حكم قضائي ينتصر لسيدة مغربية رفضت أداء أقساط قرض بنكي لاقتناء السكن

أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط حكمًا قضائيًا يقضي برفض دعوى أحد البنوك ضد مقترضة توقفت عن سداد أقساط قرض بنكي، معتبرة أنها لم تستفد فعليًا من القرض بسبب إخلال الموثقة بإجراءات شراء شقة سكنية من قبل المقترضة.
ورفع البنك دعوى قضائية ضد المواطنة، مطالبًا إياها بأداء مبلغ 587,369.31 درهم، وهو مجموع أصل الدين والفوائد القانونية والاتفاقية، بالإضافة إلى فوائد التأخير والمصاريف القضائية وتعويض عن التماطل، مستندًا في دعواه إلى عقد القرض الموقع بين الطرفين، مدعّمًا طلبه بكشف حساب وجداول استهلاك القرض.
في المقابل، دفع محامو المدعى عليها بعدم قبول الدعوى لعدم استيفائها شرط الوساطة المنصوص عليه في المادة 111 من قانون حماية المستهلك، مؤكدين أن عدم أداء الأقساط ناتج عن عدم تسلم المقترضة لمبلغ القرض فعليًا، حيث تم تحويل المبلغ إلى الموثقة المكلفة بإتمام إجراءات شراء العقار، إلا أن الأخيرة أخلّت بالتزاماتها وتبين لاحقًا أنها أدينت بجريمة خيانة الأمانة.
بعد دراسة القضية، اعتبرت المحكمة أن اللجوء إلى الوساطة منصوص عليه فقط في حالة تسلُّم المقترض للقرض ثم تعثره في الأداء، وهو ما لم يتحقق في هذه الحالة، حيث لم تستلم المدعى عليها المبلغ ولم تستفد منه بأي شكل، لترفض المحكمة بناءً عليه دفع البنك بعدم استيفاء الوساطة، مؤكدة أن الدعوى قُدّمت وفق الإجراءات النظامية.
أما في موضوع الدعوى، فقد شددت المحكمة على أن أداء الأقساط مشروط بالاستفادة من مبلغ القرض، وحيث إن المدعى عليها لم تحصل على المبلغ، فلا يوجد مبرر قانوني يلزمها بالأداء. وبذلك، تم رفض طلب البنك بإلزام المدعى عليها بسداد الأقساط.
وفيما يخص الطلب المضاد الذي تقدمت به المدعى عليها، والرامي إلى بطلان عقد القرض بسبب خطأ جسيم ارتكبه البنك عند تحويل الأموال إلى الموثقة قبل استكمال إجراءات البيع، قضت المحكمة برفض الطلب، معتبرة أن ما وقع لا يندرج ضمن الحالات القانونية التي تستوجب البطلان وفقًا لقانون الالتزامات والعقود.
انتهت المحكمة إلى رفض كل من الطلب الأصلي للبنك والطلب المضاد للمقترضة، وتحميل كل طرف مصاريف الدعوى الخاصة به. ومن شأن هذا الحكم أن يفتح الباب لمزيد من التدقيق القانوني في ممارسات الإقراض، كما يمثل انتصارًا هامًا لحماية حقوق المستهلكين في التعاملات المالية.
من جهته، اعتبر دفاع المدعى عليها، المحامي بهيئة الرباط، أمين الحمداني، أن هذا القرار يعكس اجتهاد القضاء المغربي في تكريس حقوق العملاء وضمان الشفافية في المعاملات البنكية، لتأكيده على ضرورة احترام المؤسسات البنكية لالتزاماتها القانونية، خاصة فيما يتعلق بإدارة القروض والعقود المصرفية.
وشدّد الحمداني في تصريح “لجريدة العمق”، على أن هذا الحكم خطوة إيجابية نحو تعزيز العدالة المالية، حيث أقر بأن قيام المؤسسة البنكية بتحويل مبلغ القرض المخصص لتمويل شراء شقة سكنية للموثق دون مراعاته للشروط الإجرائية والاحترازية المؤمنة للمعاملة البنكية المعمول بها بمناسبة كل قرض سكني.
وتتضمن الشروط الاحترازية وفق المتحدث “أن البنك لا يعطي للموثق مبلغ القرض إلا بعد إنجازه عقد البيع النهائي ورهن العقار وانتقال الملكية، وفي حال ثبوت تحويل القرض من طرف المؤسسة البنكية لفائدة الموثق وقيام هذا الأخير باختلاس مبلغ القرض، فلا يحق للمؤسسة البنكية مطالبة الزبون بأداء أقساط القرض لكون هذا الأخير لم يستفد من القرض.”
المصدر: العمق المغربي