حماية وحرية الصحافة بين مناطق المقاومة وأراضي السلطة
قام الجيش الصهيوني يوم الأحد الماضي باقتحام مكتب قناة الجزيرة بمدينة رام الله عاصمة السلطة الفلسطينية، بحيث تم إغلاق المقر بشكل كامل بعدما عبث الجنود الصهاينة ببعض محتوياته وخاصة صورة الصحفية الشهيدة شيرين ابو عاقلة التي مزقت ، ومنع أطقمها الصحفية من العمل داخل أراضي الضفة الغربية، ومصادرة كل أجهزة التصوير والبث الموجودة بالمكتب ونقلها بالشاحنات.
تأتي هذه الخطوة الإجرامية في حق الصحافة والإعلام ، وقد سبق أن منعت الجزيرة من العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 الصيف الماضي، وتم سحب تراخيص صحفييها وتقييد تحركاتهم رغم كل التنديد الدولي الذي أثاره هذا القرار حتى من قبل أقرب حلفاء الكيان الصهيوني وأشدهم دفاعا عنه.
فيما بقي المكتب الوحيد لقناة الجزيرة الذي مازال يشتغل بكل حرية هو مكتب غزة، رغم المخاطر الكبيرة المحذقة به والتي وصلت إلى حد الاغتيال المباشر للمراسلين والمصورين والتقنيين كما وقع للصحفي الشهيد اسماعيل الغول، ومن قبله المراسل وائل الدحدوح الذي أبيدت عائلته في غزة وأصيب هو بجروح بليغة في جسمه وذاكرته ومستقبله.
لأن قناة الجزيرة أكبر من أن تحول دون أدائها لرسالتها أية موانع، فإن تغطيتها غير المنقطعة لطوفان الأقصى والحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني في غزة ، ومنذ حوالي الأسبوع الحرب على الشعب اللبناني، مازالت مستمرة وتعتبر مصدرا ومرجعا للخبر لدى الجمهور العربي الواسع وحتى بعض وسائل الإعلام الأخرى. فقد استمرت الجزيرة في عملها الميداني بأراضي الضفة الغربية الخاضعة شكليا للسلطة الفلسطينية وأراضي 48 المسماة دولة اسرائيل، لكن من دون أن يحمل الميكروفون أو الكاميرا علامتها الذهبية المميزة، بل وحتى من دون أن يحمل المراسل لقب مراسل الجزيرة ، وإنما يدعى صحفي بصيغة نكرة تعكس حجم التضييق والقمع الذي يمارسه الصهاينة على وسائل الإعلام كافة وفي مقدمتها المنابر الإعلامية الجادة وذات المصداقية والصيت الذائع.
يقع هذا في مناطق السلطة الفلسطينية بل وفي عقر مقرها مدينة رام الله، الشيء الذي يعكس حقيقة وحجم الوجود الفعلي لسلطة عباس أبو مازن على أرض الواقع ، مما يبين بشكل جلي أنه لا قرار لها ولا دور فعلي سوى قمع وملاحقة شباب المقاومة في الضفة الغربية وتسريب كل معلومة تخصهم للصهاينة في إطار ما يسمى بالتنسيق الأمني.
بالمقابل ورغم كل انواع الحصار والحرب المستمرة منذ سنة كاملة ، مازالت أطقم الجزيرة وغيرها من القنوات الأخرى ، بما فيها بعض القنوات المتحاملة على المقاومة، تشتغل بكل حرية وأمان في قطاع غزة الصامد ، ولا تخشى أي خطر سوى خطر الاستهداف المباشر المتعمد من طرف القوات الصهيونية البرية والجوية، شأنها في ذلك شأن كل الأبرياء العزل من أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة الأباة.
إن السلطة الفلسطينية برام الله التي لا تظهر قوات أمنها إلا عندما يتعلق الأمر بملاحقة شباب المقاومة البواسل في الضفة، أو قمع التظاهرات الشعبية المساندة لقطاع غزة وللمقاومة، أو لتفكيك العبوات التي تصنعها سواعد رجال المقاومة والموجهة ضد جنود وٱليات العدو . بينما قوات ومستوطني الصهاينة يعربدون في المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية بالقدس والخليل وبيت لحم ، ويطال رصاصهم الطائش كل مدني فلسطيني بالضفة، وتمس قراراتهم العنصرية أفراد ونخب ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية بالضفة، حري بها أن تتبرأ من مهمة ووظيفة تمثيل الشعب الفلسطيني ورعاية شؤونه ، وتتركها لمن هو أقدر بها ، ألا وهو المقاومة الفلسطينية الباسلة في الضفة الغربية وقطاع غزة الشامخ.
المصدر: العمق المغربي