اخبار المغرب

حوارات بالعاصمة القطرية تفضح “سجون الأسد” وتناصر صيانة الهوية

سلّطت الجلسات الحوارية الختامية من القمة الافتتاحية لمبادرة “بالعربي” الضوء على عذابات السجناء السوريين، من خلال قصة “طالب اعُتقل ظلما بتهمة رائجة في عهد “آل الأسد”، هي معارضة النظام، ثم غادره ليصير حاليا باحثا في علم المناعة بجامعة أمريكية”. كما كشفت للحاضرين عن “خط دفاع عن الهوية العربية من خلال تعريب العلوم، وبالتحديد الطبية”.

وتخللت الجلسات التي مهرت بعرض فني لرسم الخط العربي الأصيل بالضوء للتونسي كريم جبّاري، بعث رسائل مهمة بأن المهن التقليدية العربية “لا يمكن أتمتتها، أو إحلال الآلة محل العنصر البشري فيها، بما أنها خزان حكايات ودلالات ثقافية عديدة، كما الحال بالنسبة للتطريز البحريني”.

“تُذمر” وهارفارد

براء السراج، معتقل سوري سابق في “سجون الأسد” زميل باحث في علم المناعة بجامعة “هارفارد”، حكى للحاضرين “كيف استطاع أن يُتابع (يصمد) لمدة 12 سنة في سجني تُذمر وصيدنايا، بعد اعتقال دون تُهمة”، مفيدا بأن “الصدمة في هذه الحكاية كانت لحظة الاعتقال من جامعة دمشق وأنا ما زلت حينها طالبا سنة 1984”.

وأفاد السراج، وهو يمضي في حكايته “امتصاص الصدمة”، بأنه اعتقل بعد البصم على تقرير لم يطلع عليه، “مع صكّ اتهام بمعارضة النظام؛ رغم أني لم أنتقد الأخير يوما ولو بحرف واحد”، مضيفا في عبارات تلخص مشاهد واقعية تكاد تُطابق نصوص أدب السجون أن “حفلات التعذيب في سجن تذمر كانت ترفض التوقف، حتى إن سجن صيدنايا قبل أن يتحوّل في عهد بشار إلى مسلخ، كان حلما لنا”.

“سجن تُذمر برزخ لا كتب ولا اتصال فيه مع العالم الخارجي. أكثر من ذلك، فإن الاكتئاب فيه ترف؛ لأن رعب المكان لا يترك مجالا لأي خيارات أخرى”، يقول السراج، مفيدا بأن منحنى الأمل لديه “ظلّ يتذبذب دائما، لكنه لم يهبط يوما عن 50 في المئة”.

وأضاف المتحدّث الذي تخرّج سنة 2006 ليلتحق لاحقا “بهارفارد” الأمريكية، أن “القرآن ربيع القلب هو ما أنجاني خلال هذه الفترة العصيبة (…) لقد حررني خارج الزمان”، مردفا: “عبر الأجزاء الثلاثين للمرجع الأسمى للغة العربية، كنت أعرف أيام الشهر”.

عُلوم تُعرّب

مما استله القائمون على مبادرة “بالعربي” من قصص الأفكار الملهمة للعرب، تلك التي بدأت بالسؤال: “لماذا لا يوجد محتوى علمي (خصوصا طبي) باللغة العربية؟”، للدكتور الأردني ليث جعار، حيث عاد الأخير بالحاضرين إلى مشهد أستاذ جامعي يسأل وزملائه في كلية الطب حيث يدرسون عن “الرابط بين عدد المقالات المكتوبة بالعربية على ويكيبيديا ونحن (العرب)، وكذا جودة البحث العلمي بلغة الضاد وهويتنا”.

ولفت علاونة، وهو يُقدّم “خط الدفاع عن الهوية”، إلى أن “هذا السؤال نشأ عن استفزاز إحصائية تفيد بأن 11 مليون إنسان في دولة اسكندنافية يكتبون علميا أجود منا نحن العرب، الذين قوامنا أكثر من 400 مليون نسمة”، مفيدا بأنه “جاء ليهز رؤيتنا نحن الذين كنا نجهد لتطوير مستوياتنا في الإنجليزية، بما أنها لغة الزمن”.

هذه الحادثة كانت بذرة فكرة “بالعربي” (تحمل اسم التظاهرة ذاته)، التي “انطلقت في يوليو 2015، محتوى علمي باللغة العربية، لتواجه باكرا تحدي غياب التمويل”. ولذلك سيعمل المتحدّث في “بالعربي” ورفاقه على “طباعة القمصان وبيعها للمحبين (…) ما أدى إلى استقطاب 1200 متطوّع”.

وأنتج القائمون على “بالعربي”، وفق علاونة، “آلاف المقالات الطبية باللغة العربية؛ ثم تم افتتاح الموقع الإلكتروني الأول للمبادرة”، مفيدا بأنها “توسّعت لاحقا لتشمل كليات العلوم والثقافة والزراعة وغيرها”؛ كما “أنشأت عدة فروع في دول عربية، في مقدمتها فلسطين”.

مهن ترفض “الأتمتة”

أما شوق العلوي، مستشارة ثقافية من البحرين، فقاربت “الحاجة للمهن اليدوية في زمن تنجز فيه الآلة كل الأشغال بأقل تكلفة زمنية”، كاشفة أن قصتها بدأت، وكانت حينذاك مسؤولة بقطاع الحرف في البحرين، بملاقاة سميحة، مؤطرة ورشة لحرفة “النقدة” (تطريز باستخدام صفائح معدنية).

وقالت العلوي وهي تُبرهن لجمهور “بالعربي” أن “المهن هوية”: “حتى تلك اللحظة، كنت أظن أني أعرف الكل عن هذا المجال (…) لكن بملاقاتها أدركت أني لم أكن أدري إلا الموثّق أكاديميا عنه”، مشددة على أن “هذه الحرفة لا يمكن أتمتها”.

“كنت بصدد تأهيل صف جديد من الحرفيين في مهن تجابه خطر الاندثار، وكان الفضول يستبد بي لدخول هذه الورش”، تضيف المتحدّثة عينها، مفيدة بأن لدى دخولها ورشة “النقدة”، التقطت أن “الدرس يبدأ بسماع أسماء “الغرزة” التي تُمتح من أشكالها، وفي هذه الورشة لم تكن تتوقف الأصابع عن العمل”.

كما تعلّمت من “حلقة ورشة النقدة” “الكثير عن جغرافيا البلاد ولهجاتها”، خصوصا أنها “تتضمّن سرد الكثير من الحكايات”. وخلصت إلى أن “تدوين الحكايات صيانة للهوية، وأن حكايات كثيرة توارت بفعل انقراض عدة عتيقة كصياغة الذهب تقليديا”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *