقيق حجم مهم من الاستثمار نظل مرتبطين بتشغيل مرتبط أساسا بالقطاع الفلاحي وبالنمو المحقق، ولا نخلق فرص شغل عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص”.
من جانبه قال عبد النبي أبو العرب، خبير اقتصادي، إن “ظاهرة البطالة معقدة، فالتشغيل في نهاية المطاف هو حصيلة لأداء اقتصادي متعدد الأبعاد؛ وبالتالي لا يمكن معالجة الظاهرة بإجراءات جزئية أو بقرارات على مستوى قطاع من القطاعات”.
وأضاف أبو العرب، ضمن تصريح لهسبريس، أن “إحداث فرص للشغل وتحقيق ما يسمى التشغيل الكامل في اقتصاد معين هو نتيجة تلقائية للأداء الجيد لهذا الاقتصاد على جميع المستويات”، مردفا: “الدول المتقدمة التي تعرف حالة من التشغيل الكامل تجد لديها اقتصاديات متكاملة وفعالة في جميع الاتجاهات وعلى كافة المستويات، بدءا بمستوى النمو الذي يكون محترما بالنظر إلى حجم هذه الاقتصاديات، وأيضا في ما يتعلق بالتدبير الحكومي للإجراءات المشجعة لسوق الشغل ولخلق مناصب شغل تجدها فعالة”.
وأضاف الفاعل الاقتصادي ذاته: “التشغيل وبكل بساطة عمل تقوم به الشركات، فإذا كانت لديك شركات بالحجم والعدد الكافي فبكل تأكيد هذا سينتج عنه التشغيل بشكل تلقائي؛ فلدينا بلدان اليوم تحتاج إلى يد عاملة وتستوردها من بلدان أخرى، في حين أن لدينا بلدانا لديها فائض في اليد العاملة، والفارق هو دينامية الاقتصاد ودينامية الشركات المستوطنة في هذه الدول”.
وشدد الخبير ذاته على أن “الحكومة بكل بساطة مطالبة بأن ترفع من دينامية الاقتصاد الوطني، وخلق الشركات، وأن تفتح مجالات اقتصادية جديدة”، متحدثا عن ضرورة “جلب استثمارات خارجية إضافية من حجم أكبر، لأن الاستثمارات الخارجية اليوم التي تدخل إلى المملكة هي في حجم متواضع”، وتابع: “إذا نحن في حاجة إلى أن نرفع من الدينامية الاقتصادية في المجالات الفلاحية والصناعية والخدماتية والسياحية”.
ونبه أبو العرب إلى أن “لا يجب التقليل من أهمية أي مجال أو أي قطاع في ظل التراجع الذي يعرفه القطاع الزراعي والجفاف الذي ضرب المملكة منذ سنوات”، خاتما: “العالم القروي وحده يشغل 40 في المئة من الطبقة النشطة، وفي ظل هذه الحالة المناخية الصعبة التي باتت دائمة بالنسبة للمملكة فالحكومة مطالبة بأن تجد بديلا عن القطاع الفلاحي، وبالتالي يجب أن تفكر في أنشطة بديلة في العالم القروي وفي إمكانات للري تأخذ بعين الاعتبار مسألة ندرة المياه”.
المصدر: هسبريس