خبراء: "الإسلام السياسي" يعيش الكُمون.. و"الإخوان" يستغلون "طوفان الأقصى"
أجمع خبراء وأكاديميون عرب على أن جماعات الإسلام السياسي حاضرة بقوة في الحياة والمجتمعات العربية وتعيش مرحلة كمون، مؤكدين أن عملية “طوفان الأقصى” زادت من أشكال التعبئة الدينية لفائدة هذه الجماعات؛ وعلى رأسها الإخوان المسلمين بمصر.
وتقاطعت آراء عدد من الخبراء في ندوة “الحركات الدينية والحقل السياسي.. أي مصير؟”، التي نظمت في إطار فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الخامسة والأربعين على مدي يومين.
وتوقع نبيل عبد الفتاح، الباحث المصري في الإسلام السياسي، بعد طوفان الأقصى “تزايد أشكال التعبئة الدينية ذات الطابع السياسي التي تمارسها جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من بعض السلفيين الجهاديين”، معتبرا أن هذه التعبئة ربما تفتح الباب أمام “وقائع بسيطة؛ التصور العام يفيد بأنه يمكن احتواؤها بسرعة، لكنها تنفجر وتؤدي إلى اتساع نطاق الانتقاضات الجماهيرية”.
وأضاف الباحث المصري أن هذا السيناريو المتاح بعد طوفان الأقصى يتعلق ببعض الدول العربية التي تواجه عسرا نتيجة “تفاقم الخلل الهيكلي في هذه البلدان وانعكاساتها على مستوى العيش وتزايد معدلات الفقر واتساع الفجوات الاجتماعية”.
واعتبر عبد الفتاح أن الحديث عن صعود وانحصار تيارات الإسلام السياسي في مصر أو السودان أو تونس أو الأردن في حقيقة الأمر “أقرب إلى الخطاب الإعلامي الموجه منه إلى حقائق موضوعية”، مؤكدا أن هناك توظيفا سياسيا ودينيا “مفرطا” لعملية طوفان الأقصى من قبل جماعة الإخوان المسلمين ومن العاطفين عليها على الحياة الرقمية.
وزاد الباحث ذاته موضحا أن هناك “تمددا قاعديا ناعما في الأرياف وهوامش المدن في مصر، بالإضافة إلى توظيف قديم جديد لنظام الزي، بالنسبة للمرأة لاعتبارات يرى أنها “لا ترتبط بمفهوم الحشمة والأخلاق، وإنما بتوظيف ترميزي للمجال العام وأسلمته”.
وأشار عبد الفتاح إلى أن هناك “كمونا سياسيا نسبيا على مستوى التنظيم في ظل المحاكمات القضائية التي واجهت قيادة الجماعة؛ لكن ثمة تحرك قاعدي ناعم في الفئات الأكثر عسرا في الأرياف وهوامش المدن، تنشطها فئات وكوادر غير معروفة بجماعة الإخوان المسلمين”.
من جهته، تحفظ نصر عارف، مستشار رئيس مجلس المجتمعات المسلمة بالإمارات العربية المتحدة، على استعمال مصطلح جماعات الإسلام السياسي، واستبدله بـ”جماعات التوظيف السياسي للإسلام”، موضحا أن الإسلام “حضارة عظيمة، وهي أكثر حضارات العالم قدرة على الاستمرار والأكثر استيعابا لباقي الحضارات وحملا لها”.
وأشار عارف إلى أن الكثير من الباحثين “يخلطون ما بين الإسلام وبين جماعات الإسلام السياسي؛ إما دفاعا وإما هجوما، وإما يطالبون باستمرار الإسلام السياسي للحفاظ على الإسلام أو القضاء على الإسلام حتى نبقي على الإسلام السياسي”.
وأكد الخبير ذاته أن النموذج الإسلامي للحكم على مر التاريخ يقوم على “أولوية المجتمع لا على أولوية الدولة”، معتبرا أن الإسلام جاء لـ”يؤسس مجتمعا وليس ليؤسس دولة”.
وزاد الأكاديمي ذاته مبينا أنه “لا يوجد شيء اسمه نظام سياسي في الإسلام، بل هناك نظام سياسي يفرزه كل مجتمع وفقا لاحتياجاته”، مطالبا بضرورة التمييز بين المؤسسات الطبيعية التي تؤسس طبقا لاحتياجات المجتمع وبين المؤسسات المصطنعة التي يؤسسها بعض الأفراد طبقا لأفكار أو ترجيحات خاصة؛ وهذا التمييز بين المؤسسات الطبيعية وبين المصطنعة يحتاج إلى دراسة وتدقيق”.
وشدد عارف على أن المجتمعات العربية تحتاج إلى المحافظة على “المؤسسات الطبيعية والنظر بعين الاعتبار في المؤسسات المصطنعة؛ لأن كثيرا منها يؤدي إلى تفكيك المجتمع”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أنه “ليس هناك مؤسسة رأسية إلا الدولة؛ لأنها تشمل جميع قطاعات ومجالات الحياة”، مبرزا أن المؤسسة الرأسية تقدم “هيكلية وكيانية مستقلة وكأنها دولة داخل الدولة، ومن أخطر ما وجد في التاريخ الإسلامي هو المؤسسات الرأسية وليس الأفقية التي تبقى مؤسسات وظيفية”.
وحث عارف على أهمية التمييز بين الجمعية وبين الجماعات، مفسرا أن الجمعية “مؤسسة أفقية؛ فيما الجماعة مؤسسة رأسية”، واعتبر أن حركات التوظيف السياسي للإسلام “مؤسسات رأسية منافسة للدولة تجعل التنظيم فوق الدولة، والجماعة فوق الأمة”، وفق تعبيره.
بدوره، اعتبر محمد بشاري، أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، أن ظهور جماعة الإخوان المسلمين “لم يكن استجابة طبيعية أو ضرورية لسقوط الخلافة العثمانية؛ بل كان نتاجًا لتشابك معقد بين الظروف السياسية الداخلية في مصر والدور الذي لعبته القوى الاستعمارية”.
وسجل بشاري أن الجماعة “لم تسعَ إلى إحياء الخلافة الإسلامية بالمعنى التقليدي؛ بل إلى بناء كيان سياسي ديني يخدم مصالح القصر الملكي في مواجهة القوى الوطنية”، مؤكدا أن “استخدام العنف في تصفية الخصوم يؤكد أن أهداف الجماعة كانت بعيدة كل البعد عن الأسس التي قامت عليها الخلافة الإسلامية التقليدية”، حسب تعبيره.
خبراء: “الإسلام السياسي” يعيش الكُمون.. و”الإخوان” يستغلون “طوفان الأقصى” .
المصدر: هسبريس